الإعلام اليوم أحد المراكز التي تساهم في رسم سياسات الدول بل إن بعض الإعلاميين يقدمون رأيا عاما في دولهم.
في أمسية رمضانية مختلفة من حيث الحضور وطريقة إدارتها التي خرجت عن المناقشات النمطية للفعاليات الثقافية، تحدث إعلاميو دولة الإمارات في منتداهم "منتدى الإعلام الإماراتي" في نسخته الخامسة التي ينظمها نادي دبي للصحافة بحضور مئة إعلامي، من المسؤولين وصحفيين من الرعيل الأول وممن يمارسون اليوم مهامهم الوطنية، ومن المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي.
ومع أن المحور الرئيسي للملتقى، الذي نظم يوم السبت الماضي، كان همه التركيز على مستقبل الإعلام الإماراتي وقدرته التنافسية على الصعيد العربي والعالمي إلا أنه بطبيعة الظروف والمستجدات الحادثة حولنا فقد تطرق إلى قضايا عدة لها علاقة بالخطاب والرسالة الإعلامية الإماراتية التي ينبغي أن تترك أثراً لدى الرأي العام وتخدم قضاياه الوطنية وتقنعهم بقوة حجة الإمارات، فبجانب قضايا المحتوى والمصداقية، باعتبارها قيمًا لا تتغير بتغير الوسيلة ومساحة حرية التناول، كانت القضية الأولى والجديدة القديمة في هذا المجال وهو توطين هذا القطاع؛ حيث وجد الإعلاميون أنفسهم في المنتدى أمام السؤال الوطني الكبير الذي يتكرر في كل لقاء ومناسبة إعلامية لهم وهو: من المسؤول عن توطين هذه المهنة والاهتمام بصناعة إعلاميين إماراتيين، باعتبار أن كل المهارات إما موهبة أو صناعة كما يتم صناعة قادة وصناعة نجوم في الفن أو الرياضة وغيرها من المجالات.
نحن فعلاً بحاجة إلى إعلام جديد ليس في وسائله فقط ولكن في محتواه وقوة تأثيره والمهم ألا يكون منقطعاً أو يترك فجوة عن الإرث الإعلامي الإماراتي الذي كان عاملا مهما في الدفاع عن مكتسبات الدولة ونقل هموم مجتمعه، وحيث كان يتسم بالقوة في المواجهة والقدرة على الإقناع
إن الإجابة على التساؤل السابق بتجرد وتحديد جهة معينة أو اتهامها هي مسألة شائكة ولكن يبقى أنه أحد التحديات التي ينبغي من القائمين على وسائل الإعلام المحلية سواء في المجلس الوطني للإعلام باعتباره الجهة المنظمة للعمل الإعلامي بالدولة أو المؤسسات الإعلامية التقليدية التي هي مدارس في هذا المجال وخرجت كفاءات إماراتية يشهد لها الاهتمام به أثناء الحديث عن توطين مهنة الإعلام ما يعني أن الجميع مسؤول سواء بالتحفيز والتشجيع وتوفير أسباب نجاحها أو بالتدريب وممارسة العمل الصحفي باعتبارها أساس هذه المهنة، أما مسألة التحجج والاعتذار بأن توطين مهنة الإعلام يختلف عن باقي القطاعات سواء من ناحية الخبرة أو طبيعة المهنة فإن الأمر مردود من ناحية أن توطين هذا القطاع لا يختلف عن القطاعات الأخرى التي تم النجاح فيها مثل المؤسسات العسكرية وهي فيها إعلامها المتخصص الذي لا يقل عن الإعلام الآخر.
إن التوطين الذي ينبغي أن نهدف إليه يجب ألا يقتصر على عناصر بشرية فقط وإنما التركيز على "توطين إيمان" الإعلامي من خلال تعزيز قناعته بما تقوم به الدولة وقيمها والدفاع يدافع عنها بالحجة ومسؤولية وأن يمثلها بالشكل اللائق؛ لأننا في زمن الجميع يتفق فيه على صعوبة السيطرة على العمل الإعلامي نتيجة لتعدد وسائلها، وأصبح بعض المؤثرين ذوي تأثير أكبر من الوسائل الإعلامية التقليدية فهو التحدي الحقيقي والأكبر، وبالتالي فالنجاح هنا سيكون أننا استطعنا خلق أداة للدفاع عن مصالح الدولة وهذا أعتقد ما نحتاجه في هذه الفترة الزمن الذي أصبح فيه الإعلام الأداة الأولى للحروب.
نحن فعلاً بحاجة إلى إعلام جديد ليس في وسائله فقط ولكن في محتواه وقوة تأثيره والمهم ألا يكون منقطعاً أو يترك فجوة عن الإرث الإعلامي الإماراتي الذي كان عاملا مهما في الدفاع عن مكتسبات الدولة ونقل هموم مجتمعه، وحيث كان يتسم بالقوة في المواجهة والقدرة على الإقناع، كما أن حاجتنا إلى إعلام جديد ناتج من المعاناة التي وضحت في مواجهة الإعلام المعادي لنا سواء في الدفاع عن موقف الدولة من الفوضى الأمنية التي كانت تسمى بـ"الربيع العربي" ونتائجها أو الإعلام الموجه في الغرب ضدنا، وهو أمر يدفعنا للتطرق إلى أهمية صناعة نجم إعلامي إماراتي.
الإعلام اليوم أحد المراكز التي تساهم في رسم سياسات الدول بل إن بعض الإعلاميين يقدمون رأياً عاما في دولهم نتيجة لحالة المصداقية التي يتحلون بها وقوة التأثير، حتى لو كان بعيداً عن الحيادية والموضوعية. ربما الكثير من الحركات السياسية في دول العالم أو الخلافات بين الدول من صنع الإعلام والإعلاميين، بل إن الاعتقاد أن أي دولة قد تكون بعيدة عن المساس الإعلامي من قبل الآخرين يعد ضربا من الوهم لأن مصالح الدول تختلف بما فيها الدول الصديقة والحليفة لذا تعد مسألة تمكين المواطنين، بشراً وفكراً، أمراً لا يقل أهمية عن التمكين العسكري لأن مواجهة هذه التحديات لن تتأتى إلا بالتركيز على العنصر المواطن، وهذا ما تقوم به كل المجتمعات الأخرى في العالم تحت مفهوم بناء الإنسان وتنمية مهاراته.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة