خطة الإنقاذ اللبنانية.. معول جديد يعمق تصدعات "الموالاة"
خطة "الإنقاذ الإصلاحية" تواجه رفضا سياسيا وشعبيا لا يقتصر فقط على أحزاب المعارضة، إنما من داخل صفوف الموالاة أيضا
تواجه خطة "الإنقاذ الإصلاحية" التي تعمل الحكومة اللبنانية على بحثها وسُرّبت بنود منها، رفضا سياسيا وشعبيا، لا يقتصر فقط على أحزاب المعارضة، إنما داخل صفوف الموالاة.
ويأتي رئيس البرلمان نبيه بري، وهو حليف رئيسي للقوى التي جاءت بالحكومة، على رأس الرافضين للبرنامج الإصلاحي، ما يطرح علامة استفهام أمام إمكانية تأمين الغطاء السياسي له وإقرار الخطة بمجلس النواب.
التصدعات في صفوف الموالاة انتقلت كذلك لنواب بالتيار الوطني الحر، الحزب المحسوب على رئيس البلاد، بعد الانتقادات التي وجهت للخطة، فيما عده البعض محاولة للنأي بالنفس عن الآثار السياسية المترتبة على الدفاع عن الخطة الحكومية.
وكان رئيس الحكومة حسان دياب قد وعد عند تأليفها بإنجاز خطة الإنقاذ بأسرع وقت ممكن، وقال قبل أيام خلال لقائه مجموعة الدعم الدولية إنها ستكون متوفرة قريبا، لافتا إلى أنها في انتظار وضع اللمسات الأخيرة عليها.
وأشار إلى أن من أسباب التأخير محاولة إيجاد التوازن الصائب بين ما هو منصف للشعب وما هو مقبول في إطار المجتمع الدولي، ما يوحي بتوجه لإقرار خطوات مؤلمة.
وأكد دياب التزامه باستعادة الأصول المكتسبة بطرق غير شرعية، وعبّر عن أمله في أن تلقى الخطة دعم المجتمع الدولي بالقدر المناسب من التمويلات الخارجية على الرغم من الأوضاع الدولية الصعبة للغاية.
لكن ومع ترقب الداخل والخارج لهذه الخطة، من أجل حسم الموقف تجاه المساعدات التي ستقدم إلى لبنان لا يبدو أن المسودة المسربة عنها، إذا أقرت كما هي، ستكون على قدر آمال الشعب اللبناني كما الجهات المانحة أو التي أبدت استعدادها للمساعدة.
بنود الخطة
وأبرز البنود المسربة من الخطة والتي رفعت الأصوات الرافضة لها، كانت تلك المرتبطة باقتطاع أموال من ودائع المودعين بقيمة قد تتجاوز 60 مليار دولار، وذلك عبر تجميد الأموال أو مبادلتها بأسهم في المصارف، كذلك تحرير سعر صرف الدولار بحيث قد يصل إلى 3 آلاف ليرة، وهو ما سينعكس سلبا على حياة المواطنين ومداخيلهم التي يقبضونها بالليرة اللبنانية، إضافة إلى زيادة متوقعة للضرائب.
ويبلغ سعر صرف الليرة مقابل الدولار، بحسب المصرف المركزي، 1510، لكنه يصل في السوق السوداء إلى نحو 2800 ليرة.
ووفق المعلومات، ستتجه الدولة إلى شطب ديونها لدى المصرف المركزي التي جاءت عبر أموال المودعين في المصارف، ما يثير تساؤلات بشأن كيفية تعويضها خاصة في ضوء الغموض حول استعانة الحكومة بصندوق النقد الدولي.
وقال برلماني في حزب القوات اللبنانية، لـ"العين الإخبارية"، إنه انطلاقا من هذه التسريبات، "يبدو واضحا أن الحكومة بدلا من أن تذهب إلى الإصلاح وسد العجز من الباب الصحيح، وذلك عبر محاربة الفساد ووقف الهدر الحاصل في مؤسسات الدولة، لم تجد أمامها إلا أموال الناس لتصادرها".
وفي ضوء التربص السياسي، فضّل النائب عدم ذكر اسمه، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن مرة أخرى يجد اللبنانيون أنفسهم مطالبين بسد عجز ناتج عن ممارسات النخب السياسية.
واعتبر النائب أنه لا يمكن السير بهذه الخطة، التي وكما بدأت تلقى رفضا داخليا لن تلقى قبولا خارجيا من المجتمع الدولي الذي سيربط أي مساعدات للبنان بإجراءاتها، ورجح أن يؤدي إقرارها، إذا حصل، إلى تجدد الانتفاضة الشعبية بدرجة أكبر مما كانت عليه في الأشهر الماضية.
وعلى خط المعارضة، قال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، مساء الجمعة، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "منذ تشكيل هذه الحكومة وهي تعد اللبنانيين والعالم بخطة إنقاذ اقتصادي.. وبناء عليه قررنا فترة سماح بانتظار أن نحكم على الخطة الموعودة.. لكن يبدو أنها تتجه إلى خطة انتحار اقتصادي، مبنية على مصادرة أموال اللبنانيين المودعة في المصارف".
