101 مستشار وروابط مريبة.. فساد صنع الله على "عكازين" بليبيا
جاء مؤقتا لكنه صمد على الكرسي ثماني سنوات ليصبح رجل النفط الأول في ليبيا، مستفيدا من مزيح من توزيع الغنائم والروابط الخارجية.
إنه رئيس مؤسسة النفط في ليبيا مصطفى صنع الله، الذي يقبع في قلب تساؤلات الشارع الليبي في الوقت الحالي، خاصة ما يتعلق بملابسات تمكنه من البقاء في منصبه كل هذا الوقت.
وطوال السنوات الماضية لم تتمكن أي حكومة من الحكومات التي تعاقبت على سدة الحكم، من زحزحة موقع صنع الله، بل إن مجلس النواب السلطة التشريعية الموكل إليها التصرف في المناصب السيادية كرئاسة المؤسسة النفطية، لم يتمكن أيضا من تنحية الرجل رغم محاولات عديدة في هذا الصدد.
حل هذا اللغز كشفه المحلل السياسي الليبي يوسف الفزاني، الذي أوضح أن قوة صنع الله تعود إلى رافدين؛ أولهما أنه "عين منذ توليه رئاسة مؤسسة النفط، نحو 101 مستشار يعملون برواتب كبيرة وموزعون على كل الأطراف المتحاربة في ليبيا".
وموضحا طريقة صنع الله في توزيع المناصب، قال الفزاني "بعض هؤلاء المستشارين من الإخوان وبعضهم من تيارات إسلامية أخرى، والبعض الآخر ليبراليون، كما أن هناك فئة منهم يملكون كلمة مسموعة لدى المليشيات المسلحة في الغرب".
وتابع أن "تلك التشكيلة صنعها صنع الله ليجامل كل الأطراف، ولتضمن أن كل الأطراف ستدافع عنه عند كل ظرف يحدث"، مؤكدا أن هذا "أهم الأسباب التي ساهمت في بقاء رجل النفط في منصبه طوال السنوات الماضية".
ويري الفزاني أن تعيين كل ذلك الكم من المستشارين في المؤسسة النفطية، يعد سابقة خطيرة وإهدار مال عام واضحا وفسادا كبيرا".
مستشار بريطاني
ومن بين هؤلاء المستشارين السفير البريطاني الأسبق لدى ليبيا بيتر مليت، إذ يقول الفزاني إن "السفير البريطاني الأسبق معين من قبل صنع الله في وظيفة ليبية براتب يدفع من جيوب الليبيين منذ أكثر من خمس سنوات".
ووفق المحلل الليبي، فإن تعيين مليت مستشارا بمؤسسة النفط الليبية براتب كبير يقودنا للرافد الآخر الذي صب في بقاء صنع الله بمنصبه، وجعله الرجل القوي في ليبيا، وهو "الارتباط مع الغرب الذي يحرك المسؤول الليبي بحسب مصالحه".
وتابع "لم يظهر المستشار البريطاني في الصورة رغم تعيينه في منصبه منذ سنوات، إلا العام الماضي فقط، حين ظهر في الصور المرفقة لبيان مؤسسة النفط عن اجتماعات عقدها مصطفى صنع الله في لندن مع ستة مقاولين واستشاريين هندسيين بارزين".
وعن ذلك الاجتماع، قال المحلل السياسي الليبي إنه "تناول مناقشة إدارة سلامة أصول مؤسسة النفط وشركاتها بعد أن أدركت المؤسسة أن العديد من أصولها وأصول الشركات التابعة لها تتقادم وتتجاوز عمرها التصميمي".
وفي ذلك الوقت، والحديث للفزاني، "منح صنع الله بريطانيا صفقة كبيرة على أساس عاجل وبرر ذلك بأنه يريد تلبية هدف المؤسسة الاستراتيجي، وهو تبني إدارة سلامة الأصول والمتطلبات الفورية لتحسين موثوقية بعض الأصول الاستراتيجية".
اتهامات متزايدة
وعن روابط صنع الله الخارجية، يقول الفزاني أيضا إن "ارتباطات صنع الله ببريطانيا التي يعد رجلها في ليبيا ويحمل جنسيتها أيضا، أدى إلى تصاعد الاتهامات الموجهة له بالعمالة للدول الأجنبية في ظل تحركاته المشبوهة ومنها مغازلته للحكومة البريطانية عن إمكانية إطلاق مشاريع بمليارات الدولارات خلال السنوات المقبلة".
اتهام نصع الله بالعمالة للغرب جاء أيضا أمس في بيان لوزارة النفط بحكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية، والتي قالت إن "كل العاملين في قطاع النفط يعلمون بأن الرجل (أي صنع الله) مسيّر من سفارات بعض الدول وأن وزير النفط والغاز نفسه اصطدم معهم عندما دافعوا عن بقائه بشكل سافر، لكنهم اليوم تخلوا عنه بسبب أزمة الطاقة وتسببه في التضليل حتى تفاقمت الأزمة".
الفزاني علق على تلك الفقرة من بيان الوزارة، قائلا "بالفعل الجميع يعلم أن صنع الله رجل بريطانيا وأمريكا في ليبيا، وهي السفارات الوحيدة التي دافعت عنه بعد قرار إقالته" الصادر من حكومة الدبيبة قبل أيام.
لكن الفزاني رأى أن "دفاع أمريكا وبريطانيا عن صنع الله كان هزيلا ولم يرتق للمستوى المتوقع، وهو ما يدل على أنهم تخلوا عنه بشكل واضح".