«فورين بوليسي»: حزب الله «ضعيف بما يكفي» لنزع سلاحه

وسط مخاوف من انزلاق لبنان إلى حالة من عدم الاستقرار، تواصل الحكومة جهودها لنزع سلاح حزب الله.
وفي 9 أغسطس/آب الجاري، شهد لبنان تطورًا مفصليًا في مسار العلاقة بين الدولة والحزب، بعدما أعلن الجيش مقتل 6 جنود في أثناء قيامهم بتفكيك مستودع أسلحة تابع للحزب في منطقة صور جنوبي البلاد.
وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، فإنه رغم أن التحقيقات ما زالت جارية حول تفاصيل الحادث، فإن جوهر المشكلة بات أوضح من أي وقت مضى، فترسانة حزب الله الضخمة، والتي تقدر بعشرات الآلاف من الصواريخ، تمثل عقبة أساسية أمام سيادة الدولة اللبنانية وأمن مواطنيها.
نمط يتكرر
بدعم من الولايات المتحدة وتنسيق مع قوات الأمم المتحدة "يونيفيل"، أطلقت الحكومة اللبنانية عملية رسمية لنزع سلاح حزب الله وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع إسرائيل أواخر عام 2024، وكذلك استنادًا إلى القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن عام 2006.
لكن، وكما حدث في أعقاب حرب يوليو/تموز 2006، رفض الحزب التعاون، وكرر حجته بأن أي خطوة لنزع السلاح تخدم "المصالح الإسرائيلية" وتضعف موقع لبنان الإقليمي.
وفق المجلة، يعكس هذا الموقف نمطًا متكررًا في سلوك حزب الله الذي استخدم الأراضي اللبنانية دائما لشن هجمات على إسرائيل، ما يترتب عليه رد عسكري إسرائيلي واسع ومدمر.
وأشارت إلى أن الحزب يوافق بعد ذلك على اتفاقيات لوقف إطلاق النار تتضمن بنودًا حول نزع سلاحه، لكنه يتراجع عن تنفيذها بمجرد انحسار الاهتمام الدولي.
واعتبرت المجلة أن النتيجة دائمًا هي دمار واسع للبنية التحتية اللبنانية وأعباء إعادة الإعمار التي يتحملها المواطنون، فيما يحتفظ الحزب بترسانته العسكرية كورقة ضغط بيد إيران.
في أضعف حالاته
لكن الجديد هذه المرة هو اختلاف ميزان القوى فبعد سنوات من المواجهات والخسائر، بات حزب الله في أضعف حالاته.
فقد خسر العديد من قياداته السياسية والعسكرية البارزة، إضافة إلى آلاف المقاتلين من صفوفه، كما تراجعت قدرته على الحفاظ على خطوط الإمداد من إيران عبر سوريا والعراق.
وأكدت التطورات الميدانية، بما في ذلك عمليات القصف النوعية ومقتل قياداته، أن سلاح الحزب لم يعد كافيًا لحماية قيادته أو ردع خصومه.
وتزامن هذا التراجع مع وصول قيادة سياسية جديدة في لبنان بانتخاب قائد الجيش السابق جوزيف عون رئيسًا للجمهورية، وتولي القاضي نواف سلام رئاسة الحكومة، وكلاهما جعل من "احتكار الدولة للسلاح" حجر زاوية في برنامجه السياسي.
لكن الطريق ما يزال محفوفًا بالمخاطر، حيث سارعت إيران لانتقاد الخطة، واعتبر علي أكبر ولايتي مستشار المرشد أن نزع سلاح حزب الله "حلم لن يتحقق".
ورغم رد وزارة الخارجية اللبنانية التي وصفت التصريحات الإيرانية بأنها "تدخل سافر"، استقبلت بيروت أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني لبحث الملف، وهو ما يشير إلى حجم الضغوط التي يمكن أن تواجهها الدولة اللبنانية في هذا المسار.
خيار مصيري
ووفق "فورين بوليسي"، فإنه على الرغم من كل ما راكمه حزب الله من قوة، لم يتمكن في أحلك الظروف من منع إسرائيل من تنفيذ عمليات عسكرية داخل لبنان، ولا من حماية قادته من القتل، ولا من التصدي لتفجيرات أجهزة الاتصالات التي استهدفت عناصره.
ويضاف إلى كل ذلك وقوفه وراء كارثة انفجار مرفأ بيروت بسبب تخزينه لمواد متفجرة بشكل غير مشروع، وفقا للمجلة الأمريكية.
وبالتالي، فإن الدولة اللبنانية تقف أمام خيار مصيري: فإما أن تواصل المسار الجريء الذي بدأته نحو فرض سيادتها ونزع سلاح الحزب تدريجيًا، وإما أن تستسلم مرة أخرى لواقع "الدولة داخل الدولة"، وهو ما يعني تحويل لبنان إلى ساحة صراع دائم بين إيران وإسرائيل وذلك على حساب استقرار لبنان ومستقبل شعبه، حسب "فورين بوليسي".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTUwIA== جزيرة ام اند امز