وأضاف الحريري: "فترة السماح التي أعطيناها لا تعني بأي شكل من الأشكال السماح للحكومة ومن يقف خلفها بتغيير طبيعة نظامنا الاقتصادي المصان بالدستور، (..) لتعفي الدولة نفسها من أي مساهمة في الجهد المطلوب من الجميع.. وسيكون لنا قريبا كلام آخر، إذا لم يتم تدارك الأمر".
من جانبه، أصدر رئيس حزب القوات سمير جعجع بيانا، اليوم السبت، قال فيه: "قبل إدخال الإصلاحات المطلوبة على قطاعي الكهرباء والاتصالات وعلى الجمارك، وقبل إغلاق المعابر غير الشرعية وإيقاف عقود كل الموظفين غير القانونيين والقانونيين الذين فرضوا لأسباب انتخابية فقط على الدولة، وقبل اتخاذ قرار نهائي باعتماد إدارة المناقصات في كل مناقصات الدولة، لن نوافق على أي خطة إنقاذية، لأنها لن تكون إنقاذية بالفعل".
واعتبر جعجع أن التوجه في الخطة المزمع الإعلان عنها "إيجاد موارد جديدة للدولة من جيوب الناس ومن دون سد مزاريب الهدر والفساد التي ما زالت مفتوحة على مصراعيها".
والموقف نفسه صدر عن حزب الكتائب، حيث قال النائب إلياس حنكش، على حسابه عبر تويتر: "نرفض أي مسٍّ بتعب اللبنانيين، إن كانوا أودعوا دولارا أو مليار دولار من عرق جبينهم!".
بدوره، هاجم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، إجراءات الحكومة، قائلا عبر حسابه على "تويتر": "هكذا تقدم حكومة اللون الواحد على مصادرة أموال الناس وتصنيفهم ومحاكمتهم وفق معايير غير قانونية وغير دستورية، وذلك وفق خط سياسي هدفه إلغاء أي اعتراض وصولا إلى محاولة تطويع طائفي ومذهبي للإطاحة بالطائف والسيطرة المطلقة على مقدرات البلد لضرب ما تبقى من سيادة أصلا وهمية وشكلية".
الموالاة على خط المعارضة
ولم تختلف المواقف كثيرا من قِبل بعض الفرقاء المشاركين في الحكومة، وكان رئيس البرلمان نبيه بري أول المعترضين، حيث شدّد، خلال لقائه قبل أيام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على أن "ودائع الناس في المصارف من المقدسات التي لا يجوز التصرف بها تحت أي ظرف من الظروف".
ولفت إلى أن التشريعات بشكل عام والمالية منها بشكل خاص هي في الأساس لحماية الناس وحقوقهم.
فيما قال النائب في كتلة بري قاسم هاشم، عبر حسابه في "تويتر": "عندما يسأل رئيس الحكومة عن ودائع الناس وزمن الإفراج عنها فيحيلهم إلى حاكم مصرف لبنان، يصبح من حقهم الخوف على ودائعهم".
من جهته، قال رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان المشارك في الحكومة، عبر حسابه على "تويتر": "الذين نهبوا الدولة وأموالها لم يشبعوا؟؟ حتى وصلت الوقاحة بهم إلى أن يشكلوا خطراً على أموال المودعين.. حذارِ من سرقة أموال المودعين إن كانوا من المقيمين أو المغتربين الذين تعذّبوا وتعبوا في الاغتراب ليضعوا أموالهم التي حصّلوها بكدّ اليمين وعرق الجبين في لبنان والمصارف اللبنانية، التي بدورها استثمرت في مصرف لبنان، ومصرف لبنان استثمر بأموالهم بدولة منهوبة وليست منكوبة فقط".
كتلة التيار ترفض
واليوم دخل نواب في كتلة التيار الوطني الحر، التي يرأسها وزير الخارجية السابق جبران باسيل والمحسوبة على رئيس الجمهورية، على خط الاعتراض، علما بأنه الفريق الذي يملك الحصة الأكبر من الوزراء في الحكومة.
وكتب النائب في "التيار" سيمون أبي رميا عبر "تويتر" قائلاً: "لديّ أمل كبير في هذه الحكومة التي تحمل على أكتافها إرثاً ثقيلاً نتيجة تراكمات سياسات النهب والفساد والهدر.. لذا، من غير المقبول اقتطاع قسم من ودائع المواطنين في المصارف.. استعادة الأموال المنهوبة وزج الفاسدين في السجون: البداية الجدية لأي عمل إنقاذي".
كذلك قال زميله في الكتلة نفسها النائب آلان عون، عبر حسابه على "تويتر": "أي خطة مالية اقتصادية لا تتضمن خريطة طريق، ولو على مراحل، لإعادة تكوين ودائع الناس عبر استعمال كل الوسائل من استرجاع الأموال المنهوبة من الفاسدين، ومحاسبة المسؤولين عن وقوع الخسائر، واستثمار أملاك الدولة ومؤسساتها المنتجة وتأمين ظروف مساعدة خارجية، هي محكومة بالسقوط".
aXA6IDMuMTQxLjQ3LjE2MyA= جزيرة ام اند امز