"يونيفيل" وحزب الله.. "حرية حركة" تجهض "بروفة الفوضى" جنوب لبنان
أراد حزب الله تقييد حركة بعثة يونيفيل الأممية جنوب لبنان وكسر الإرادة الدولية، لكن "بروفة الفوضى" التي خطط لها انقلبت عليه وبالا.
فسكين الابتزاز والاستفزاز الذي تتخذه المليشيات الإرهابية رأس حربتها المعهودة على طول الحدود الشمالية، ارتد ليجهز عليها في العمق، فيخرجها عن صمتها منددة بقرار دولي وجه لها صفقة قاسية في توقيت قاتل.
وفي ردة فعل متوقعة، ندّد حزب الله السبت بتعديل تضمنه قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بتمديد ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل)، لمنحها حرية الحركة للاضطلاع بمهامها.
وفي 31 أغسطس/ آب الماضي، مدد مجلس الأمن تفويض قوات اليونيفيل لمدة سنة، وأكد حينها أنها لا تحتاج إلى "إذن مسبق أو إذن من أي شخص للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، ويُسمح لها بإجراء عملياتها بشكل مستقل"، فيما تؤكد البعثة الأممية استمرار عملها بالتنسيق مع الجيش اللبناني.
وأثار هذا التعديل انتقادات صدر أبرزها عن حزب الله، حيث زعم أمينها العام حسن نصرالله أن في القرار "اعتداء وتجاوز للسيادة اللبنانية"، في محاولة معتادة للعب على مشاعر الانتماء من أجل تأليب الرأي العام وإشعال البلاد.
وكالعادة، لم يغفل زعيم المليشيات توجيه سهامه لإسرائيل، معتبرا في كلمة ألقاها عبر الشاشة خلال إحياء مراسم أربعين الإمام الحسين في مدينة بعلبك (شرق)، أن "هذا فخّ ينصبه الإسرائيليون منذ سنوات طويلة للبنان".
وعقب انتقادات لبنانية حول قرار مجلس الأمن، أكدت قوات اليونيفيل في بيان صدر قبل أيام، أنها تعمل "بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بشكل يومي، وهذا لم يتغير".
وتابعت "لطالما كان لليونيفيل تفويض للقيام بدوريات في منطقة عملياتها، مع أو بدون القوات المسلحة اللبنانية. ومع ذلك، تستمر أنشطتنا العملياتية، بما في ذلك الدوريات، بالتنسيق مع القوات المسلحة اللبنانية، حتى عندما لا يرافقوننا".
واليونيفيل موجودة في لبنان منذ العام 1978، وتضم نحو عشرة آلاف جندي ينتشرون في المنطقة الحدودية مع إسرائيل للفصل بين الطرفين بعد نزاعات عدة.
ومع نهاية حرب 2006 التي خاضتها إسرائيل وحزب الله، وبعد غياب استمر أربعين عاماً، انتشر الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني تنفيذا لقرار مجلس الأمن 1701 الذي يمنع نظرياً انتشار أي قوة عسكرية أخرى في المنطقة المذكورة.
"بروفة فوضى"
بروفة فوضى، هكذا يمكن وصف ما أراد حزب الله تنفيذه بحق يونيفيل خاصة بعد اتهامات سابقة وجهتها تل أيب لطهران وذراعها حزب الله بتنفيذ هجوم لسرقة البعثة الأممية.
اللافت أنه لاحقا، استهدفت قوات حفظ السلام باثنين من الاعتداءات من قبل أشخاص في بلدة شقرا الجنوبية على الحدود مع إسرائيل، ولم يكن من الصعب تبين شبح حزب الله خلف ظهر المعتدين، وسط مساعيه لتفجير الوضع في الجنوب.
حوادث وقعت قبل أشهر، لكن إعادة تدوير حيثياتها وأسبابها التي كانت حججا واهية من قبيل التقاط صور، يؤكد أن حزب الله يقود عملية استفزاز متعمد، للرد على مساع إسرائيلية ترمي إلى تغيير قواعد الاشتباك مع يونيفيل أو حتى منع تطبيق انسحابها.
بمعنى آخر، أراد حزب الله تقييد حركة يونيفيل وكسر القرار الدولي رقم 1701 ليضرب بذلك القانون والشرعية الدولية عرض الحائط، لكنه فوجئ بقرار مجلس الأمن، وهو الإجراء الذي يقطع على المليشيات طريق مسرحيات بعناوين مختلفة تتقاطع عند حوادث أمنية واعتداءات كانت ستنفذها عنها بالوكالة تنظيمات إرهابية أخرى.
كاريش.. ما وراء التهديد
رغم نفي نصر الله، لا يزال حقل كاريش مرتبط بالاتفاق النووي الإيراني، وهذا باعتراف من الإعلام الإيراني نفسه، والذي قال نصا إن كرة الحريق ربما تتدحرج من فيينا إلى العراق وتحديدا إلى كاريش، في إشارة إلى احتمال توسع نطاق مقر مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق إلى هذا الملف أيضا.
تهديدات المليشيات لا تعتبر جديدة لكنها تستهدف تدعيم الموقف الإيراني خاصة بعد الحديث عن تجميد أو انهيار الاتفاق النووي.
من جانبها، لا تبدو إسرائيل مهتمة بتهديدات حزب الله، والدليل على ذلك أنها أعلنت ربط كاريش بشبكة الغاز الإسرائيلية من أجل الوفاء بالعقود المهمة التي وقّعتها، بما فيها مع مصر والاتحاد الأوروبي.
ولتهديدات المليشيات منحى يطال التباين داخل الائتلاف الحاكم في لبنان، خاصة في ظل استماتة الرئيس ميشال عون لإبرام الصفقة بأي ثمن لتكون الإنجاز الوحيد له في عهدته التي تنتهي قريبا بصفر إنجازات.
أيضا تحاول المليشيات الضغط من أجل رفع العقوبات الأمريكية عن صهر الرئيس جبران باسيل، في حين أن حزب الله يرهن موقفه بالخارج وبأي مصالح أخرى غير مصالح لبنان
والسبت، أعلن نصرالله عدم السماح باستخراج النفط والغاز من حقل كاريش المتنازع عليه قبل حصول لبنان على مطالبه المحقة.
وبالمناسبة نفسها، قال نصر الله: "نحن أمام فرصة تاريخية والغاز هو فرصتنا الوحيدة للخروج من الأزمة".
وأضاف أن إسرائيل قالت إن الاستخراج سيكون في سبتمبر/ أيلول الجاري، "ثم قالوا إنهم أجّلوا الموضوع والمهم لنا أن لا يحصل الاستخراج من حقل كاريش المتنازع عليه قبل أن يأخذ لبنان حقوقه".
aXA6IDE4LjIxOC4yLjE5MSA= جزيرة ام اند امز