الحرائق تلتهم لبنان.. الأهالي يطلبون الدعم بـ"صهاريج المياه"
شهدت المناطق اللبنانية سلسلة من الحرائق الهائلة أتَت على مساحات واسعة وتنقلت بين الجنوب والشمال.
وفي ظل إمكانيات لوجستية تكاد تكون معدومة، انتقلت الحرائق إلى أغلبية المناطق اللبنانية، واقتربت من المنازل في أكثر من منطقة، حيث شهدت بعض القرى نزوحاً لسكانها.
وواجهت فرق الإطفاء صعوبات كبيرة، منها اللوجستية، بسبب توفر مادة الكازوت للآليلات, ومنها طبيعية بسبب وعورة الجبال التي اندلعت فيها الحرائق.
واقتصرت العمليات على عدد كبير من المتطوعين من أبناء المناطق الذين استعملوا الطرق البدائية لإخماد الحرائق، إضافة إلى تدخل الجيش اللبناني في بعض المناطق عبر طوافاته لمحاولة المساعدة.
وبقيت مناطق الجنوب وحرائقها الكبيرة بعيدة عن تدخل طوافات الجيش، بسبب قرب المنطقة من إسرائيل والحظر الجوي المفروض على المنطقة.
في بيت مري (جبل لبنان، المتن الشمالي)، شبّ حريق كبير أتى على مساحة واسعة من المناطق الحرجية، وتتوسّع رقعتها بشكل كبير بسبب سرعة الرياح ووصلت إلى المنازل. ويساهم الجيش اللبناني عبر الطوافات بإخماد الحريق، وسط صعوبة الرؤية بسبب ارتفاع ألسنة اللهب.
وأطلق الأهالي مناشدات بطلب صهاريج المياه من البلدات المجاورة، ولمراكز الدفاع المدني أيضاً في المنطقة، للتدخّل وتزويد السيارات بالمياه لتتمكّن من استئناف عملها. كما تعمل طوافات الجيش على إخماد الحريق المندلع في بيت مري عبر الطوافات.
وامتدّ مسلسل الحرائق نحو البقاع الغربي، إذ اشتعلت الأحراج في خراج بلدة عيتنيت الواقعة قرب بحيرة القرعون، وفي خراج بلدة المزرعة، وأتت على مساحات من الأشجار المعمرة.
وتمتد النيران بصورة سريعة إلى القرى المجاورة. وناشد الأهالي المعنيين مساعدة فرق الدفاع المدني والجيش بإخماد النيران.
وفي محافظة عكار (شمالي لبنان) اندلعت سلسلة حرائق في بلدات عكارية مختلفة، ففي بلدة فنيدق اندلع حريق دون خسائر مادية أو بشرية، واقتصر على أكوام من النفايات، كما شب حريق في بلدة منجز التهم مساحة من الأعشاب اليابسة، وامتد بفعل الرياح وطال الأشجار الحرجية وأخرى مثمرة مختلفة.
وأتى حريق في بلدة البيرة على مساحة من الأرض العشبية اليابسة، وامتد ليطال أشجارا حرجية وأخرى مثمرة، كما اندلع حريق في بلدة الشيخ محمد أتى على مساحة من كرم للعنب وأعشاب يابسة.
وعمل عناصر الدفاع المدني، كل ضمن نطاقه، على تطويق الحريق وإخماده ثم تبريده، خوفا من تجدده بسبب سرعة الرياح.
أما في محافظة الجنوب، ومنذ الصباح الباكر، تعمل هيئات الدفاع المدني على تبريد المساحات الخضراء التي اشتعلت فيها النيران منذ الأمس، فيما لا يزال خطر تجدّد الحريق عالياً، حيث الرياح القوية تساهم في تمدّد الحرائق وتعيق سرعة السيطرة عليها.
والتهمت النيران عدداً من بساتين الليمون والحامض، وسط مناشدات للمساعدة بسبب صعوبة الاتصال في الأحراج والوديان.
وشبّ صباح اليوم الأحد، حريق هائل في سهل الميدنة بين بلدتي كفررمان والجرمق، وأتى على مساحات كبيرة من الأشجار والأعشاب، وعملت فرق الدفاع المدني من مركز النبطية على محاصرته وإخماده.
كما تمكنت فرق في الدفاع المدني من النبطية من إخماد حرائق عدّة اندلعت في القضاء.
وفي قضاء صور أتت النيران على مساحات واسعة من أشجار الزيتون والعشب اليابس.
وفي بلدات أخرى جنوباً، فقد نجحت جهود الدفاع المدني في السيطرة على الحرائق وتبريد المساحات المشتعلة تفادياً لعدم تجدّد النيران، بعدما أظهرت مشاهد سابقة كثافة النيران التي التهمت مساحات خضراء في المناطق الحرجية.
وتعليقاً على الحرائق التي اندلعت، ولا تزال، في أكثر من منطقة لبنانية، وخاصة تلك التي أتت على مساحة شاسعة من المناطق الحرجية في قرى قضاء صور وعلى ضفتَي نهر الليطاني، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري: "قبل أسابيع في أكروم وجرود عكار وقبلها في الجبل وجرود الهرمل والشوف، واليوم يحط مسلسل الحرائق في أحراج الجنوب، وهي في زمانها وجغرافيتها وتوقيتها تطرح جملة من التساؤلات نضع الإجابة عليها برسم الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة التي يجب أن تسارع إلى إجراء تحقيقاتها وتحديد المسؤوليات والأسباب التي أدّت لحصول هذه الكارثة، إذا لم نقل هذه الجريمة، التي طاولت ليس البيئة فحسب، إنّما أيضاً الإنسان في هذه المنطقة في تراثه وثقافته وذاكرته مع المقاومة وشهدائها الذين لهم مع كل شجرة قصة مجد وبطولة".
وأضاف برّي: "في الوقت الذي تكاد السنة النيران تلتهم آخر ما تبقى من مساحات خضراء في لبنان من خلال حرائق عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق، ألم يحن الوقت للاقتناع إن تحصين الوطن وحفظ ما تبقى من ماء الوجه الوطني وطبعاً ما تبقى من ثروة حرجية يكون بالاقرار بتعيين ماموري أحراج خارج القيد الطائفي؟"، لافتاً إلى أنّ "أخطر الحرائق التي لا يمكن إخمادها هي الحرائق المذهبية والطائفية المندلعة في النفوس".
وتوجّه برّي بـ"التحية والشكر والتقدير للجيش اللبناني وقوات اليونيفل والمجالس البلدية والأهالي ولمتطوعي الدفاع المدني في كشافة الرسالة الإسلامية والهيئة الصحية والصليب الأحمر، وأولاً وأخيراً لرجال الدفاع المدني اللبناني، الذين يطفئون حرائق الوطن"، مضيفا: "الوطن وسلطته لم تنصفهم وتطفئ نيران انتظارهم بتطبيق قانون تثيبتهم".
أما وزير البيئة ناصر ياسين فقال: "مخيف كيف اشتعلت هذه الحرائق في ساعات الفجر الأولى". مضيفا: "على الأرجح، هناك إهمال معيّن وبعضها بالتأكيد مفتعل".
aXA6IDMuMTUuMjE0LjE4NSA= جزيرة ام اند امز