ميقاتي وتشكيل حكومة لبنان.. عابر على أشواك التأليف
للمرة الرابعة يكلّف نجيب ميقاتي لترؤس حكومة لبنان ليصبح بذلك، رئيس حكومة تصريف الأعمال والرئيس المكلف في الوقت عينه.
التكليف بتشكيل حكومة لبنان الجديدة يرفع منسوب التحديات أمام نجيب ميقاتي؛ الشخصية العابرة على أشواك تأليف غير مضمون.
ميقاتي كلّف، اليوم الخميس، بعدد أصوات ضئيل مقارنة مع المرة السابقة، بحصوله على 54 صوتا من أصل 128 صوتا من مجلس النواب اللبناني، وإثر إعلان فوزة بالأغلبية استدعته الرئاسة اللبنانية لتكليفه رسميا بتشكيل الحكومة.
يواجه رئيس الوزراء اللبناني المكلف تحديا يدركه كما مختلف الأفرقاء اللبنانيين، أن تكليفه لا يعني قدرته على التأليف، وبالتالي قد يبقى يحمل الصفتين إلى حين موعد انتخاب رئيس الجمهورية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، حيث من المفترض بعدها أن تشكّل حكومة جديدة.
هذا التحدي سببه أن عمر الحكومة لن يكون إلا أشهرا قليلة، إضافة إلى أنها قد تتولى إدارة البلد إذا لم تجر الانتخابات الرئاسية في موعدها كما حصل عام 2018، وبالتالي سيخضع تأليفها للمطالب والشروط المضادة.
ميقاتي الذي تولى المنصب الأول المخصص للطائفة السنية في لبنان، يعرف بعلاقاته الجيدة تقريبا مع مختلف الأفرقاء اللبنانيين، رغم أن تكليفه هذه المرة اقتصر بشكل أساسي على كتلة حزب الله وحليفه حركة أمل، إضافة إلى معظم النواب السنة في البرلمان وكتل صغيرة تضم مستقلين.
وعلى عكس العديد من القادة اللبنانيين، لا ينحدر ميقاتي من عائلة سياسية تقليدية، ولكنه بنى إمبراطورية تجارية ناجحة.
شغل ميقاتي منصب رئيس الوزراء ثلاث مرات من قبل معظمها في أوقات الأزمات، بما في ذلك ولايته الأخيرة حيث تم ترشيحه في سبتمبر/أيلول 2021 بعد فشل سعد الحريري في تشكيل حكومة نتيجة العوائق التي وضعت أمامه، وهي استمرت في عملها إلى حين إنجاز الانتخابات النيابية في شهر مايو/أيار الماضي حيث ينص الدستور على أنها تتحول إلى تصريف أعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
ميقاتي، رجل أعمال ملياردير يعتبر من كبار أثرياء لبنان العالم، دخل الحياة السياسية قبل نحو 25 عاماً ويُعد جزءا من الطبقة السياسية التي يطالب كثيرون برحيلها، وهو السبب الذي حال دون تسميته من قبل من يرفعون هذه الشعارات، إضافة إلى اعتباره فشل في اتخاذ أي إجراءات للحد من الأزمات المتفاقمة التي يعاني منها لبنان واللبنانيون.
قدرت مجلة "فوربس" العالمية ثروة ميقاتي بـ2,7 مليار دولار، وقد صنفته كواحد من أغنى ستة رجال أعمال في الشرق الأوسط للعام 2021.
وللمفارقة فإن الملياردير اللبناني المكلف بتشكيل الحكومة يتحدر من أفقر مدينة في لبنان، هي عاصمة الشمال، طرابلس، التي لا يحظى فيها بحاضنة شعبية، وهو ما أظهرته الانتخابات الأخيرة بحيث لم يفز المرشحون الذين دعمهم.
وأمام ميقاتي (65 عاماً)، مهمة صعبة مستمرة منذ حكومته السابقة وهي اتخاذ خطوات سريعة وموجعة للحدّ من الانهيار الاقتصادي المتمادي، الذي صنّفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وخلال مسيرته السياسية التي بدأها عام 1998، شغل ميقاتي مناصب وزارية عدة، وتمّ تكليفه في العام 2005 بتشكيل حكومة للمرة الأولى بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري. وأدى اغتياله حينها إلى انقسام سياسي حاد في البلاد بين فريقين، أحدهما معارض لسوريا وحزب الله عرف بفريق 14 آذار، ضمّ نجل الحريري سعد وحلفاءه، وفريقا آخر مواليا لهما، عرف بفريق 8 آذار.
ترأس ميقاتي حينها لمدة ثلاثة أشهر حكومة انتقالية من 14 وزيراً انحصرت مهمتها الأساسية بتنظيم انتخابات نيابية. وفي العام 2011، شكّل ميقاتي حكومته الثانية خلفاً لسعد الحريري، الذي سقطت حكومته إثر استقالة وزراء يمثلون حزب الله وحلفاءه.
واتُهم ميقاتي في حينها من قبل المعارضين بأنه "دمية" في يد حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في لبنان.
وفي العام 2013، قدم ميقاتي استقالة حكومته معللاً ذلك برفض الأكثرية في الحكومة تشكيل هيئة للإشراف على الانتخابات.
وكان ميقاتي قد انتُخب نائباً في البرلمان للمرة الأولى عام 2000. وتولى وزارة الأشغال العامة والنقل بين 1998 و2004.
ويُعدّ ميقاتي من السياسيين اللبنانيين الذين له علاقات عربية وغربية جيدة، لكنه كان يعد أحد خصوم الحريري السياسيين على الساحة السنّية، قبل أن يتحالفا خلال العامين الآخرين تحت راية "نادي رؤساء الحكومات السابقين"، الذي يضم إضافة إليه، كلا من سعد الحريري وتمام سلام وفؤاد السنيورة.
وميقاتي المولود عام 1955 حائز على إجازة في إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية في بيروت. وتابع دراسات عليا في معهد "انسياد" في فرنسا وجامعة "هارفارد" في الولايات المتحدة.
aXA6IDMuMTQ4LjEwNi40OSA=
جزيرة ام اند امز