أمن لبنان في زمن الأزمات.. ورقة بمرمى "داعش" وحزب الله
اعتقال الجيش اللبناني إرهابيين من "داعش"، يفاقم المخاوف من تسلل التنظيم إلى بلد تتقاذفه الأزمات ومخاوف من توظيف حزب الله للوضع.
والإثنين، أعلن الجيش اعتقال عناصر من داعش في البقاع، ما فجّر المخاوف من تسلل التنظيم الإرهابي مجددا إلى لبنان، وهو الذي سبق له أن نفذ، بالسنوات السابقة، عددا من العمليات في بعض المناطق، قبل أن تجبره عملية جرود عرسال العسكرية، عام 2017، على مغادرة البلاد نحو سوريا.
مخاوف يفاقمها الفراغ السياسي في لبنان الناجم عن تعثر مشاورات تشكيل الحكومة بعد ثلاثة أشهر على تكليف سعد الحريري، إضافة إلى عودة نشاط التنظيم في الجارة سوريا وحزامها في الشرق والجنوب العراق.
وضعٌ يدفع البعض للتأكيد على مقولة إن "الأمن سياسي"، في إشارة إلى الفراغ السياسي وغياب الدولة، ما من شأنه أن يخلق ثغرات أمنية يستغلها داعش، علاوة على إمكانية توظيف حزب الله لهذا الأمر للعبث مجددا بالأمن.
ورقة الأمن
المدير العام للأمن في لبنان، اللواء عباس إبراهيم، تحدث عن احتمال تسلل "داعش" إلى لبنان في هذه الظروف، وهو ما أشارت إليه مصادر عسكرية.
بينما يتفق النائب في "كتلة تيار المستقبل" محمد الحجار، والخبير العسكري والعميد المتقاعد خليل الحلو، على أن "داعش" كما فريق الممانعة (حزب الله وحلفاؤه) قد يستفيدان من الوضع في لبنان، ويعملان على اللعب بورقة الأمن، انطلاقا من استخدامهما الأسلوب نفسه.
وقالت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية": "هناك خوف دائم من تسلل داعش إلى لبنان، وهذا ما يحذر منه قائد الجيش جوزيف عون بشكل مستمر"، داعيا إلى عدم إلهاء الجيش عن مهمته الأساسية في مكافحة الإرهاب ومحاربته".
وذكّرت المصادر ذاتها بما سبق أن قاله قائد الجيش عند انتهاء معركة فجر الجرود في عرسال عام 2017، بتأكيده أن "المهمة انتهت عسكريا وليس أمنيا، ونحن في حرب مستمرة مع التنظيم".
القلق نفسه عبّر عنه النائب في "تيار المستقبل" محمد الحجار، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، بأن "الوضع السياسي والأمني في لبنان والأزمات الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة على كل الأصعدة، من شأنها أن تشكل أرضا خصبة وجاهزة للاستغلال من قبل بعض الأطراف ولا سيما داعش".
واعتبر أن "ما يحصل في العراق وسوريا عبر إعادة تحريك التنظيم لخلاياه خير دليل على ذلك، حيث أن المستفيد هو المشروع الإيراني في المنطقة، وفي لبنان حيث الوضع السياسي المهتز قد يستفيد أيضا هذا المشروع لاستجماع أوراقه ووضعها على الطاولة في مرحلة المفاوضات الأمريكية الإيرانية".
لبنان ليس بمنأى والحذر واجب
في المقابل، يساوي الخبير العسكري العميد المتقاعد خليل الحلو بين احتمال استفادة تنظيم داعش وفريق الممانعة (حزب الله وحلفاؤه) من الوضع القائم في لبنان.
