عودة ليدز يونايتد لواجهة الدوري الإنجليزي تعيد الأذهان الفيلم السينمائي "يونايتد اللعين" الذي أنتج عام 2009.. تعرف على التفاصيل
يشهد يوم السبت الظهور الأول لفريق ليدز يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد غياب دام نحو 16 عاما، منذ هبوطه للدرجة الأدنى بنهاية موسم 2003-2004.
رجال المدرب الأرجنتيني مارسيلو بيلسا يخرجون لمواجهة حامل اللقب، ليفربول، في ملعب "أنفيلد" ضمن منافسات الجولة الافتتاحية للبريمييرليج.
وتخلل فترة غياب ليدز عن أضواء البريمييرليج إنتاج فيلم سينمائي عن الفريق يحمل اسم "يونايتد اللعين"، يسلط الضوء على حقبة المدرب الإنجليزي الشهير برايان كلوف داخل النادي عام 1974.
وجسد دور كلوف الممثل الويلزي مايكل شين، الذي أجاد في محاكاة شخصية المدرب الإنجليزي الشهير، الذي تولى تدريب ليدز خلفا لمواطنه دون ريفي بعد مغادرة الأخير لتدريب منتخب إنجلترا.
عداء مبكر
الفيلم يظهر في البداية وصول كلوف إلى مقر نادي ليدز في يومه الأول كمدرب للفريق المتوج بلقب الدوري الإنجليزي، إذ كان آنذاك الأهم والأعظم في البلاد، وهو كان سببا في انبهار أطفاله لحظة وصولهم بسيارتهم إلى النادي.
لم تكن البداية موفقة لكلوف، الذي خرج بتصريحات نارية عبر مقابلة تليفزيونية فور توليه تدريب ليدز، يتمسك فيها بهجومه وانتقاداته الحادة التي وجهها سابقا للفريق تحت قيادة ريفي.
وقرر كلوف الانتقاص من جديد من طريقة وأسلوب لعب ليدز تحت قيادة ريفي، حيث أكد أنهم كانوا يلعبون كرة قدم قبيحة، تعتمد على العنف، فضلا عن إشارته لعدم تتويج الفريق بكل شيء مع مدربه السابق، نظرا لعدم فوزه بالكأس الأوروبية (دوري الأبطال حاليا).
تصريحات كلوف أثارت غضب مجلس إدارة ليدز، ليقرروا الاجتماع معه سريعا لمناقشته ولومه عليها، بينما ظهر الغضب ذاته على اللاعبين، ليكسب المدرب الجديد عداوة لاعبيه الجدد مبكرا.
سر العداوة
ويستعيد الفيلم بعد ذلك بداية العداوة بين كلوف وريفي، التي بدأت عام 1968 حينما كان الأخير مدربا لليدز يونايتد، والأول يتولى تدريب ديربي كاونتي في دوري القسم الثاني، حيث كان يكافح في مؤخرة الجدول من الهبوط.
وعند إجراء قرعة كأس الاتحاد الإنجليزي، ظهر كلوف وسط أسرته مترقبا للنتيجة، التي أسفرت عن وقوعه في صدام مع الفريق العريق ليدز يونايتد، وهو ما تسبب في فرحة عارمة داخل المنزل، ليبدأ مدرب ديربي في الاحتفال والقفز مهللا بالحدث الكبير.
وسرعان ما توجه كلوف لمقر النادي من أجل الاستعداد لهذا الحدث الكبير، سواء بتنظيف غرف الملابس بنفسه، أو محاولة قص عشب الملعب، الذي سيستضيف المباراة المنتظرة، التي تمثل له أهمية بالغة.
اهتمام كلوف بالمباراة كان كيوم العيد بالنسبة له، كما أنه أعد بنفسه مشروبا لتناوله مع نظيره في ليدز بعد المباراة، كما جرت العادة في الملاعب الإنجليزية.
وحرص كلوف على استقبال ريفي ولاعبيه بنفسه على أبواب النادي، وعند وصولهم مروا عليه دون اكتراث له، بينما كان مدرب ديربي يعرف نفسه له "أنا برايان كلوف"، ليتلقى صدمة تجاهله من جانب نظيره في ليدز بعدما كان متهيئا لهذه اللحظة على مدار أيام.
عقل كلوف كان مشتتا طوال المباراة، ونظراته الحانقة لم تتغير كلما نظر إلى ريفي على مقاعد بدلاء ليدز، الذي فاز بالمباراة وعبر عقبة ديربي في عقر داره، لكن الصدمة الثانية جاءت بتجاهل مدرب ليدز لمصافحة نظيره في الفريق الخاسر، واكتفى بفعل ذلك مع مساعديه.
ازدادت دهشة كلوف آنذاك، الذي ظهر داخل مكتبه محبطا من تجاهل ريفي له للمرة الثالثة عبر مغادرة الملعب دون احتساء المشروب الذي أعده له قبلها بساعات، مؤكدا أن نظيره في ليدز لم يحترمه أو يقدره كما كان ينبغي، مما زاد دوافعه من أجل النجاح أكثر مع فريقه، للوصول يوما ما إلى مقارعة ليدز في دوري القسم الأول.
وأعد كلوف العدة لذلك عبر التعاقد مع لاعبين يمكنونه من تطبيق أفكاره، لينجح ديربي بعد أشهر قليلة في تصدر جدول القسم الثاني والتتويج باللقب في نهاية موسم 1968-1969.
