هروب السراج لـ"فانواتو".. ملاذ آمن وحقائق صادمة
ست سنوات عجاف مرت على ليبيا وفايز السراج رئيسا لحكومة "الوفاق" التي فقدت شرعيتها مرات عدة، وأدخلت البلد الأفريقي في أتون حرب لا تنتهي.
من انهيار في الاقتصاد الليبي، فموجة نازحين ومهجرين، مرورًا ببلد بات مأوى للإرهابيين والمرتزقة الأجانب، وموطنًا مربحًا لتجار الهجرة غير الشرعية، إلى بلد أصبح مرتعا للتدخلات التركية، ومنقسم المؤسسات، التي باتت تحت طوق تنظيم الإخوان، هذه كانت تركة السراج التي تركها خلف ظهره، وذهب بعيدًا حيث لا أحد يرى أو يحاسب.
تركة ثقيلة
تلك التركة يعلم السراج جيدًا، أن عقوباتها قد تصل إلى الإعدام أو السجن مدى الحياة، إلا أن تفكيره في العواقب بدأ مبكرًا قبل أن يترك منصبه، فتقدم بطلب لشراء جوازات سفر وجنسية خاصة بدولة فانواتو (جزيرة تقع في جنوب المحيط الهادئ) لنفسه ولعائلته في يناير/كانون الثاني عام 2020، قبل حوالي عام من تركه المنصب، بحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وإلى ذلك يقول المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الحقيقة الصادمة هي أن "السراج تحصل على جنسية بلد هي عبارة عن جزيرة يقصدها المجرمون والعصابات وكذلك رجال الأعمال للحصول على جنسيتها ليسهل لهم التنقل بين بعض عواصم العالم".
ملاذ آمن
وأوضح الورفلي أن "السراج أقدم على هذه الخطوة، بهدف إيجاد ملاذ آمن له ولأسرته، يستطيع من خلاله إدارة أعماله وأمواله التي نهبها من الليبيين".
وأشار إلى أن "السراج وبحصوله على جواز أجنبي يستطيع التهرب من أي ملاحقة قانونية بحقه؛ فهو الآن بات يتمتع بحماية الدولة التي منحته جنسيتها".
وأكد أن رئيس حكومة "الوفاق" السابق، جعل زوجته هي التي تتقدم بطلب الحصول على الجنسية، من أجل الابتعاد عن الشبهات.
الملاحقة القضائية
وحول إمكانية ملاحقته قضائيًا، قال المحلل السياسي الليبي إنه "في الوقت الحالي صعب، لكن ربما في المستقبل تتم ملاحقته عبر الإنتربول، وحينها ستوقع عليه بعض العقوبات أهمها تجميد الأرصدة"، مشيرًا إلى أن "التهم كثيرة وهي نهب أموال ليبيا، وجلب المرتزقة، وجلب الاحتلال التركي لليبيا".
أما عن موقف أنصاره، فرغم أن الورفلي قال إن ما قام به السراج وحصوله على جنسية أجنبية مثل مفاجأة لكل الليبيين وخاصة مواليه الذين كانوا يرون فيه أنه من أبناء البلد ومن أسرة معروفة، ولا يمكنه أن يترك بلاده، إلا أنه أكد أن "السراج كان محاطًا بمجموعة من الانتهازيين النفعيين الذين لا يهتمون سوى بالمال والنفوذ، فيما الآن بات وحيدا".
لم فانواتو؟
وحول أسباب عدم لجوئه لأنقرة واختياره هذه الدولة البعيدة، قال إن "جواز السفر التركي لا يتيح له التنقل في العديد من العواصم، إلا أن هذه الدولة وهي جزيرة فانواتو يستطيع حامل جوازها التنقل بحرية، ما يحقق للسراج هدفه بإدارة أمواله في بعض البنوك هو وزوجته".
وأكد أن "الشارع الليبي يشعر بالغضب؛ فالسراج استطاع البقاء ست سنوات كانت هي الأسوأ تاريخيًا على البلاد، فهو تسبب في تكبيل الدولة بمجموعة من التعهدات سترهقها في المستقبل خاصة على الصعيد الأمني والسيادة".
سنوات العبث
المحلل السياسي الليبي محمد يسري، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "السراج يحاول الهروب والخروج من المشهد الليبي بعد سنوات من العبث الذي كان يمارسه طيلة فترة ترؤسه للمجلس الرئاسي".
وأوضح يسري أن "السراج يعلم أنه بات غير مرحب به في ليبيا، فضلا عن تورطه بشكل كبير في الدم الليبي واحتضانه للإرهابيين والخارجين عن القانون، لذك يحاول بطريقة أو بأخرى الهروب من محاسبته قضائيًا على جرائمه بالهروب إلى دولة أخرى".
الهروب الأبدي
وأشار إلى أن "السراج دفع زوجته للتقدم بطلب الحصول على جنسية دولة فانواتو التي يقارب ثمنها 130 ألف دولار أمريكي، لضمان عدم ملاحقته حتى من القانون الدولي"، مؤكدًا أنه "يعلم حجم الأزمة التي كان هو مسؤولا عن جزء كبير منها، لذلك أعتقد أن السراج لن تطأ قدمه ليبيا مرة أخرى".
يسري أكد أن "المليشيات والعناصر المسلحة التي كان الذي كان مطيعا لأوامرها، لن تحاول عرقلة طريقه أو اتهامه، وسيعتبرونها بمثابة مكافأة نهاية الخدمة وثمنا لكل ما قدمه لهم طيلة ست سنوات".
أمر متوقع
ولفت إلى أن "دولة فانواتو تمثل مهربًا جيدًا للسراج؛ فهي لا تحتاج إلى الكثير من الأمور القانونية، إلا أنه قال إن تلك الجنسية فخرية فقط، فلا تسمح لحاملها بالمشاركة في أي حياة سياسية داخل الدولة".
وحول رد فعل الشارع الليبي، قال إن "المواطنين مثقلين بالعديد من القضايا والهموم في المرحلة الحالية، فهم لا يشغلهم السراج الذي كان أمر هروبه متوقعًا لم يفاجئهم، بل على العكس، فإنه أثبت لهم ضلوعه في تعميق وإطالة أمد الأزمة الليبية".
رئيس مجلس العلاقات الدولية الليبية عادل ياسين قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إنه لا يستغرب شيئًا من شخص دخل إلى العاصمة الليبية طرابلس على متن زورق حربي إيطالي وتحت حماية المستعمر القديم، في إشارة إلى السراج.
ضجيج ليبيا
وأوضح ياسين، أن "ليبيا ابتليت بكثير من هذه النماذج التي أوصلت البلد إلى الهاوية والدمار وأشعلت الحروب وجلبا الاستعمار للبلد الأفريقي"، مؤكدًا أن بلاده لم تعد "تستغرب" اليوم ما يفعل هؤلاء.
وأشار إلى أن "السراج أراد أن يعيش بعد فترة الحكم والأموال التي تحصل عليها في مكان مرفه مع أسرته، بعيدًا عن ضجيج ليبيا ورائحة برودها ونيرانها".
وأكد أن "السراج تمكن من الاستحواذ على مبالغ ضخمة من الميزانيات الوهمية التي كان يرصدها لبعض الأزمات في ليبيا، مثل جائحة كورونا، التي خصص لها مبلغا فاق المليار دولار، ما يجعل منه رجلا مرحبًا به في أي بلد، بسبب ثروته الطائلة".
aXA6IDE4LjExNi4xMi43IA== جزيرة ام اند امز