مشكلة الغنى.. أزمة "غريبة" تؤرق بنوك ألمانيا
البنوك الألمانية تبحث عن أماكن لتخزين الأموال المتراكمة وتبحث عن حل لمشكلة تلال النقود المتواجدة لديها من الأموال السائلة
ذكرت صحيفة "ليزيكو" الفرنسية أن البنوك الألمانية تعاني من مشكلة "الغنى"، موضحة أن تلك البنوك تبحث عن حل لمشكلة تلال النقود المتراكمة لديها من الأموال السائلة.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه في مواجهة أسعار الفائدة السلبية للبنك المركزي الأوروبي، تمتلك البنوك الألمانية 43.4 مليار يورو نقدا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مشيرة إلى أنها كمية قياسية من النقود السائلة، ما يشكل مشاكل تخزين كبيرة بالنسبة لهم، ويتحتم عليهم العثور على خزائن جديدة أو استدعاء شركات خارجية للتخزين.
وتابعت أن تلك المشكلة يطلق عليها "مشكلة الغنى".
ووفقا للبيانات التي نشرها البنك المركزي الألماني، والتي نقلتها وكالة بلومبرج الأمريكية، فإن هذا المبلغ القياسي (43.4 مليار يورو)، أعلى بثلاثة أضعاف مما كان عليه في مايو/أيار 2014، عندما قام البنك المركزي الأوروبي بوضع فواتير الودائع لأول مرة عن طريق وضع معدل الأجر في المنطقة السلبية، مشيرة إلى أن تلك السياسة اعتمدتها الهيئة الأوروبية لمواجهة التوترات التجارية.
ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أن المشكلة تكمن في أنه لم يعد لدى البنوك عبر نهر الراين مساحة كافية لتخزين كل هذه الأموال ولا بد من العثور على خزائن جديدة.
ووفقا لوكالة بلومبرج الأمريكية الاقتصادية، فقد لجأت عدة بنوك إلى مؤسسة المعادن الثمينة في ميونيخ "برو أوروم" لتحمل مسؤولية التدفق النقدي بإيجاد حلول للتخزين، إلا أن الأخيرة رفضت لكونها تواجه صعوبات بالتخزين.
بدورها، نددت وكالة أندرياس شولز، التي تدير بنك ادخار بالقرب من برلين بتلك الظاهرة، قائلة: "هذا دليل مثير للسخرية على عواقب سياسة سعر الفائدة للبنك المركزي الأوروبي"، موضحة أنه "من الأفضل الاحتفاظ بالأموال على أمل بدلاً من إيداعها لدى البنك المركزي الأوروبي، على الرغم من المخاطر، وتكاليف التأمين والمشاحنات اللوجستية التي ينطوي عليها هذا الإجراء".
من جهته، قال النائب الألماني المعارض فرانك شيفلر: "أسعار الفائدة السلبية تجعل عملية التجميع جذابة"، موضحاً أن "هذه ليست إلا البداية. إذا استمر هذا الأمر، فستكون هناك طفرة لمصنعي قبو وشركات التأمين".
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن المشكلة لم تعد تتعلق فقط بالبنوك والمؤسسات المصرفية، إنما بالألمان أنفسهم الذين أصبحوا يستخدمون النقد بشكل متزايد في حين أن العديد من المؤسسات قررت بالفعل فرض ضرائب على ودائع عملائها، إذ يقوم البنك الألماني بفرض ضرائب على الودائع من سنت اليورو الأول.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة ديجوسا جولدهاندل الألمانية المتخصصة في تخزين الأشياء الثمينة ماركوس فايس: "نشهد زيادة في الطلب على خزائننا، غالبا لتخزين الأموال"، موضحا أن "هذا الطلب القوي مستمر منذ أشهر ونحن مستمرون في زيادة قدرتنا".
ووفقاً للصحيفة الفرنسية، فإن البنوك الأوروبية جميعها تقوم بالإبلاغ بانتظام عن الصعوبات التي تواجهها في إدارة هذا التراكم في السيولة، والتي لا يمكن أن تنقلها في شكل ائتمانات"، موضحة أنه "عليهم بعد ذلك اللجوء إلى البنك المركزي الأوروبي لتخزين الفائض أو إيجاد حلول أخرى لتجنب دفع رسوم الإيداع".
وبحسب جمعية البنوك الألمانية، فإن الودائع ستكلف المؤسسات المصرفية في البلاد 2 مليار يورو سنوياً.
وكشف تحقيق برلماني ألماني حول أسعار الفائدة السلبية أن القطاع المصرفي دفع 2.4 مليار يورو للبنك المركزي الأوروبي في عام 2018 مقابل رسوم الإيداع، وفقاً للصحيفة الفرنسية.
وتشير التقارير المصرفية إلى أن ألمانيا هي الأكثر تضررا من هذه الظاهرة بسبب ميل أكبر لمواطنيها للادخار مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، ففي عام 2017، كان معدل الادخار هناك 10%، أي ما يقرب من ضعف متوسط منطقة اليورو، بحسب الصحيفة.
وأشار البنك المركزي الأوروبي إلى أن سياسة سعر الفائدة قد أدت إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في منطقة اليورو في نهاية عام 2018 بنسبة 2.7 نقطة، موضحاً أنه يجب على بعض المؤسسات التركيز على خفض تكاليفها بدلاً من إلقاء اللوم على السياسة النقدية للتكتل.
aXA6IDMuMTM4LjEyNC4yOCA=
جزيرة ام اند امز