لبنان يئن من الأزمات، يئن من استمرارها دون حلول، لأسابيع يخضع اللبنانيون لأسوأ دوامة خانقة عبر رزمة متزامنة لأزمة من نقص وقود عرضة لبلوغ الاختناق، وذروة غير مسبوقة مع الشلل الذي أصاب كل شيء بفعل العجز.
فالمعالجات لم تعد تستدعي حلولاً ترقيعية بحيث إن الانهيار اتسع في كل المجالات، ما يتطلّب معالجة سياسية سريعة حيال المشهد المأساوي والدامي الذي يلحق باللبنانيين في حياتهم ومصادر رزقهم.
الارتباك أصبح سيد الموقف دون ضابط، في ظل فراغ حكومي على مستويي حكومة تصريف الأعمال، وعدم القدرة على تشكيل الحكومة الجديدة، ما استدعى تدخل الجيش لحل أزمة المحروقات، وهو بمقام رسالة قوية للساسة بمعالجة مشكلاتهم وتشكيل حكومة، وإلا التدخل لإنقاذ البلاد من الانهيار على اعتبار أن الوقت لم يعد يسمح بمزيد من المزايدات والمهاترات التي لا تزال تدور حول حقوق الطوائف وصلاحيات الرئاسات، بل الحل في أيديهم، وإذا أفلت منهم فإنّ الفلتان المتمدد، استناداً إلى مؤشرات الأرض، سيكون عَصياً على الضبط.
الأزمة الاقتصادية اللبنانية هي نتاج لمجموعة عوامل تراكمية، ولكن ما أدى إلى تسارع التدهور المعيشي هو اللجوء إلى الحلول المؤقتة دون الجذرية، لتكرّر الأزمات نفسها، ولكن هذه المرة أحدثت هزة كبيرة مع قرارات إلغاء الدعم عن المحروقات، ما أدى إلى مستويات تكسر ظهر اللبنانيين في غياب توافق في الآراء بين الجهات المعنية الرئيسة بشأن تقاسم أعباء الخسائر.
والمؤسف أن البلاد على مسافة أيام من "الانفجار الاجتماعي"، إذ تدفع الأزمات الحالية التي تمر بها نحو الكارثة، بسبب تعطيل بعض الأطراف العمل على تحسين الأوضاع في البلاد، إذ إن اللبنانيين سئموا من الأقوال ويريدون أفعالاً، والحل الوحيد يكمن في إنهاء الفراغ الحكومي فوراً، والذهاب إلى حكومة طوارئ، فالوضع يتجه إلى السقوط باتجاه القاع في حال استمرار عدم الإنصات لوجع الناس والانقياد وراء المصالح الشخصية الضيقة.
نقلا عن البيان الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة