عام على حراك لبنان.. حكومات سقطت ومحرمات تبخرت
عام دثّر لبنان بعباءة حزن حوّل ثغرها الباسم إلى أعين باكية وأصوات غاضبة تنشد الخلاص لبلد مثقل بالديون متخم بالفساد.
أُسقطت حكومتان وأُجهضت ثالثة.. زُلزلت بيروت ونزفت الليرة.. سنة دثّرت لبنان بعباءة حزن حوّل ثغرها الباسم إلى أعين باكية وأصوات غاضبة تنشد الخلاص لبلد مثقل بالحرائق والديون متخم بالفساد.
عام دشنه حراك شعبي أشعلت شرارته ضريبة تطبيق الرسائل النصية "واتساب"، فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
في الـ17 من الشهر نفسه، ذابت الاختلافات والمذاهب، وسقطت الفروقات، وتوحدت الأهداف والشعارات في الميادين، معلنة أن ساعة التغيير قد حانت.
من بيروت لطرابلس لبعلبك إلى كل لبنان، انتفضت الميادين بالجماهير الغاضبة على تردي أوضاعها المعيشية واختطاف هويتها السياسية من طبقة يرون أنها "قامرت" بحياتهم لحساب الغير.
ساعة التغيير
وحين علا صوت المحتجين في ساحات لبنان، استقال سعد الحريري من رئاسة الحكومة يوم 29 من الشهر نفسه، لتتشكل أخرى بقيادة حسان دياب ومعه اختصاصيون سمتهم أحزاب سياسية هي حزب الله وحلفاؤه الذين يشكلون غالبية في البرلمان.
لكن حكومة دياب لم تنجح في تحقيق مطالب وتطلعات المتظاهرين الذين رابطوا في الميادين إلى أن جاء الزلزال من مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب، ليطيح بالحكومة.
بعد انفجار مرفأ بيروت الدامي، استبق السياسيون اللبنانيون زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثانية، بالاتفاق على تكليف مصطفى أديب بتشكيل الحكومة الجديدة، الذي سرعان ما اعتذر عن المهمة بعد عراقيل وُضعت في طريقه وخاصة من قبل حزب الله وحليفته حركة أمل.
خلال تلك الفترة، تراجعت وتيرة الحراك، لأسباب عدة، أبرزها انتشار فيروس كورونا، وانشغال اللبنانيين في توفير لقمة العيش أمام انهيار اقتصادي متسارع.
غير أن كلمة "انتفاضة" أو "ثورة" ظلت تتردد على لسان اللبنانيين، وباتت شعارا لكل من يسعى للتغيير من أجل بلد أفضل، وإن كان الأزمات بالجُملة.
كسر المحرمات وانتصر في النقابات
لم يُسقط الحراك، سلطة الأمر فقط في لبنان، بل كسر ما كان يُعتبر من المحرمات، حين طالت الهتافات زعيم مليشيات حزب الله حسن نصر الله، في مشهد لطالما اعتُبر من "المحرّمات".
وإلى النقابات، وصلت رياح التغيير، فتم انتخاب ملحم خلف، القريب من المتظاهرين نقيبا لمحامي بيروت، في خطوة اعتبروها "انتصارا".
حتى وصلت إلى مجلس النواب الذي أقرّ خلال العام قانونين لمكافحة الفساد، في محاولة لتهدئة الشارع من جهة وإرضاء المجتمع الدولي الذي يطالب لبنان بإصلاحات عاجلة للحصول على دعم مالي يخرجه من الانهيار الاقتصادي.
وفي هذا الصدد، يقول القانوني والنائب السابق غسان مخبير إن الحراك الشعبي والضغط الدولي سرعا من هذا الأمر، في إشارة لقانوني مكافحة الفساد.
تغيير في الذهنية
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أعطى الحراك خلال عام، زخما لقضايا عدة بدءا بالعلمانية مرورا بحق المرأة في منح جنسيتها لأبنائها، وصولا لدعم الفئات المهمشة.
كل هذا ينظر إليه الباحث وأستاذ العلوم السياسية في باريس زياد ماجد بأنه "بداية تغيير في الذهنية".
لكن أستاذة التاريخ والعلوم السياسية كارلا إده، ترى أنه من المبكر "الحديث عن مرحلة تأسيسية".، خاصة أن الطبقة التي يطالب المحتجون برحيلها منذ عام مازالت تتحكم بالحياة السياسية وتتقاسم الحصص.