"النبطية".. معقل حزب الله ينتفض ضد سلاحه
أبناء المدينة المحسوبة ضمن مناطق نفوذ مليشيا حزب الله انتفضوا على الواقع موحدين الصوت ما بدنا جيش بلبنان إلا الجيش الوطني
"ما بدنا (لا نريد) جيش بلبنان إلا الجيش الوطني".. صرخات صدح بها أهالي مدينة النبطية (جنوب) التي لطالما عرفت بأنها معقل حزب الله وحركة أمل الشيعية رفضا لتوسع نفوذ المليشيا التابعة لإيران.
أبناء المدينة المحسوبة ضمن مناطق نفوذ مليشيا حزب الله انتفضوا على الواقع وخرج عدد كبير من أبنائها من عباءة أحزابها موحدين الصوت والصرخة طلبا لحقوقهم المعيشية وتضامنا مع الاحتجاجات التي تضرب البلاد منذ تسعة أيام.
ومنذ اليوم الأول للاحتجاجات لم تكن المدينة الجنوبية غائبة عن المشهد، وهي تثبت يوما بعد يوم أنها قادرة على المشاركة رغم كل المضايقات التي يتعرض لها أبناؤها من مليشيا حزب الله.
وخرج محتجون في المدينة إلى الميادين وكذلك نظموا مسيرات إلى الباحة المقابلة للسراي الحكومي وأغلقوا الطرقات، مرددين هتافات تطالب بإسقاط الحكومة ومحاسبة ناهبي المال العام، كما نادوا بالجيش اللبناني جيشا وحيدا في البلاد.
المشاهد في النبطية لم ترق لحزب الله وحاول مرارا الانقضاض على انتفاضة أبنائها مرة عبر تحريض التجار للمطالبة بفتح الطرقات ومرة أخرى عبر اعتداء شرطة البلدية على المعتصمين ما أدى الى سقوط عدد من الجرحى.
ولاقى هذا الاعتداء استنكارا ورفضا من أعضاء في البلدية المحسوبة في معظمها على حزب الله، وقدّم ثلاثة أعضاء من المستقلين استقالاتهم فيما سرت معلومات عن امكانية اتساع دائرة الاستقالات لتطال أعضاء آخرين ما قد يمهّد إلى إسقاط البلدية.
وفيما أعلن أحد نواب حزب الله أن ما حدث في النبطية كان خطأ، فيما يوحي أنه تراجع من قبل الحزب على وقع رفض شعبي، دعا عدد من الناشطين من أبناء المدينة والتجار وأعضاء من المجلس البلدي إلى جلسة طارئة بمشاركة إمام المدينة الشيخ عبد الحسين صادق.
ورفض صادق أمام المجتمعين الاعتداء على المتظاهرين قائلا "هو أمر مرفوض ومستنكر ولا يليق بآداب وهوية وتاريخ مدينتنا"، ثم توصل مع المجتمعين إلى صيغة "إبقاء الاعتصام في مكانه وعدم نقله إلى أماكن بديلة، وفتح طريق باتجاه واحد إفساحاً بالمجال للحركة التجارية"، كما تم "تشكيل لجنة لوجيستية تنسيقية بين البلدية والفاعليات والمعتصمين لبحث أي طارئ".
ومنذ 17 أكتوبر/تشرين أول الجاري، يشهد لبنان مظاهرات غاضبة عقب إعلان حكومة سعد الحريري عن ضرائب جديدة في موازنة العام المقبل، تطول قطاع الاتصالات المجانية عبر الهاتف الخلوي، وغيره، بهدف توفير إيرادات جديدة لخزينة الدولة.
ولليوم التاسع على التوالي، تتواصل الاحتجاجات في لبنان رغم الإصلاحات الاقتصاديّة التي أعلنها الحريري، الإثنين، لتهدئة الشارع، مؤكدين أنه "لا تراجع حتى إسقاط حكومة الضرائب الجائرة والمحاصصة الطائفية وتحقيق كل المطالب".
وطالبوا بـ"تشكيل حكومة إنقاذ مصغرة من اختصاصيين مستقلين لا ينتمون للمنظومة الحاكمة"، على أن تتبنى الخطوات التالية "إجراء انتخابات نيابية مبكرة بناء على قانون انتخابي عادل يضمن صحة التمثيل"، وإدارة الأزمة الاقتصادية وإقرار نظام ضريبي عادل"، و"تحصين القضاء وتجريم تدخل القوى السياسية فيه".
وللمرة الأولى، ترتفع شعارات في احتجاجات تنادي برحيل حزب الله من الحكم، في سابقة تستبطن درجة الغليان التي بلغها الغضب الشعبي من الأوضاع، ومن المسار الذي تصنعه المليشيات الإيرانية للبنانيين.
فأسقطت المظاهرات الشعبية المستمرة منذ أكثر من أسبوع هيمنة حزب الله، المليشيا الإيرانية التي أغرقت البلاد في المحاصصات الطائفية والسياسية.
ولطالما عوّلت طهران على تضخيم الانتماءات المذهبية، من أجل بناء جدران فاصلة بين مكونات الشعب الواحد، بما ييسّر تجييش وتأليب كل مكون ضد الآخر، ويخلق لها ثغرات تعزز من خلالها سيطرتها على القرارات السيادية فيهما.
فمع بلوغ الفساد وتردي المعيشة إلى مستويات قياسية لم يصمد حاجز الشعور المذهبي الذي راكمته طهران عبر أذرعها بالبلدين، فانهار سريعا تحت وطأة وحدة نابعة من صميم الانتماء وحب الوطن، ونبذ التدخلات الخارجية.
aXA6IDE4LjIyMi4yMC4zIA== جزيرة ام اند امز