كيف أقصى ستالين منافسه للفوز برئاسة الاتحاد السوفياتي؟
عقب وفاة فلاديمير لينين، شهد الاتحاد السوفياتي صراعا حول السلطة بين كل من جوزيف ستالين وليون تروتسكي.
وفي خضم هذا الصراع حول السلطة، عارض تروتسكي بشدة توجهات ستالين، الذي شق طريقه عبر أروقة السلطة وانتصر على منافسه تروتسكي رغم شعبيته الكبيرة، والذي اضطر في النهاية إلى الفرار إلى المكسيك، حيث اغتاله أحد عملاء ستالين.
فكيف تمكن ستالين، الذي أدانه لينين قبل وفاته، من سحق معارضيه والتفوق على تروتسكي؟
تروتسكي ضد ستالين.. معركة الخلافة
خلال الأسابيع التي سبقت إصابته بالسكتة الدماغية الأخيرة ووفاته، أمر لينين مساعديه بتسجيل أفكاره وتعليماته فيما يتعلق بمستقبل الحزب الشيوعي، إذ عرض رؤيته لمستقبل الاتحاد السوفياتي، وذكر أيضًا أن الاشتراكية قد انتصرت في روسيا بفضل قيادته.
وفي بداية يناير/كانون الثاني 1923، أملى لينين رسالة لاذعة انتقد فيها دور جوزيف ستالين في الحزب الشيوعي، وحث من هم في السلطة على عزله من منصبه وحذر من نواياه. وأمر أنه في حالة وفاته تسليم هذه الرسالة اللاذعة إلى الحزب.
وبعد عام من وفاة لينين. ساد الحزن جميع أنحاء البلاد، وتعهد أعضاء الحزب الشيوعي بمواصلة أيديولوجيته. والأهم من ذلك، أن ليون تروتسكي، المرشح القوي ليكون الزعيم الجديد للأمة، كان بعيدًا عن موسكو في الأيام الثلاثة التي تلت وفاة لينين.
وانتشرت شائعة مفادها بأن تروتسكي كان واثقًا جدًا من انتخابه زعيمًا جديدًا للحزب، لدرجة أنه غادر موسكو قبل وفاة لينين من أجل العودة إلى المدينة كزعيم للأمة.
وعندما وضعت الترتيبات لجنازة لينين، أرسل جوزيف ستالين برقية إلى تروتسكي يحثه فيها على العودة إلى موسكو. والأهم من ذلك، أنه تعمد إعطاء تروتسكي موعدًا خاطئًا للجنازة، ما جعله يغيب عنها، وسمح لستالين بتسليط الأضواء عليه طوال الجنازة. ومن هنا بدأت معركة الخلافة.
الاتحاد السوفياتي في مفترق طرق
في الصراع على الخلافة، كانت الخطوة الأولى التي اتخذها جوزيف ستالين للحد من سلطة تروتسكي هي تشكيل تحالف ثلاثي مع المرشحين المحتملين الآخرين للقيادة، ليف كامينيف وغريغوري زينوفييف.
كانت هزيمة تروتسكي مهمةً صعبة، إذ كان له دور عام وبارز في الثورة البلشفية. علاوةً على ذلك، طور تروتسكي الجيش الأحمر ولعب دورًا جوهريًا خلال الحرب الأهلية الروسية.
وتنازع زينوفايف وكامينيف علنًا مع تروتسكي، في حين فعل ستالين ذلك بهدوء، في محاولة منه للظهور على أنه "رجل المركز الذهبي".
ومنعت هذه الترويكا الأصوات اللازمة لتروتسكي لخلافة لينين كوزير أول للحزب الشيوعي. وبدلاً من ذلك تم التصويت على أليكسي ريكوف كوزير أول.
حدثت المرحلة الأخيرة في معركة الخلافة في العام التالي لوفاة لينين. في عام 1925، حينما طلب المكتب السياسي؛ الإدارة البيروقراطية للحزب الشيوعي والاتحاد السوفياتي، من تروتسكي الاستقالة من منصبه كقائد للجيش، وهو ما قابله بالرفض، لكنه سرعان ما أُجبر على الاستقالة.
وكانت هذه آخر العقبات التي واجهها ستالين في صراعه من أجل الخلافة. ففي عام 1927، تم طرد تروتسكي من المكتب السياسي ونُفي إلى كازاخستان. في عام 1929، ولاحقا طرد تروتسكي من الاتحاد السوفياتي وأجبر على الإقامة في تركيا.
المنفى المكسيكي
بحلول عام 1937، كان تروتسكي قد فقد الكثير من نفوذه السابق. ثم نُفي أخيرًا إلى المكسيك، حيث تمكن عملاء ستالين في عام 1940، من القبض على تروتسكي، واغتياله على يد رامون ميركادر، الذي ضربه بفأس جليدي.
لماذا فشل تروتسكي ونجح ستالين؟
نظريا، كان المفترض أن يكون تروتسكي الخليفة الطبيعي لقيادة الاتحاد السوفياتي بعد وفاة لينين. فقد عمل إلى جانب لينين قبل فترة طويلة من دخول ستالين إلى الصورة. وكان في الخطوط الأمامية خلال ثورة 1917 وقاد الجيش الأحمر إلى النصر في الحرب الأهلية. وكان محبوبًا ومحترمًا من قبل عامة الناس باعتباره بطل حرب ونجمًا شيوعيًا.
رغم ذلك، كان لدى ستالين شيء واحد لم يكن لدى تروتسكي: أصدقاء في المراكز العليا. ورغم كراهية الكثيرين لستالين فإنهم كانوا يكرهون تروتسكي أكثر، حيث كان تروتسكي قصيرًا وعديم اللباقة مع النخبة الشيوعية. واستخدم ستالين هذه الكراهية لتروتسكي المغرور والواثق من نفسه لإقناع من هم في السلطة بالتصويت ضده، ليصبح الزعيم الجديد للاتحاد السوفياتي. وبمجرد التغلب على هذا التحدي الأول، أصبح سقوط تروتسكي وصعود ستالين أمرا لا مفر منه.
aXA6IDE4LjE4OS4xNDMuMSA= جزيرة ام اند امز