في يوم التحرير.. الكويت تمحو آلام الغزو بأفراح الانتصار
يحل يوم 25 فبراير حاملا معه ذكرى التكاتف الخليجي في وجه الاحتلال مسجلا مواقف تاريخية للسعودية والإمارات
يحتفظ الكويتيون بلحظات لا تُنسى من ذاكرتهم، تعيدها السنوات مع فجر (25 فبراير) من كل عام، حين طوى بلدهم صفحة سوداء من التاريخ المظلم للاحتلال.
ففي فجر الثاني من أغسطس/آب عام 1990 استباح المحتل حرمة دولة الكويت أرضا وشعبا، ومنذ تواتر الأخبار الأولى لدخول قوات الاحتلال أعلن الكويتيون في الداخل والخارج رفضهم للعدوان السافر ووقفوا إلى جانب قيادتهم الشرعية صفا واحدا للدفاع عن الوطن وسيادته وحريته.
- إرث زايد وجابر الأحمد.. عقود إخاء وتعاون لا تنفرط
- الإمارات والكويت.. محطات تجسد الأخوة الراسخة والتاريخ المشترك
حينها، تكلل موقف الكويتيين الرافض للاحتلال بقرار مجلس الأمن رقم 660 التاريخي الذي صدر بعيد ساعات من الغزو، مطالبا بانسحاب القوات العراقية الفوري من الكويت دون قيد أو شرط.
واستمرت قرارات مجلس الأمن الخاصة بالكويت تتوالى تباعا حتى صدور القرار رقم 678 في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1990 الذي أجاز استخدام القوة العسكرية لتحرير دولة الكويت وعودة الشرعية إليها والذي شكل صدمة كبرى للنظام العراقي البائد.
جهود مكوكية
ولعبت الإدارة الحكيمة للأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح والأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح وأمير الكويت الحالي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية آنذاك- الدور البارز والكبير في كسب تأييد المجتمع الدولي لتحرير دولة الكويت من براثن الغزو.
وقاد الشيخ جابر الأحمد الجهود الدبلوماسية لحشد التأييد الدولي لدعم الحق الكويتي في جميع المنابر الدولية ونجح في الحصول على مساندة عالمية وأممية من خلال توافق إرادة المجتمع الدولي مع قيادة قوات التحالف الدولي لطرد المعتدي وتحرير الكويت.
وفي خضم الاحتفالات بهذه الذكرى المجيدة يبقى اسم الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح خالدا في تلك المرحلة واستحق بالفعل أن يطلق عليه "بطل التحرير".
ومنذ لحظات الغزو الغاشم الأولى استشعر الشيخ سعد العبد الله الذي كان وليا للعهد آنذاك نوايا المحتل في الإطاحة برأس الشرعية في الكويت المتمثل في أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد فاتجه إلى قصر دسمان وأصر على الأمير الراحل ورفيق دربه بالخروج إلى المملكة العربية السعودية.
وبعد أن اطمأن على سلامة الشيخ جابر الأحمد رمز الشرعية شرع في الاهتمام بتنظيم أوضاع الحكومة الكويتية في المنفى وتحديد أولوياتها وعلى رأسها تأمين الحياة الكريمة للكويتيين في الخارج ورفع الروح المعنوية وتأمين حياة المواطنين في الداخل ودعم المقاومة إلى جانب التحرك الدبلوماسي المستمر باتجاه الدول الشقيقة والصديقة لدعم مواقفهم تجاه الحق الكويتي.
وكان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قد قال في كلمة له حين كان يشغل منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية إن "لكل ذكرى عبرة.. وعبرة اليوم تكمن في بناء مستقبل واعد للكويتيين يقيهم شر تجربة الغزو المريرة ويحفظ آمالهم بوطن مستقر قادر ومتطور".
السعودية.. موقف حاسم للملك فهد
وفي ظل هذه الظروف برز موقف لن ينساه الكويتيون صدر من خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود الذي فتح قلبه وأرضه بكل الحب لاحتضان قيادة الكويت الشرعية وشعبها ودافع عن الحق الكويتي بالمال والسلاح.
وبناء على أوامر الملك فهد بن عبد العزيز فقد فتحت المملكة العربية السعودية أراضيها منذ اليوم الأول للاحتلال لاستقبال القيادة الكويتية وأبناء الكويت ووفرت جميع التسهيلات لهم.
وأكد الملك فهد طوال فترة الاحتلال العراقي لدولة الكويت أن المملكة ترفض هذا العدوان وتدعو إلى انسحاب القوات العراقية وعودة الشرعية إليها.
وأبدى في خطاب له للشعب السعودي في 13 أغسطس/آب 1990 ألمه الشديد لما تعرض له أبناء الشعب الكويتي بسبب الغزو العراقي قائلا: "إنها بادرة خطيرة ويحز في النفس أن يتعرض شعب الكويت لهجوم لا أخلاقي من دولة عربية جارة له وشقيقة".
الإمارات في قلب الكويتيين
ولا ينسى الكويتيون أيضا موقف دولة الإمارات التي كان لها وقفة إلى جانب دولة الكويت في محنة الغزو العراقي وصولاً إلى التحرير في 26 فبراير 1991، ستظل الأجيال المتعاقبة تذكرها بعد أنّ خضّب دم جنودها الطاهر معركة التحرير من الغزو الغاشم إذ قدّمت الإمارات ثمانية شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية.
وظهر موقف بارز للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب، فمنذ الساعات الأولى للاجتياح العراقي طالبت الولايات المتحدة بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن حيث تم إصدار القرار 660 الذي طالب بانسحاب القوات العراقية.
واستمر الدعم الأمريكي للقضية الكويتية في جميع المحافل حتى كان يوم 21 يناير/كانون الثاني 1991 عندما تمكن بوش من إقناع مجلس الشيوخ الأمريكي باستخدام القوة العسكرية لتحرير الكويت.
وكان لدور القائد العسكري الأمريكي الجنرال نورمان شوارزكوف الذي قاد عملية "عاصفة الصحراء" لتحرير دولة الكويت أثر كبير؛ حيث كان قائدا للقوات المركزية الأمريكية ومسؤولا مباشرا عن سير عمليات المعركة عام 1991.
ولن ينسى الكويتيون أيضا قائدا عسكريا آخر كانت له بصمة مهمة في تحرير الكويت هو الفريق الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات في حرب تحرير الكويت.
وتبقى هناك مواقف لا يمكن أن تُنسى سطّرها شعب الكويت في الداخل رجالا ونساء في سبيل تحرير وطنهم؛ إذ نظموا أنفسهم بدعم من قيادتهم الشرعية في الخارج وانخرطوا في خلايا لتنظيم أمورهم اليومية وأخرى لمقاومة المحتل والدفاع عن تراب الوطن حيث استشهد العديد منهم مخلدين أسماءهم في تاريخ البلاد بأحرف من نور.