ها هي اليوم نكبة جديدة تحل بأهم مرفق اقتصادي في لبنان وهو مرفأ بيروت الذي وصل دوي انفجاره من إلى قبرص.
لم يكن ينقص لبنان أزمات جديدة حتى تتكسر النصال على النصال، فيكفيه من أزمات اقتصادية وأزمة كورونا، والصراعات الحزبية والطائفية والمناطقية، فأين لبنان سويسرا الشرق؟ ومصيف العرب حيث روعة السياحة في فنادقها ومطاعمها ومناظرها الطبيعية والفصول الأربعة التي تتعاقب عليها بكل جمال، هذه الجبال والشطآن التي غرد فيها الشعراء واستلهم منها الفنانون ألحانهم ولوحاتهم.
تلك الصورة الحالمة، قضت عليها الأحزاب المستوردة أفكارها من الخارج، والتي بنت دويلات داخل دولة، وبدأت تشعل الفتن وتتدخل في سياسة المنطقة العربية، وغررت بالشباب بذريعة الدفاع عن الوطن في وجه العدو الإسرائيلي، وبدت من نهاية السبعينيات من القرن الماضي وهي تدس السم في العسل، وتتسلح وتهدد الداخل والخارج، وباتت عصابة تستعملها الأيدي الاستعمارية في سوريا والعراق واليمن، وفي لبنان تندس رويدا رويدا حتى باتت تلعب دورا أساسيا في انتخاب رئاسة الدولة واختيار رئاسة الحكومة ووزراء لها فيها، ناهيك عن الإدارات العامة في مختلف قطاعات الدولة، ولم يحصد الشعب اللبناني من يومها إلا الخراب والدمار، واصطنعت حرب التحرير والنصر المزعوم عند انسحاب الجيش الإسرائيلي بعد أن حقق الخراب والدمار في كل مفاصل الدولة في قطاعات كثيرة، وتحطمت السدود وهدمت محطات توليد الكهرباء، والجسور والأبنية والشوارع، والتي لا يزال الشعب اللبناني يدفع فاتورتها إلى يومنا هذا.
أما الاقتصاد فحدث ولا حرج فلقد كانت هذه الزمرة وراء دمار اقتصاد البلد حتى أصبح منهكا جراء ماتقوم به هذه العصابة من تهريب النفط والمواد الغذائية وغيرها مما أضر البلاد والعباد، كل هذه الأزمات وضعت لبنان في قائمة الدول المفلسة في العالم والأكثر فقرا، حيث ازدادت البطالة كثيرا وأصبح قرابة 50% من الشعب يرزحون تحت خط الفقر، وأجبرت هذه الظروف البعض منهم إلى الانتحار هربا من هذه الحياة البائسة.
وها هي اليوم نكبة جديدة تحل بأهم مرفق اقتصادي في لبنان هو مرفأ بيروت الذي وصل دوي انفجاره من إلى قبرص. حيث تحل البضائع والسفن المليئة بالمواد الغذائية وصوامع القمح التي احترقت، إلى جانب الأضرار الجسيمة وسط بيروت وعشرات الشهداء والجرحى.
فكيف حدث ذلك؟ والمسؤولية تقع على من؟ هناك عدة احتمالات.. الأول هو الإهمال في ترك مستودع يخزن نترات الأمونيوم السريعة الاشتعال ولسنوات عديدة. ولاشك هي مسؤولية من يستلمون زمام الحكم اليوم، وهي وزارة تتبع أكبر الأحزاب في لبنان، إن لم تكن هي المسيطرة أو الوصية على الحكومة.
والاحتمال الثاني هو أن تكون هذه المواد مخبأة كتهديد مباشر وواضح ولاستخدامها في الحروب الداخلية إذا لزم الأمر، وأما الاحتمال الأخير هو أن تكون الصواريخ التي هدد فيها حسن نصر الله في إحدى خطاباته بضرب حاويات نترات الأمونيوم في حيفا وما وراء حيفا، قد أخطأت طريقها إلى مستودعات المرفأ في بيروت لتحرق الأخضر واليابس، وإن كانت كذلك فهم دائما يسلكون الطريق الخطأ كما يسلكونه اليوم في طريقهم المزعوم لتحرير القدس.
وإذا كان من احتمال آخر فهو أن ماحدث ضربة من الجيش الإسرائيلي للرد على الجعجعة الجوفاء التي يطلقها سيدهم بين الفينة والأخرى مهددا، ليصبح كلامه ذريعة لضرب لبنان، وتبقى "المقاومة" عنوانا لعنترياته المزيفة.
في النهاية وفي كل الحالات فإن هذه الأرواح البريئة التي أزهقت، والجرحى والمصابين كلهم في عنق الآثمين، ولا نريد إلا أن نرى لبنان يعود كما كان في السابق، البلد الجميل الآمن بشعبه الطيب المضياف وسائر دول منطقتنا العربية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة