لبنان يمنع سفيرة واشنطن إعلاميا بعد مهاجمتها حزب الله
القرار واجه انتقادات واسعة، حيث اعتبر خرقا لاتفاقية فيينا الديبلوماسية، وأكدت مصادر قضائية "إنه لا يمكن تنفيذه".
أثار قرار القضاء اللبناني بمنع وسائل الإعلام المحلية من الحصول على تصريحات أو إجراء مقابلات مع السفيرة الأمريكية في بيروت، بعد مهاجمتها لحزب الله، انتقادات واسعة، واتهامات للقضاء بتعقيد أزمات البلاد.
وكانت السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا، هاجمت في مقابلة مع قناة "الحدث"، الجمعة، حزب الله، مشيرة إلى أنه كلف لبنان مليارات الدولارات، والأمين العام للحزب، حسن نصرالله يهدد استقرار البلاد، والحزب يمنع الحل الاقتصادي"، معلنة عن عقوبات مرتقبة لحلفاء الحزب في البلاد.
وأصدر القاضي اللبناني محمد مازح، قراراً بمنع وسائل الإعلام المحلية، من إجراء أي مقابلة مع السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا، لمدة عام، متوعدا من يخالف بالإيقاف لمدة عام، ودفع مائتي ألف دولار غرامة.
وتعليقا على قرار المنع، قالت السفيرة الأمريكية:" إنها كانت تتمنى أن يقضي الناس ذلك الوقت، في محاولة حل المشاكل التي تواجه البلد، الذي يعاني من أزمة اقتصادية أدت لقلق الشعب، موضحة أن سفارة الولايات المتحدة لن تصمت.
وأوضحت السفيرة بأنها تلقت اتصالا من الحكومة اللبنانية تعتذر فيه عن القرار القضائي، مشيرة إلى أن الأهم أن تبقى حرية التعبير للشعب اللبناني مصانة.
ونقلت وسائل إعلام لبنانية عن مصادر قضائية قولها:" إن القرار لا يمكن تنفيذه، لأن لا سلطة للقضاء اللبناني على سفير دولة أجنبية، ما لم ترتكب جرما جنائيا في لبنان يعاقب عليه القانون."
وواجه القرار انتقادات إعلامية وسياسية واسعة، حيث اعتبر خرقا لاتفاقية فيينا الديبلوماسية التي تمثل قاعدة التعامل مع الديبلوماسيين المعتمدين، وقابلت قناة "الحدث" القرار، بإعلان إعادة بث المقابلة كاملة مرة ثانية، السبت.
وقالت وزيرة الإعلام، منال عبد الصمد على حسابها عبر "تويتر":" أتفهم غيرة القضاء على أمن الوطن من تدخل بعض الدبلوماسيين في شؤونه الداخلية، لكن لا يحق لأحد منع الإعلام من نقل الخبر، والحد من الحرية الإعلامية، وفي حال لدى أحد مشكلة مع الإعلام، الحل عبر وزارة الإعلام، والنقابة، والدور الاستشاري للمجلس الوطني للإعلام، وانتهاءً بمحكمة المطبوعات".
ومن جانبه، أعرب رئيس الحكومة السابق، نجيب ميقاتي عن استغرابه من القرار، قائلا عبر حسابه على "تويتر": مستغرب جدا قرار قاضي الأمور المستعجلة في منع السفيرة الأمريكية من التصريح الإعلامي، ومنع وسائل الإعلام من مقابلتها، هذا يشكل تجاوزا للدستور، وتعديا على دور وزارة الخارجية، وانتهاكا للمعاهدات الدولية، وإساءة للبنان وللحرية الإعلامية، والأخطر أنه يقدم نموذجا واضحا لوضع القضاء".
يعصف بمصالح لبنان
أما النائب السابق فارس سعيد فقال عبر حسابه على "تويتر":" قرار القاضي محمد مازح يؤكد أننا أمام قضاء خاضع لنظام الأمن اللبناني الإيراني، نطلب من نقيب المحامين، ورئيس مجلس القضاء التحرّك فوراً".
وأضاف:" كيف توفّقون بين مصلحة لبنان ومصالحكم، اسألوا الجيش إذا يوافق على هذا القرار".
ومن جهته، كتب الوزير السابق، ريشار قيومجيان عبر حسابه على "تويتر" قائلا: برافو .. إنجاز قضائي وديبلوماسي عظيم سينقذ لبنان اقتصاديا وماليا ويفتح الباب أمام المساعدات من كل حدب وصوب بانتظار التبليغ الشرعي والفتوى ذات الصلة.. مرحبا اتفاقية فيينا".
وتنص المادة 29 من اتفاقية فيينا على أن "للدبلوماسي حرمة، فلا يجوز بأي شكل القبض عليه أو حجزه، وعلى الدولة المعتمد لديها أن تعامله بالاحترام اللازم، وعليها أن تتخذ كافة الوسائل المعقولة لمنع الاعتداء على شخصه أو على حريته أو على اعتباره."
كما أن المادة 31 من الاتفاقية الملزمة للبنان تؤكد في البند الأول على أن أي ديبلوماسي يتمتع بالحصانة القضائية الجنائية في الدولة المعتمد لديها، ويتمتع أيضا بالحصانة القضائية المدنية والإدارية".
بدوره كتب الصحافي فارس خشان قائلا على حسابه على تويتر:" طبعاً قرار القاضي مازح لا يعدو كونه "مزحة ممانِعة"، فلا صلاحيات غرفته تسمح بذلك، ولا الأعراف الدبلوماسية ولا قانون المطبوعات".
واعتبرت قناة "ال بي سي" اللبنانية القرار بأنه تدخل في قدسية وحرية العمل الإعلامي التي يصونها الدستور اللبناني والقوانين، وتعتبره غير ملزم وغير نافذ، وبالتالي ستتقدم بطعن بوجهه، أمام السلطات القضائية المختصة.
وأكدت "أن القضاء غير قادر على المس بالحريات الإعلامية، وإذا كانت هناك من تصفية حسابات سياسية، وارتضى بعض القضاء أن يكون جزءًا منها، فإن الحريات الإعلامية ليست جزءًا من هذه التصفيات، الحرية الإعلامية إما أن تكون وأما ألا تكون".