لبنان 2022.. تعثر رئاسي وحكومي وإنجاز استحقاق دستوري وحيد
ينقضي عام 2022 دون أن يطوى لبنان صفحات أزماته، سواء على صعيد الاستحقاق الرئاسي أو تشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات، بموازاة أزمة معيشية ومالية لم يشهد لبنان مثيلا لها من قبل.
وينقضي 2022 واللبنانيون بلا رئيس للجمهورية، بعد فشل المجلس النيابي على مدار 10 جلسات في انتخاب رئيس جديد للبلاد، وسط اتهامات من قوى معارضة لحزب الله وحلفائه بالمسؤولية عن تعطيل الاستحقاق، واستمرار حالة الفراغ الرئاسي منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وعقد المجلس النيابي أولى جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا للرئيس ميشال عون في 29 سبتمبر/أيلول، لكنه فشل على مدار 10 جلسات وآخرها في عام 2022 بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في انتخاب رئيس جديد للبلاد.
انقسام حاد
جاء الفشل النيابي على وقع حالة انقسام حاد بين الفرقاء السياسيين، بين محور "8 آذار" الذي تقوده مليشيات حزب الله، والمحور السيادي التغييري، ومستقلين، دون أن يتمكن أي معسكر منهم من الوصول لاتفاق على مرشح واحد. ما زالت هناك محاولات للبحث عن ثغرة لاختراق جدار "الشغور الرئاسي".
وتتمسك التكتلات النيابية لأحزاب اللقاء الديمقراطي والقوات اللبنانية والكتائب وكتلة تجدد وبعض المستقلين بتأييد ترشيح النائب ميشال معوض، فيما لم يحسم نواب قوى التغيير (13 نائبا) موقفهم باتجاه دعم مرشح واحد.
الأمر نفسه لم يكن بعيدا عن التيار الوطني الحر، أو نواب حزب الله الذين ما زالوا يرفعون شعار (الورقة البيضاء)، بتعطيلهم نصاب الدورة الثانية، بعد فشلهم حتى الآن في الاتفاق على رئيس للبلاد.
وانسحب التعثر الرئاسي على الاستحقاق الحكومي، بعد الفشل في تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات خلفا لحكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي التي تقدمت باستقالتها في مايو/أيار الماضي عقب انتخاب مجلس النواب الجديد.
وحالت الخلافات السياسية دون تشكيل "ميقاتي" لحكومة جديدة، مما عطل استحقاقا دستوريا هاما أدخل البلاد في جدل سياسي واسع.
جدل "جلسة ميقاتي"
كما فجرت دعوة رئيس الحكومة اللبنانية إلى عقد جلسة مجلس الوزراء بهيئة تصريف الأعمال الإثنين 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي، جدلا جديدا بين الفرقاء السياسيين.
وتسببت الجلسة الحكومية أيضا في شرخ وأزمة عميقة في العلاقة بين الحليفين حزب الله والتيار الوطني الحر، عقب تأمين الحزب نصاب الثلثين من الوزراء اللازم لانعقاد جلسة الإثنين (ما يزيد عن 16 وزيرا من أصل 24).
وقاطع 7 وزراء من التيار الوطني الحر الجلسة، معتبرين أنها غير دستورية لكون الحكومة في مهمة تصريف الأعمال فقط ولا يحق لها الاجتماع كمجلس وزراء، فيما لبى باقي الأعضاء الدعوة مبررين ذلك بالحرص على تسيير مصالح المواطنين الضرورية.
لكن وبعيدا عن التعثر الرئاسي والحكومي، تمكنت الدولة اللبنانية خلال العام ذاته من إجراء استحقاق دستوري وحيد، تمثل في انتخاب مجلس نواب جديد في مايو/أيار الماضي بنظام القائمة النسبية، وأسفرت عن خسارة فريق 8 آذار المكون من حزب الله وحلفائه والتيار الوطني الحر الأغلبية النيابية، بحصولهم على قرابة 61 مقعدا من بين 128 مقعدا.
بيد أن المعارضة لم تتمكن من حصد الأغلبية أيضا، وباتت تركيبة البرلمان اللبناني موزعة بين فريق 8 آذار وأحزاب القوات اللبنانية والكتائب والتقدمي الاشتراكي وحلفائهم، فيما برزت كتلة جديدة ومستقلون لم يرجحوا أيا من الكفتين حتى الآن.
وعلى الصعيد الأمني، شهد لبنان عددا من الأحداث، أبرزها غرق مركب يحمل مهاجرين غير شرعيين قبالة سواحل طرابلس في سبتمبر/أيلول الماضي، مما أدى إلى مقتل العشرات من ركابه ولم تنجح جهود البحث عن جثث الضحايا في الوصول إليهم جميعا بسبب استقرار المركب على عمق كبير.
كما تم كشف عدد من المخططات الإرهابية وإحباط عمليات تهريب مخدرات عبر موانئ لبنانية إلى عدد من دول الخليج وأفريقيا.
حادثة اليونيفيل وانتشار الكوليرا
وفي ديسمبر/كانون الأول الجاري، شهد لبنان حدثا أمنيا كبيرا تمثل في إطلاق النار على سيارة تقل 4 جنود من الكتيبة الإيرلندية العاملة ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، مما أدى إلى مقتل جندي وإصابة 3 آخرين، فيما لا تزال التحقيقات مستمرة لمعرفة الجناة في العام الجديد.
وتعرضت البلاد لأزمات صحية بعد تفشي وباء الكوليرا في البلاد قبل احتوائه بفضل المساعدات الدولية وتوفير قرابة 900 ألف جرعة لقاح، بالإضافة إلى المساعدات الطبية التي قدمتها مصر، وقدرها 27 طنا من الأدوية ومستلزمات علاج الكوليرا.
كما عانى القطاع الصحي كباقي القطاعات في الدولة من ضعف الأجور وتردي الخدمات ونقص ملحوظ في الأدوية والمستلزمات الطبية.