أمريكا على خط الشغور الرئاسي بلبنان.. اتهامات وروشتة علاج
في بلد فشل برلمانه 11 مرة في انتخاب رئيس "صنع في لبنان"، بات الكرسي الشاغر منذ قرابة ستة أشهر أحد عوامل استمرار الأزمة الاقتصادية والسياسية، لما يشهده من مساومات محلية، وصمت دولي.
ذلك المشهد يغذيه الانقسام الشديد بين القوى السياسية في البلد الآسيوي، وعدم اتفاقها على مرشح للمنصب الرفيع، الذي بات شاغرًا منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون.
ومع استمرار الشغور الرئاسي وعجز البرلمان ومراكز القوى فيه على الاتفاق على مرشح، وسط شد وجذب من قبل حزب الله اللبناني الذي يحاول تمرير مرشحه، دخلت الولايات المتحدة الأمريكية على خط الأزمة ببيان ومطالبات، أملا في "إنقاذ" البلد الآسيوي، البلد الغارق في جمود سياسي وأزمة اقتصادية طاحنة.
فكيف تدخلت؟
حضت الولايات المتحدة، البرلمان اللبناني على انتخاب رئيس للجمهورية بعد مرور ستة أشهر على شغور المنصب الأول في هذا البلد.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في بيان إن "الولايات المتحدة تدعو القيادات السياسية في لبنان للتحرك بشكل عاجل لانتخاب رئيس لتوحيد البلاد وإقرار الإصلاحات المطلوبة على وجه السرعة لإنقاذ الاقتصاد من أزمته"، مضيفًا: "على قادة لبنان عدم وضع مصالحهم وطموحاتهم الشخصية فوق مصالح بلدهم وشعبهم".
وتتولى حكومة تصريف أعمال بصلاحيات محدودة إدارة البلد منذ مايو/أيار من العام الماضي، في أعقاب انتخابات نيابية لم تفرز غالبية واضحة لأي طرف.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فشل البرلمان اللبناني 11 مرة في انتخاب خلف له جراء انقسامات سياسية عميقة.
مطالب أمريكية
وأعرب ميلر في البيان عن "اعتقاد الولايات المتحدة بأن لبنان يحتاج إلى رئيس متحرر من الفساد وقادر على توحيد البلاد (...) وتنفيذ إصلاحات اقتصادية أساسية على رأسها تلك المطلوبة لتأمين اتفاق على برنامج مع صندوق النقد الدولي".
وأكد ميلر في البيان أن "الحلول لأزمات لبنان السياسية والاقتصادية يمكن أن تأتي فقط من داخل لبنان وليس المجتمع الدولي".
وأعلن حزب الله الذي يتمتع بهيمنة على الحياة السياسية في لبنان دعمه مع حلفائه لوصول النائب والوزير السابق سليمان فرنجية المقرب من سوريا إلى سدة الرئاسة في لبنان، إلا أن قراره لم يجد تأييدًا من القوى السياسية الأخرى.
وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في مارس/آذار الماضي: "المرشح الطبيعي الذي ندعمه في الانتخابات الرئاسية هو الوزير (السابق) سليمان فرنجية".
ومع ذلك، فإن العديد من الأحزاب السياسية، بما في ذلك القوات اللبنانية المسيحية وحزب الكتائب، تعارض بشدة انتخاب فرنجية، الذي تعتبره حليفًا وثيقًا لحزب الله.
وكان الأمين العام للحزب حسن نصرالله قد صرّح في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنه يريد من أي رئيس يتم اختياره أن يكون "غير خاضع للولايات المتحدة" و"مطمئن للمقاومة"، في حين كان نوابه يصوتون بأوراق بيضاء خلال جلسات انتخاب الرئيس.
وعقد ممثلو خمس دول معنية بالشأن اللبناني بينها فرنسا والولايات المتحدة والسعودية اجتماعاً في باريس في فبراير/شباط من أجل مناقشة الوضع في لبنان، من دون تحقيق أي تقدّم.
اتهامات أمريكية
وتقول صحيفة "المونيتور" الأمريكية، إن أعضاء بارزين في مجلس الشيوخ الأمريكي اتهموا حزب الله وحلفاءه بتدبير المأزق السياسي في لبنان.
ومع استمرار الجمود السياسي في إعاقة انتخاب رئيس في لبنان بعد ستة أشهر من الفراغ الرئاسي، حث أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي إدارة بايدن على دعم المرشحين للرئاسة الذين سيكونون مسؤولين أمام الشعب اللبناني.
وفي رسالة إلى الرئيس جو بايدن الأسبوع الماضي، أعرب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بوب مينينديز (ديمقراطي من نيوجيرسي) والعضو البارز في اللجنة جيم ريش (جمهوري من ولاية أيداهو) عن مخاوفهما بشأن الجمود السياسي الذي اتهموا حزب الله بهندسته.
وجاء في الرسالة: "من المثير للقلق أن نرى استخدام عملية اختيار الرئاسة في لبنان كعقبة في وجه حكومة قادرة وذات صلاحيات".
وحث السيناتوران رفيعا المستوى من الحزبين البيت الأبيض على "التأكيد الواضح على الحاجة الملحة لتشكيل حكومة لبنانية ملتزمة بالحكم بشفافية ومعالجة احتياجات الشعب اللبناني، بدلاً من إثراء المقربين أو تمكين حزب الله من عرقلة الديمقراطية اللبنانية أكثر".
ودعت الرسالة إلى نهج إقليمي "لدعم عملية ديمقراطية شرعية ومرشحين رئاسيين، على عكس الرؤساء السابقين، يظهرون القدرة على خدمة شعب لبنان والمحاسبة أمامه".
دور فرنسي
وابتعدت إدارة بايدن عن دعم مرشح في لبنان، لكن فرنسا تعمل من وراء الكواليس واستضافت فرنجية الشهر الماضي في محاولة للتوسط في صفقة شاملة.
ورغم ذلك، إلا أن باريس نفت قبل أيام تسمية أي مرشح بعينه. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير ليجيندر للصحفيين: "فرنسا ليس لديها مرشح في لبنان (..) الأمر متروك للفاعلين اللبنانيين لتحمل مسؤولياتهم وكسر الجمود السياسي لانتخاب رئيس جديد بسرعة".
وليست هذه هي المرة الأولى التي يصاب فيها لبنان بالشلل السياسي، بحسب صحيفة "المونيتور"، التي قالت إن ذلك يرجع إلى نظامه السياسي القائم على الطائفية وتأثير الخصوم الإقليميين في البلاد.
وكان لبنان أيضًا بلا رئيس دولة لأكثر من عامين قبل انتخاب عون في عام 2016. ووفقًا لاتفاقية تقاسم السلطة لعام 1943 المعروفة باسم الميثاق الوطني، يجب أن يكون رئيس لبنان مسيحيًا مارونيًا ورئيس الوزراء مسلمًا سنيًا.
aXA6IDMuMTQ1LjEwOC40MyA= جزيرة ام اند امز