44 يوما من الجحيم
بعد صعود ديربي إلى القسم الأول وسط الكبار وعمالقة إنجلترا، لم يحتج الفريق سوى عامين فقط لخطف اللقب من أنيابهم تحت قيادة المدرب الشاب كلوف، بل ونجح في التغلب على ليدز العريق آنذاك.
شهرة كلوف تخطت حدود إنجلترا وبريطانيا، حتى وصل الحال إلى خروج الملاكم الأسطوري محمد علي كلاي بتصريحات تليفزيونية رد فيها على ما قاله كلوف في لقاء سابق بأنه لم يقل بأنه أفضل مدرب إنجليزي، بل رقم 1 في القائمة.
تلك التصريحات المشابهة لما قاله المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو عند تقديمه كمدرب لتشيلسي الإنجليزي عام 2004، لم تمر على الملاكم الأسطوري، الذي قال في لقاء تليفزيوني "شخص ما في لندن، اسمه برايان كلوف، سمعت أنه يتكلم كثيرا، والبعض يقول بأنه نسخة أخرى مني، لكن هناك محمد علي واحد فقط، والآن عليك (كلوف) أن تتوقف".
هذا الإنجاز لفت أنظار كبار إنجلترا إلى مدرب ديربي، مما دفع إدارة ليدز للتفكير فيه ومنحه فرصة خلافة عدوه "ريفي" بعد عامين فقط من إنجازه الكبير.
اليوم الأول لكلوف في مقر تدريبات ليدز كان مشابها لمقابلته التليفزيونية الأولى كمدرب للفريق، حيث وجه للاعبين انتقادات حادة بسبب أسلوبهم القبيح والعنيف، رغم إنجازاتهم المحلية التي تحققت في عهد ريفي.
واتهم كلوف لاعبي ليدز بالفوز بالغش في السنوات السابقة، لذا طالبهم بضرورة تتبع أسلوبه وأفكاره المغايرة لما اعتادوا عليه في عهد سلفه، وهو ما تسبب في حنق وغضب اللاعبين من مدربهم الجديد.
لم تكن ردة فعل اللاعبين جيدة تجاه كلوف، بل أظهروا عدم ترحيبهم بالمدرب الجديد، وحاول بعضهم إهانته عند مشاركته في التقسيمة خلال التدريبات، عبر توجيه ضربات عنيفة له.
رحلة كلوف بدأت مع ليدز والخسائر كانت في انتظاره واحدة تلو أخرى، حيث بدا اللاعبون غير راغبين في تقديم أفضل ما لديهم من أجل كلوف.
النتائج بدأت في إحباط كلوف، الذي عجز عن التغلب على هذه المؤامرة رغم محاولته التوقيع مع بعض اللاعبين المميزين في أندية أخرى.
وفي ليلة قضاها كلوف في التفكير في المؤامرة التي حيكت ضده من لاعبي ليدز، أمسك بهاتفه واتصل على ريفي في منتصف الليل، وقال له "إنهم لا يريدون اللعب لصالحي، أولادك الأوغاد.. ولن يحدث هذا أبدا، لأنهم موالون لك، وأردتك أن تسمع ذلك".
وبدأت الجماهير بدورها في صب غضبها على كلوف، لتتغنى في المدرجات بدون ريفي "هناك دون ريفي واحد"، وهو ما زاد من حدة الضغوط على كاهل المدرب الشاب، الذي كان في وضع صعب بسبب النتائج المخيبة.
ومع توالي الخسائر، قرر مجلس إدارة النادي الاجتماع بلاعبي ليدز لمعرفة سر النتائج المتدنية، ليصرح اللاعبون علنا بعدم رغبتهم في استمرار كلوف، الذي لا يحسن التعامل معهم مثل سلفه ريفي.
وبالفعل، قررت إدارة ليدز إقالة كلوف من منصبه بعد 44 يوما فقط من توليه المسؤولية، لتنتهي رحلته مع الفريق العريق في لمح البصر.
تاريخ غير قابل للنسيان
بعد عدة أسابيع، حصل كلوف على عرض من نادي نوتنجهام فورست الإنجليزي لتولي تدريبه مع بداية عام 1975، ليقبل المهمة على الفور وتبدأ رحلته التاريخية والأخيرة كمدرب محترف.
كلوف استطاع أن يقود نوتنجهام للصعود إلى دوري القسم الأول في غضون فترة وجيزة، لينجح في قيادته للفوز باللقب في موسمه الأول بعد الترقي مباشرة، وهو إنجاز لم يفعله قبله سوى مدربين فقط.
التتويج بلقب الدوري الإنجليزي في موسم 1977-1978، في الوقت الذي احتل فيه في ليدز المركز التاسع، كان أفضل طريقة رد بها كلوف على ناديه الأسبق.
وزاد على ذلك بفوزه بلقب كأس الدوري "رابطة المحترفين حاليا" في الموسم ذاته، قبل أن يظفر بلقب الدرع الخيرية عام 1978.
وبعد تأهله إلى الكأس الأوروبية (دوري الأبطال)، حقق كلوف إنجازا تاريخيا بقيادة نوتنجهام لانتزاع اللقب من بين أنياب عمالقة القارة العجوز، قبل أن يفاجئ الجميع بالفوز به مجددا في الموسم التالي، ليكتب اسمه في تاريخ البطولة والكرة الإنجليزية بوجه عام.