"محلك سر".. الشغور الرئاسي بلبنان على أعتاب شهره السادس
"محلك سر".. هذا هو حال الحراك الرئاسي في لبنان، الذي ما زال يراوح مكانه منذ بدء الشغور الرئاسي الذي يقترب من دخول شهره السادس.
واستأنف الحراك الرئاسي في لبنان دورانه، باتجاه تحركات قوى معارضة للتنسيق والتوافق بينها على مرشح للرئاسة تتوافر فيه المواصفات السيادية والإنقاذية، ويحظى بدعم الأكثرية النيابية، في وقت يهدد حزب الله وحلفائه باستمرار "الفراغ" في حال لم يصل مرشحهم سليمان فرنجية لقصر بعبدا الرئاسي.
وفشلت القوى السياسية في البلد الغارق في أزمة اقتصادية، على مدار 11 جلسة عقدها مجلس النواب، في انتخاب رئيس جديد منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حينما غادر ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر القصر الرئاسي بعد انتهاء فترته الرئاسية، بسبب غياب التوافق بين الكتل، حيث لا يمتلك أي فصيل سياسي القدرة منفردا على تأمين الفوز لمرشحه.
وخلال الجلسات الـ11 بمجلس النواب اللبناني، برز اسم النائب ميشال معوض كمرشح وحيد لبعض قوى المعارضة، لكنه لم يستطع تجاوز عدد النواب اللازم لانتخابه رئيسا، ما دفع تلك القوى للبحث عن بدائل لمحاولة كسر جمود الاستحقاق الرئاسي.
ويتطلب الفوز برئاسة لبنان، الحصول على ثلثي أصوات أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 128 عضوا في الجولة الأولى للانتخاب، أو الحصول على 65 صوتا في الجولة الثانية للانتخاب بنفس الجلسة، شريطة وجود ثلثي (86 عضوا) أعضاء المجلس داخل الجلسة، وهو ما لم يتحقق خلال الجلسات التي عقدت.
وقال النائب فادي كرم عضو تكتل "الجمهورية القوية"، التكتل النيابي لحزب القوات، لـ"العين الإخبارية" إن : "حزب القوات يجري اتصالات حثيثة مع كافة أطراف المعارضة، فيما لا يزال مرشحنا هو النائب ميشال معوض إلى أن يتم التفاهم على مرشح له حظوظ أكبر".
وكشف كرم عن أن هناك تحركات للاتفاق على مرشح أو أكثر، يحمل صفات سيادية وإنقاذية، موضحا أنه من بين الأسماء المطروحة النائب السابق صلاح حنين وآخرين.
وقال القيادي في حزب القوات إن "المعارضة جاهزة للانتخاب فور دعوة نبيه بري رئيس مجلس النواب، لجلسة انتخاب الرئيس".
وردا على تصريح لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بأن لبنان أمام مرشحين: أحدهما جِدِّي (سليمان فرنجية)، والآخر هو الفراغ، قال النائب فادي كرم إن "الشيخ قاسم يهوى الأوهام، وسياسات الفرض، وتجهيل الحقائق".
وأضاف "أن أي مرشح لمحور الشيخ قاسم هو الفراغ بالذات، وبالنسبة لنا فإن تحرير لبنان من التخلف يبدأ بانتخاب رئيس من خارج هذا المحور".
وتابع قائلا: "إن كان قاسم مرتاحا للمعركة فليتوقف عن تعطيل الجلسات وليُرسل نوابه إلى الجلسات ونرى حينها من سيكون الرئيس".
وكان نائب الأمين العام لحزب الله قد غرد عبر حسابه على "تويتر" قائلا: "الصورة على حالها منذ ستة أشهر.. البلد أمام مرشحين: أحدهما جِدِّي والآخر هو الفراغ،
وكل المؤشرات المحلية والتطورات الإقليمية لا تنبئ بتغيُّر المشهد؛ لنحسم خيارنا اليوم باختيار الأقرب إلى الفوز بالرئاسة، بالحوار وتذليل العقبات لإنقاذ البلد، وعدم إضاعة الوقت سدًى بتحقيق النتيجة نفسها بعد طول انتظار".
ومن جهته، قال رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، في حديث تلفزيوني، " نحن منفتحون على أي مرشح آخر شبيه بالنائب ميشال معوّض، وفي تداول مستمر في المعارضة وهو ليس تحت الأضواء، لأننا في قعر جهنم ولن نسمح بأي حال من الأحوال بأن نبقى فيها".
وأضاف جعجع أنه "لا أكثرية لدينا لفرض رئيس، لكن ذلك لا يعني أنه يجب التمديد لحكم الإعدام علينا، وإذا كان مرشحهم الأوفر حظاً فليحضروا إلى المجلس ولينتخبوه.. وما حدث سابقاً لن يتكرر".
