الراعي يحذر نخبة لبنان.. والبلد عالق في أزمة "نصاب قانوني"
حذر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال عظة الأحد اليوم من دفع البلاد إلى "ثورة مفتوحة" تحت ضغط الأزمات وغياب رأس السلطة.
وفشلت النخب السياسية في البلد الذي يعيش واحدة من أسوأ أزماته الاقتصادية منذ عقود، في انتخاب خلفا لرئيسه المنتهية ولايته العماد ميشال عون.
وتساءل البطريرك الراعي: "ألم يحن الوقت ليجتمع النواب ويختاروا الرئيس الأفضل بالنسبة لحاجات البلاد؟، والرئيس الأفضل هو الذي يعيد اللبنانيين إلى لبنان، خاصة وأن هناك تحديات إقليمية ودولية تحاصر البلاد، والمنطقة على مفترق أحداث خطيرة للغاية ويصعب التنبؤ بنتائجها وانعكاساتها".
ومنذ 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعيش لبنان فراغا رئاسيا، ومنذ ذلك الحين فشل مجلس النواب في انتخاب خليفة لعون على مدار 10 جلسات عقدها لهذا الغرض.
وبدأ هذا الفراغ في الانسحاب شيئا فشيئا على مؤسسات وأجهزة البلاد التنفيذية.
وعقب استقالة حكومة نجيب ميقاتي إبان انتخابات برلمانية في مايو/أيار الماضي، حالت الخلافات السياسية في لبنان دون تشكيل حكومة جديدة برئاسته، بعدما كلفه البرلمان مجددا بهذه المهمة.
وفي معرض انتقاده للمسؤولين والمعطلين لانتخاب رئيس جديد للبلاد، قال الراعي: "تنص مقدمة الدستور على أن الشعب هو مصدر السلطات وبموجب هذا القانون كل أصحاب مسؤولية في المؤسسات الدستورية موكلون من الشعب، فنراهم على العكس أعداء الشعب".
وأضاف: هؤلاء فقّروه وجوّعوه ومرّضوه وحرموه من حاجاته وحقوقه الأساسية ليعيش، وحرموه العدالة بتسييس القضاء، وذلك بأحجامهم عن انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا هو باب الفلتان والفوضى في حكم المؤسسات".
وتساءل مستنكرا : "أين مجلس النواب الذي أصبح هيئة ناخبة، ويحجم عن انتخاب رئيس للجمهورية، قاطعا من جسم الدولة رأسها؟، ألم يحن الوقت ليجتمع نواب الأمة في المجلس النيابي، ويختاروا الرئيس المناسب والأفضل بالنسبة إلى حاجات البلاد وشعبها، وهو الذي يعيد أيضا اللبنانيين إلى لبنان مع الاستقرار والازدهار".
وإذ أكد تشجيعه لمبادرة النواب المجتمعين في قاعة المجلس؛ للضغط من أجل انتخاب رئيس، أعرب البطريرك الراعي عن أمنيته أن يكتمل العدد حتى النصاب وتتم العملية الانتخابية.
ورأى البطريرك الراعي، أن "ثمة من يعمل على إعطاء لبنان لونا طائفيا ومذهبيا، ولا بد أن نكون واعين للدفاع عن لبنان".
وقبل أيام، استقبل البطريرك بشارة الراعي رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، وقبله التقى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بشأن أزمة الاستحقاق الرئاسي.
وحول تلك اللقاءات، قال البطريرك بشارة الراعي في عظته: "من جهتنا ككرسي بطريركي نواصل الاتصالات والمساعي للدفع نحو انتخاب رئيس جديد، بالتنسيق الوثيق مع سائر المرجعيات الروحية والسياسية؛ آملين التوافق مع جميع شركائنا في الوطن".
وأردف: "رئيس الجمهورية وإن كان مارونيا ليس للموارنة والمسيحيين فقط، بل لكل اللبنانيين، ونود أن يكون اختياره ثمرة قرار وطني ديمقراطي، فالمرحلة المقبلة هي مرحلة انتشال لبنان من الانهيار، وإعادته إلى ذاته وهويته في نطاق الكيان اللبناني".
وعلى صعيد أزمة انقسام الجسم القضائي، تساءل أيضا: "أين العدالة التي هي أساس الملك؟ والقضاة في حرب داخلية، قضاة ضد قضاة، صلاحيات ضد صلاحيات، أحقاد ضد أحقاد، لم يعرف لبنان في تاريخه حربا قضائية أذلت مكانة القضاء وحوّلت المجموعات القضائية ألوية تتقاتل في ما بينها غير عابئة بحقوق المظلومين والشعب".
وناشد الراعي المحقق العدلي القاضي طارق البيطار مواصلة عمله لكشف الحقيقة، "ما يؤسفنا أن فقدان النصاب يطال أيضا اجتماعات الهيئات القضائية، وهذا غير مقبول فللقضاء آليته وتراتبيته، مضيفاً: "لن نسمح بأن تمر جريمة المرفأ من دون عقاب".
ويعيش لبنان على سطح صفيح ساخن، بعد أن دخلت قضية انفجار مرفأ بيروت، منعطفا خطيرا غداة الإفراج عن كافة الموقوفين، وإثر اعتداء عناصر من حرس وزير العدل هنري الخوري، على عدد من أعضاء مجلس النواب عقب لقاء جمعهم بالوزير بقصر العدل، وخصص لبحث سبل حل الأزمة.
وقرر النائب العام التمييزي بلبنان غسان عويدات، الأربعاء الماضي، إطلاق سراح كافة الموقوفين في قضية انفجار مرفأ بيروت، وسط أزمة قضائية بعد إعلان المحقق العدلي في القضية استئناف تحقيقاته فيها عقب 13 شهراً على تعليقها.
وباليوم نفسه، قرر عويدات الادعاء على البيطار وسط معركة قضائية اشتعلت الأسبوع الحالي بين الطرفين.
من جانبه، أعرب البيطار عن رفضه التنحي عن الملف إثر ادعاء النائب العام التمييزي عليه بتهمة "التمرد على القضاء".