انتخابات لبنان.. هل تنجو الطائفة السُّنية من غياب الحريري؟
تعددية قطبية قد تتجه إليها الطائفة السُنية في لبنان للنجاة من تشتت أسفره غياب زعيمها شبه الوحيد سعد الحريري عن خوض الانتخابات النيابية.
انعطافة قد تتمكن من تأمين الطائفة بالاقتراع المصيري المقرر الأحد المقبل، تجسدت بالخصوص من خلال تحركات تجريها وجوه سنيّة تقليدية على غرار رؤساء الحكومات السابقين، في محاولة لتأليف لوائح انتخابية بهدف الحؤول دون استفادة مليشيات حزب الله الموالية لإيران من غياب الحريري.
ورغم أن خبراء لا يتوقعون أن تُحدث الانتخابات تغييراً كبيراً في المشهد السياسي العام في البلاد الغارقة في أزمة سياسية واقتصادية حادة منذ أكثر من عامين، فإن الحريري (52 عاماً)، سيكون الغائب الأكبر، وسط مخاوف من أن تركب المليشيات على هذا الغياب وتستثمره لصالحها في صناديق الاقتراع.
وفي لبنان الذي يقوم على نظام محاصصة طائفية، تعتبر هذه أول مرة منذ استقلاله في 1943 التي يشهد فيها انتخابات من دون قطب سني بارز.
تعدد الأقطاب
وتعقيبا على التحولات الطارئة على المشهد اللبناني قبل الانتخابات، يرى الأستاذ الجامعي والباحث السياسي كريم بيطار أن هذا البلد "يتجه نحو عودة ظهور أقطاب سنيّة عدة"، بعدما كان الحريري الزعيم شبه الوحيد على الساحة السنية.
ويضيف بيطار، في حديث لوكالة "فرانس برس": "تحرّكت وجوه سنيّة تقليدية على غرار رؤساء الحكومات السابقين لمحاولة تأليف لوائح انتخابية بهدف الحؤول دون استفادة حزب الله".
وفي 24 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن الحريري "تعليق" نشاطه في الحياة السياسية وعزوفه وتيار المستقبل الذي يتزعمه، عن خوض الانتخابات.
وقال الحريري: "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبّط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة".
وكان لتيار المستقبل 18 نائبا في البرلمان المنتهية ولايته.
وبرز الحريري على الساحة السياسية في البلاد بعد اغتيال والده في 14 فبراير/ شباط 2005 بتفجير مروع في وسط بيروت أغرق لبنان في أزمة كبرى، وقاد آنذاك فريق "قوى 14 آذار" المناهض لسوريا إلى فوز كبير في البرلمان، ساعده في ذلك التعاطف الواسع معه بعد اغتيال والده، والضغط الشعبي الذي تلاه.
تحدي العزوف
داخل تيار المستقبل، شكّل ترشّح النائب مصطفى علوش الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الحزب ويعدّ من "صقوره"، في مدينة طرابلس، أحد معاقل الحريري في شمال لبنان، تحدياً لقرار العزوف.
ويقول علوش المعروف بمواقفه المنتقدة بشدة لحزب الله، لـ"فرانس برس": "الانسحاب أسوأ من التشتيت.. لأنه يفيد القوى الأخرى المنافسة"، في إشارة إلى حزب الله.
ويضيف "في حال حصول حزب الله على الأكثرية، يتعيّن على بقية الأطراف أن تتكاتف وتذهب إلى معارضة وازنة ومتماسكة" ضد مشروعه.
وتجد مواقف علوش صداها في مناطق أخرى موالية للحريري، كما في الطريق الجديدة في غرب بيروت حيث ترتفع صور عملاقة للحريري ولافتات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات.
منعطف
ومنذ العام 2009، شكّل الحريري 3 حكومات، آخرها بعد انتخابات 2018 التي انتهت بتراجع حجم كتلته النيابية بنحو الثلث، وأرجع البعض انخفاض شعبيته حينها إلى تنازلات سياسية قدمها وبرّرها بالحفاظ على السلم الأهلي في مواجهة تنامي نفوذ حزب الله.
وأحدث عزوف الحريري صدمة على الساحة السياسية وداخل طائفته. لكنّ دار الفتوى، المرجعية السنية الأعلى في البلاد، حذّرت مؤخراً من "خطورة الامتناع" عن الاقتراع ودعت إلى المشاركة الفعلية الكثيفة.
ويتنافس على المقاعد السنية في مجلس النواب مرشحون من تيار المستقبل لم يمتثلوا لقرار الحريري، وآخرون مدعومون من رؤساء حكومات سابقين، ومرشحون مستقلون ومن مجموعات المعارضة التي أفرزتها احتجاجات 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، بالإضافة إلى مرشحي سنة آخرين.
aXA6IDE4LjE4OC4xMzIuNzEg جزيرة ام اند امز