وتطرق جعجع إلى اللقاء الذي جمعه مؤخرا في المقر العام للحزب في معراب، بسفيرة فرنسا لدى لبنان آن غريو، مؤكدا أنها لم تعرض عليه أية صفقا موضحا أنها قالت إنه "يجب انتخاب رئيس، ونجد ذلك في فرنجية، فقلت لها الأفضل ألا ننتخب في الوقت الحالي وإلا سنمدد للأزمة".
وعن العلاقة مع فرنجية، قال جعجع، "في الفترة التي تقاربنا مع فرنجية وبحثنا معه في تعديل مواقفه إلا أنه رفض وبدأ التباعد بعد أن فقدنا الأمل من أن يعود أن مواقفه".
أما النائب بلال عبد الله عضو اللقاء الديمقراطي (التكتل النيابي للحزب التقدمي الاشتراكي) فقال لـ"العين الإخبارية" عن تحركات التكتل لكسر الجمود الرئاسي، إن "مساعي وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي لن تتوقف حتى يتم الوصول لمرشح توافقي".
وأضاف أنه "مطلوب مرشح يطمئن أكثرية الكتل السياسية ،ويحمل رؤية إنقاذية إصلاحية، ويعيد لبنان إلى العمق العربي والمجتمع الدولي".
وعلق عبد الله على تصريحات نائب الأمين العام لحزب الله، قائلا إن "الشيخ قاسم يعلن عدم جهوزية فريقه للتسوية والتوافق الداخلي، والإصرار والتمسك بمرشح، والضغط والتهديد بالفراغ".
كما اعتبر النائب المستقل ميشال دويهي، في حديث إذاعي سابق، أن "اسم صلاح حنين هو الأكثر نضوجاً بالنسبة للمعارضة، وكان مدرجاً ضمن سلة أسماء نواب التغيير، وهو الاسم الذي يجمع أحزاب "القوات" و"الاشتراكي" و"التغييريين" و"الكتائب"، وعدد من النواب المستقلين".
في المقابل، زار قبل يومين، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرشح الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل، الصرح البطريركي، والتقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، مؤكدا عقب اللقاء على ترشحه غير الرسمي وعلى برنامجه الذي يبدأ بالانفتاح على العالم العربي كبوابة إلزامية للعبور إلى قصر بعبدا.
وقال فرنجية إن "اللعبة تغيرت في المنطقة وهذا سينعكس بشكل أو بآخر على لبنان، ونتمنى الوفاق في المنطقة ولا نريد إلا الخير للعرب وللمملكة العربية السعودية، وقد خلقنا وتربينا في بيت عروبي".
وفيما يتعلق بالملف الرئاسي، قال فرنجية إن "هدفي ليس السلطة، بل هدفي أن أكون رئيساً يترك بصماته".
وأشار إلى أنه يحتاج 34 صوتًا غير أصوات الثنائي الشيعي والنائب جميل السيّد، للوصول إلى قصر بعبدا.
وترفض قوى المعارضة ترشيح فرنجية، كما يرفضه التيار الوطني الحر الذي أعلن قبل سنوات تحالفا مع حزب الله، ما يعني أن الخريطة السياسية في لبنان المأزوم في طريقها إلى إعادة التشكل.
في الوقت ذاته، نقلت وسائل إعلام محلية عن قيادي في الثنائي الشيعي قوله إن رئيس مجلس النواب نبيه بري يعتزم الدعوة مجددا لحوار لبناني- لبناني، مع تحرك فرنسي باتجاه القيادات المسيحية، عبر دعوة كل من القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر إلى زيارة فرنسا والاجتماع مع المسؤول عن الملف الرئاسي اللبناني باتريك دوريل.
يأتي ذلك فيما تتحدث مصادر عن بروز كتلة نيابية قوامها النواب إلياس بوصعب، وآلان عون وإبراهيم كنعان وسيمون أبي رميا تعمل بالتنسيق مع بعضها للتوجه إلى انتخاب فرنجية، إذا اقتضت المصلحة المسيحية أو الوطنية ذلك، من جانب توفير الميثاقية المسيحية لانتخابه.
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن-كلير لوجاندر قد قالت خلال مؤتمر صحفي مؤخرا إنه : "على اللبنانيين اختيار قادتهم"، ودعت الجهات اللبنانية لتحمّل مسؤولياتها وكسر الجمود السياسي لانتخاب رئيس جديد بسرعة، مؤكدة أن الشغور الرئاسي يلقي بظلاله أولاً على الشعب اللبناني.
وعلى صعيد متصل، قالت وسائل إعلام لبنانية إن السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، سيلتقي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وسط تأكيدات أن الموقف السعودي لا يزال على حاله من المواصفات التي يفترض أن يتمتع بها رئيس الجمهورية المقبل وأن يكون من خارج الاصطفافات.