ليبيا.. أزمة الـ200 مليار دولار تعود إلى الواجهة

عاد ملف الأموال الليبية المجمدة إلى الواجهة بعد إعلان مجلس النواب عن مناقشات داخل مجلس اللوردات البريطاني حول إمكانية استخدام جزء منها لتعويض ضحايا هجمات الجيش الجمهوري الإيرلندي.
خطوة أثارت موجة رفض رسمي وشعبي في ليبيا، ووصفت بأنها انتهاك للقرارات الدولية التي تحمي هذه الأموال.
قيد التجميد
منذ عام 2011، جُمدت أصول الدولة الليبية في الخارج بقراري مجلس الأمن 1970 و1973، في محاولة لحمايتها من النهب أو الاستغلال في خضم الاضطرابات التي أعقبت سقوط نظام العقيد معمر القذافي.
وتُقدّر هذه الأصول بما يزيد على 200 مليار دولار، موزعة بين أرصدة مصرفية، سندات، أسهم، واستثمارات متنوعة، إضافة إلى 144 طنًا من الذهب، تم تجميدها في عدة دول، خصوصًا الأوروبية منها.
ورغم أن التجميد وقتها جاء كإجراء وقائي، إلا أن هذه الأموال تحوّلت مع مرور الوقت إلى مصدر دائم للقلق، وسط تقارير متكررة عن سوء إدارة، وتسييل غير قانوني لعوائدها، بل واختفاء أجزاء منها في ظروف غامضة.
تحرك بريطاني واستياء الليبي
في بيان رسمي، أعلنت لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمدة بالخارج (التابعة لمجلس النواب) رفضها القاطع لأي محاولة من بريطانيا أو غيرها من الدول للتصرف في هذه الأرصدة تحت أي ذريعة، معتبرة أن ما يُطرح حاليًا في البرلمان البريطاني يشكل تعديًا على الحقوق السيادية الليبية.
وبحسب اللجنة، فإن مجلس اللوردات البريطاني ناقش في 28 أبريل/ نيسان 2025 مقترحًا باستخدام جزء من الأرصدة الليبية المجمدة في بريطانيا لتعويض ضحايا الجيش الجمهوري الإيرلندي، استنادًا إلى اتهامات سابقة بتورط نظام القذافي في دعم هذا التنظيم خلال فترة النزاع في إيرلندا الشمالية.
تهديد بالتصعيد
وصفت اللجنة البرلمانية الليبية هذه التحركات بأنها تمثل "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن"، مؤكدة أن الشعب الليبي لن يقبل بأي مساس بأمواله المجمدة.
كما حذّرت من أن أي تصرف أحادي من قبل الدول المعنية سيُعد عملًا عدائيًا يستدعي الرد واتخاذ كافة الإجراءات القانونية والدبلوماسية الكفيلة بحماية هذه الأصول.
مليارات مفقودة
ينطلق القلق الليبي على مصير هذه الأموال في ظل ما كشفته وسائل إعلام أوروبية، من اختفاء أكثر من 2.3 مليار دولار من فوائد الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا، أُفرج عنها بطرق مشبوهة خلال الفترة من 2012 إلى 2017، في غياب أي مساءلة واضحة حتى الآن
ورغم مطالبات ليبية متكررة بالتحقيق، لا تزال نتائج هذه الملفات حبيسة الأدراج، وسط صمت ملحوظ من المؤسسات الدولية المعنية.
غياب الدولة الموحدة
يرى مراقبون أن أحد أبرز التحديات التي تعيق استعادة الأموال الليبية هو غياب سلطة موحدة تحظى باعتراف دولي وتمتلك الشرعية للتفاوض أو التقاضي.
وفي الوقت الذي يتحرك فيه مجلس النواب في شرق البلاد عبر لجنة مختصة، تبدو مؤسسات الدولة الأخرى، وعلى رأسها حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، غائبة عن المشهد، ما يترك الملف مفتوحًا أمام الضغوط والتدخلات الدولية.
aXA6IDMuMTYuMjE1LjYwIA== جزيرة ام اند امز