"15 أكتوبر" ذكرى توحيد الجيش والشعب الليبي ضد الإرهاب.. القصة الكاملة
يمثل 15 أكتوبر/تشرين الأول 2014 يوما تاريخيا لسكان بنغازي، شرقي ليبيا، والليبيين كافة، لكونه يوم اتحاد الشعب والجيش ضد الإرهاب.
ورغم مرور 8 أعوام على هذه الذكرى إلا أن الليبيين حرصوا على الاحتفال به اليوم السبت بساحة "الكيش" وسط مدينة بنغازي بحضور سكان المدينة وجميع الأجهزة الأمنية والشرطية في البلاد، وعلى رأس الحاضرين القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر.
ويمثل اليوم ذكرى بداية الخلاص من المليشيات الإرهابية المتحالفة مع تنظيم الإخوان والتي اقتلعت من المدينة بعد حرب دامت 3 سنوات كاملة.
ففي مثل هذا اليوم أعلن شباب مدينة بنغازي الليبية في كافة مناطق المدينة التي تعد ثاني أكبر مدن البلاد بعد العاصمة طرابلس انتفاضة شعبية سميت "انتفاضة 15 أكتوبر المسلحة" لإعلان تأييدهم للجيش الذي كانت مليشيات الإرهابيين من "داعش" و"القاعدة" و"أنصار الشريعة " تحاصره في مرتفعات قاعدة بنينا الجوية.
بداية القصة
بداية قصة تلك الملحمة -التي كان أبطالها شباباً مدنيين وقوات الجيش- كانت يوم 16 مايو/أيار 2014 حيث جمع اللواء (آنذاك) خليفة حفتر معظم منتسبي الوحدات العسكرية النظامية في بنغازي، وأعلن معهم عملية عسكرية ضد التنظيمات والمليشيات الإرهابية التي كانت وقتئذ تسيطر على المدينة.
وتلك العملية العسكرية التي أطلق عليها حفتر اسم "عملية الكرامة" جاءت للثأر لكرامة ضباط الجيش الليبي والشرطة والنشطاء والإعلاميين الذين كانوا يتساقطون اغتيالا، سواء بالرصاص أو التفجير في وضح النهار، حيث وصلت عمليات الاغتيالات في ذروتها ذلك الوقت إلى 18 حالة في اليوم الواحد.
وفي ذلك الوقت لم تكن جميع الوحدات العسكرية والشرطية في المدينة قد انضمت كاملة لعملية "الكرامة"، بالإضافة إلى عدم امتلاك الجيش آنذاك تسليحا كافيا، في مقابل كثرة عدد التنظيمات المتطرفة التي كانت بعضها على غير وفاق مثل مسلحي داعش والقاعدة، إلا أنهم تحالفوا جميعا ضد الجيش، ما أدى إلى ترجيح كفة الإرهابيين خاصة بعد تلقيهم الدعم اللوجستي من تنظيم الإخوان الحاكم في العاصمة طرابلس ومصراتة غرب البلاد، ما أدى لتراجع الجيش وتحصن جزء منه في القاعدة الجوية في منطقة بنينا أقصى شرق المدينة، التي حاصرها الإرهابيون، فيما تحصن الجزء الآخر بمعسكرات الرجمة التي حاولت عناصر الإرهاب الوصول إليها دون جدوى.
إعلان الانتفاضة
وأمام ذلك المشهد الذي بدأ بخسارة الجيش لأهم معسكراته وهو معسكر القوات الخاصة بمنطقة بوعطني، ومع توافد المزيد من العناصر الإرهابية القادمة من مدينة درنة شرق ليبيا، وأغلبهم من إرهابيي كتيبة "البتار" الذين فجروا أنفسهم على أسوار معسكر بنينا، أعلن سكان بنغازي موقفهم الحاسم.
وجاء رد أهالي بنغازي على هيئة إعلان انتفاضة 15 أكتوبر/تشرين الأول 2014 عبارة عن تحرك مسلح لشباب بنغازي الذين تم تسميتهم آنذاك بـ"الصحوات" ليحمل كل منهم السلاح في منطقته.
شباب بنغازي الذين سيطروا على مناطقهم بعد اشتباكات مع الإرهابيين، سطروا ملاحم وبطولات خاصة في مناطق شارع عشرين و الوحيشي وزواوة ورأس اعبيدة والسلماني وسيدي خليفة وبوتزيره ودريانه، فيما وقع منهم العديد من الشهداء مقابل الكثير من القتلى في صفوف الإرهابيين الذين خسروا كل تلك المناطق.
وتزامن ذلك مع "نزول الجيش" كما سمي وقتها، وهو ما يعني زحف الجيش من المناطق المرتفعة التي تحصن بها سابقا مثل الرجمة وبنينا، إلى داخل المدينة التي دار فيها معارك مع الإرهابيين في كل منطقة يتقدم بها الجيش.
تلك الحروب في المناطق بين الجيش والشباب المساند له من جهة وبين مسلحي التنظيمات الإرهابية من جهة أخرى، انتهت بعد أسبوع واحد بسيطرة الجيش على المدينة ومحاصرة الإرهابيين في مناطق عدة؛ منها الليثي والصابري وسوق الحوت والقوارشة وبوعطني والهواري وقنفودة.
وواصل الجيش الليبي فيما بعد، يدا بيد مع الشباب الداعم له، تحرير باقي مناطق مدينة بنغازي في حرب كبرى استمرت 3 سنوات كاملة.
تلك السنوات الثلاثة التي احتاجها الجيش ليقضي على الإرهابيين كان سببها عدة عوامل، منها وأهمها تحصن الإرهابيين في مناطق سكنية صحبة بعض الأهالي العالقين الذين تحولوا لدروع بشرية، فيما كان السبب الثاني هو الإمداد الذي كان يصل للإرهابيين عبر البحر في مناطق الصابري وفنفودة والقادم عبر "جرافات (سفن) الموت" بحسب ما أطلق عليها وقتها.
ذلك الدعم الذي تمثل في السلاح والمزيد من العناصر الإرهابية كان يأتي من مدينة مصراتة وطرابلس، دعما من تنظيم الإخوان الذي كان يعلن آنذاك بشكل علني ومباشر دعمه للإرهابيين، بزعم أنهم ثوار أسقطوا نظام معمر القذافي ويحاربون قائد الجيش الليبي خليفة حفتر.
محاولات الإخوان اليائسة بنصرة الإرهاب فشلت جميعها أمام إصرار الجيش على تخليص البلاد من تلك الآفة بدعم أهالي مدينة بنغازي، التي أعلن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي في الخامس من يوليو/تموز 2017 تحريرها بشكل كامل من قبضة الإرهاب البغيض.