عالم رياضيات فرنسي يقلق الشارع العراقي.. ما علاقة "سانت ليغو"؟
ما إن ينطفئ فتيل أزمة في العراق حتى تتجدد المخاوف من اشتغال أخرى. وهذه المرة من بوابة "سانت ليغو".
فيوم غد السبت هو موعد تصويت البرلمان العراقي على قانون انتخابات "جديد-قديم"، يتعلق بعودة العمل بنظام "سانت ليغو" الانتخابي المعدل بنسبة 1.9.
نظامٌ انتخابي حال إقراره من قبل البرلمان، سيعود إلى العمل بنظام دائرة انتخابية واحدة لكل محافظة، كما أنه سيلغي صيغة الدوائر المتعددة المعتمدة في القانون الحالي.
وكان مجلس النواب العراقي قد صوّت في الـ20 من الشهر الحالي على أكثر من نصف المواد المقترحة في مشروع قانون الانتخابات الجديد، بينها اعتماد الفرز الإلكتروني للأصوات، وإلزام المرشحين بالتقدم نحو المنافسة بالحصول على أقل تقدير على شهادة البكالوريوس.
كما صوّت المجلس على أن يكون المرشح غير محكوم عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف، بما فيها قضايا الفساد الإداري والمالي المنصوص عليها في المواد (330، 333، 334، 335، 336، 338، 339، 340) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل، بحكم قضائي بات، سواء كان مشمولا بالعفو عنها من عدمه.
وعلى وقع التحرك نحو تعديل قانون الانتخابات، شهدت البلاد مظاهرات واسعة احتجاجاً على العودة للنظام الانتخابي "سانت ليغو" والدائرة الانتخابية الواحدة.
وينقسم المشهد العراقي بين فريقين، أحدهما يدفع بقوة للعودة إلى القانون الانتخابي ما قبل خريف 2019، ويمثله التكتل السياسي "الإطار التنسيقي"، الذي ينحدر منه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
فيما يبدي الفريق الآخر -متمثلاً بالقوى السياسية المستقلة والمدنية- اعتراضاً كبيراً على تمرير التعديل الحالي، إذ يرون أنه عودة إلى "ديكتاتورية الأحزاب الكبيرة".
ويضم الإطار كتلا شيعية أبرزها كتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران، ودولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وكان الإطار قد تعرض لخسارة فادحة في الانتخابات الماضي، قبل أن يستحوذ على غالبية مقاعد البرلمان، جراء استقالة نواب الكتلة الصدرية، العام الماضي.
ما هو "سانت ليغو"؟
و"سانت ليغو"، آلية تعتمد في حساب الأصوات الانتخابية وتوزيعها على الكتل والقوى المتنافسة، وفقاً لتقسيمات تعتمد الأرقام الفردية للأرقام العشرية 3 و 5 و7 و9 من أصل واحد.
وتسمى هذه الطريقة، وفقاً لاسم مبتكرها عالم الرياضيات الفرنسي أندريه سانت ليغو عام 1912، والتي ترمي إلى توزيع الأصوات على المقاعد الانتخابية في الدوائر متعددة المقاعد، وبهدف تقليل العيوب الناتجة بين عدم التماثل في الأصوات وعدد المقاعد المتحصل عليها.
ومنذ أول انتخابات نيابية في العراق ما بعد 2003، كان القانون يعتمد في تجربة 2006 الدوائر المغلقة، وفي 2010 القوائم شبه المفتوحة.
إلا أن إقرار اعتماد نظام سانت ليغو عام 2014 وفق تقسيم 1.9، جاء بعد طعن المحكمة الاتحادية حينها بما يعرف بـ"الباقي الأقوى".
ويعزو معكسر الاعتراضات على تقسيمات "سانت ليغو"، إلى أنه يسمح بمصادرة أصوات القوى الصغيرة وتقزيمها مقابل تضخيم الأصوات التي تحصدها القوى الكبيرة، ما جعلها في حالة من التمكن والوصول إلى المقاعد النيابية بأرقام كبيرة.
وللمرة الأولى في تاريخ العراق الديمقراطي جرت انتخابات 2021 التشريعية وفق قانون انتخابي جديد ألغى بموجبه نظام "سانت ليغو" وتقسيم العراق إلى دوائر انتخابية متعددة.
المصلحة لمَن؟
ودفعت الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي عمت محافظات الوسط والجنوب في أكتوبر/تشرين الأول 2019، إلى قيام السلطة التشريعية بإقرار قانون انتخابات جديد استجابة للإرادة الجماهيرية.
شروق العبايجي، الأمين العام للحركة المدنية الوطنية، تقول إن "القصد من رفع نظام سانت ليغو والذهاب نحو الدوائر المتعددة خطوة كان القصد من ورائها هو تصحيح الصورة المشوهة عن الديمقراطية الناشئة في العراق جراء التجارب السابقة".
وتضيف العبايجي -في حديث لـ"العين الإخبارية"-، أن "العوة إلى القاسم الانتخابي والدائرة الواحدة يصب في مصلحة القوى الكبيرة التي منيت بخسارة كبيرة خلال الانتخابات التشريعية المبكرة الماضية، وكذلك هي مصادرة للدماء التي سالت في احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019".
من جانبه يقول الرئيس الأسبق لمفوضية الانتخابات، مقداد الشريفي، إن "القوى الناشئة أو الصغيرة ليس لديها اعتراض على تعديلات قانون الانتخابات الجديد، وإنما الخلاف على آلية احتساب الأصوات في تقسيماته الفردية، حيث ترغب في أن يكون عند 1.3 أو 1.5 في أعلى تقدير".
ويوضح الشريفي لـ"العين الإخبارية"، أنه "ووفق المنطق الفني ومعطيات الأرقام التي أفرزتها التجربة السابقة تفرض الذهاب نحو تعديل القانون الانتخابي، بما يسمح للجميع بالمشاركة وتحقيق العدالة في توزيع الأصوات".
ولفت إلى أن "التعديل الجديد سيصب في صالح القوى الصغيرة، شرط أن تتحالف مع بعضها، وألا تبقى مشتتة ضمن قوائم مفردة".