جان مارك بونفيس.. فرنسي رمم مباني بيروت قبل أن تسقط عليه
جان مارك بونفيس أصبح أول الضحايا الفرنسيين الذين تم تحديد هويتهم في هذا الحادث الدموي الذي أودى بحياة 137 شخصاً على الأقل.
أعلنت وزيرة الثقافة الفرنسية، روزلين باشلو، أن المهندس جان مارك بونفيس، الذي كان يعيش في لبنان للمشاركة في مشروعات ترميم منشآت دمرتها الحرب، بين الضحايا الذين سقطوا جراء الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت، الثلاثاء.
وأصبح جان مارك بونفيس أول الضحايا الفرنسيين الذين تم تحديد هويتهم في هذا الحادث الدموي الذي أودى بحياة 137 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 5 آلاف بجروح، إضافة إلى عشرات المفقودين.
وجان مارك بونفيس، هو مهندس معماري ولد في بيروت عام 1963، ويحمل الجنسية الفرنسية واللبنانية. تخرج في مدرسة باريس فيلامين للدراسات المعمارية، قبل أن يتابع دراسته في مدرسة اللوفر حول تاريخ الفن.
وحسب صحيفة "لاوريون لو جور" الفرنسية، فقد كان بونفيس في منزله الواقع في حي مار ميخيل، وكان يقوم بتصوير الانفجار وينقله مباشرة على موقع فيسبوك، قبل أن يقع الانفجار الثاني ويودي بحياته.
يوضح صديقه، غسان هاجر:" توفى في شقته، في مبنى قام بتصميمه بنفسه، والذي حاز بفضله على جائزة دولية"، موضحا أن هذا المعماريي الشهير، كان يتمتع بروح جميله وذهن فطن.
ربما اسم جان مارك بونفيس ليس معروفا للجميع في الخارج، لكن هناك العديد من البنايات التي قام بتصميمها في بيروت، وتحظى بشهرة كبيرة، منها مبنى East village building، الواقع في حي الجميزة، أحد الأحياء النابضة بالعاصمة بيروت.
وبفضل تصميم هذا المبنى، حاز مكتب جان مارك بونفيس أسوشييت، على العديد من الجوائز العالمية.
ولفتت سمعته الجيدة في لبنان وترميمه للعديد من المنشآت التي دمرتها الحرب الأهلية وما تلاها، انتباه بعض الوزراء، حتى تم تعيينه مستشارا لأحد وزراء الثقافة في لبنان.
ورغم سفره المتتالي للدراسة سواء في باريس أو لندن، فضل بونفيس أن يكرس حياته للعاصمة اللبنانية، محاولا إزالة علامات الحرب البارزة التي تحفر نفسها على وجهات مبانيها، وخلق مدينة رائعة طالما ارتسمت في خياله.
ففي حوار مع مجلة "أجندة كولوتورال"، وصف بونفيس نظرته لبيروت، كمدينة "تناقضات ونماذج، من واقع مختلف يلتقي وينفصل".
هذا الحب للعاصمة اللبنانية، ظهر في تصريحات وزيرة الثقافة الفرنسية التي حيت أعماله العظيمة لإعادة ترميم التراث اللبناني الذي دمره الحرب، مؤكدة أن فرنسا ولبنان يشتركان معا في التعبير عن حزنهما لوفاته.
نهاية مأسوية
يشرح صديقه اللحظات الأخيرة التي عاشها جان مارك بونفيس، وكأنها قصة مرعبة مجتزأة من حرب عالمية كبرى. فبحسب غسان سلامة، كانت المنطقة التي يقيم فيها مهدمة تماما وكأنها تعرضت لقنبلة ضخمة قضت على مظاهر الحياة فيها.
يتابع: "حاولت الدخول للمنطقة بعد توسلات للدفاع المدني الذي قبل في النهاية. وفي حطام المبنى، خرج قط من المبنى مفزوعا محاولا النجاة بنفسه، ووجدت جان مارك بونفيس ملقى على الأرض لا يزال على قيد الحياة، استطعت حمله ونقله إلى المشفى، لكنه لفظ أنفاسه في المساء.