وقال الحلو لـ "العين الإخبارية": "لا شك أن تنظيمي داعش والقاعدة يعملان على الاستفادة بشكل دائم من الأوضاع المتردية والخلافات السياسية في البلد للتسلل واللعب على الوتر الأمني، وبالتالي في ظل الوضع المحلي المتأزم على مختلف الأصعدة حيث لا يزال الفرقاء أنفسهم في السلطة ولم تنجح الانتفاضة الشعبية في إحداث أي تغيير، فمن الطبيعي أن يحاول التنظيم إنشاء خلايا له عبر جذب عدد من الشباب الذين يعانون من الفقر والعاطلين عن العمل".
وتابع: "قد تكون المجموعة التي أوقفها الجيش هي نتيجة ذلك، وقد يكون دخل أيضا على خط أحداث طرابلس، فيما تنشغل القوى الأمنية بمهام أخرى، وقرار قسم منها ممسوك من قبل فريق الممانعة".
لكن في المقابل، يطرح الحلو مقاربة أخرى، معتبرا أن "فريق الممانعة يعتمد أيضا السياسة والأسلوب نفسه الذي يعتمده داعش، حتى أن حزب الله يعمل بذكاء أكبر نتيجة وجوده داخل لبنان وإمساكه بالسلطة، وهو ما قد يسهل عليه المهمة".
مستطردا: "وبالتالي، هذا الأمر ليس بعيدا عنهم وقد يعمدون إلى اللجوء إليه في أي وقت ودفع الأموال لهؤلاء الشباب، مشددا على ضرورة الوعي وعدم الانجرار لدعوات المواجهات المسلحة والتخريب كما حصل في طرابلس الأسبوع الماضي بإحراق مقر البلدية والاعتداء على المقرات".
ومساء الإثنين، ربط مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في حديث تلفزيوني، بين الأحداث الأخيرة في طرابلس واحتمال تسرب داعش إلى لبنان الذي حذر من أنه "ليس جزيرة معزولة ومن الطبيعي أن يتأثر بما يحصل في العراق وسوريا".
غير أنه أكد أن "الأجهزة الأمنية تتخذ الإجراءات الضرورية لمنع دخول داعش إلى لبنان"، معربا عن أسفه من أن "ما يحصل في طرابلس قد يكون فرصة لدخول هذا التنظيم إلى الساحة اللبنانية".
واستدرك "أهلنا في طرابلس، بحسب التجربة، يرفضون هذا النوع من الاختراق لساحتهم، ولكن في هذه المنطقة هناك خلايا نائمة ويمكن أن تتحرك في أية لحظة، وإمكانية السيطرة في الفترة الماضية كانت موجودة، ولكن الفوضى والانفلات في الشارع قد يسمح لهؤلاء باستغلال هذه النافذة، وعلينا أن نكون حذرين، واليوم تحاول الأجهزة ضبط الوضع في طرابلس ومنع امتداده لبقية المناطق".
داعش يترصد
حيثيات تأتي في وقت أعلن فيه الجيش اللبناني، أمس، توقيف 18 شخصا من الجنسيتين اللبنانية والسورية في منطقة عرسال، بالبقاع، لارتباطهم بتنظيم داعش الإرهابي.
وفي بيان لها، قالت قيادة الجيش إن الموقوفين "اعترفوا بتأييدهم وانتمائهم للتنظيم الإرهابي المذكور ومتابعة إصداراته، والتخطيط للقيام بأعمال إرهابية، كما تم ضبط كمية من الأسلحة والذخائر الحربية".
ولفت البيان إلى أن السلطات المعنية باشرت التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص، وتستمر المديرية في تنفيذ عمليات رصد وملاحقة باقي المشتبه بهم لتوقيفهم.
وكانت جرود عرسال، وهي منطقة حدودية بين سوريا ولبنان، قاعدة لعمليات الجماعات المسلحة في سوريا أبرزها تنظيم "داعش"، و"جبهة فتح الشام" التي كانت تعرف سابقا بـ"جبهة النصرة".
aXA6IDE4LjE5MC4yNTMuNTYg
جزيرة ام اند امز