صراع إيطالي فرنسي على النفوذ بطرابلس الليبية.. وعجز أممي
فرنسا تسعى إلى إجراء الانتخابات في البلاد نهاية العام الجاري، بينما يفضل الجانب الإيطالي الاستفتاء على الدستور أولا.
باتت العاصمة الليبية طرابلس ساحة لصراع نفوذ بين الدول الكبرى، لا سيما فرنسا وإيطاليا، حيث تتنافس كل دولة على فرض رؤيتها، وسط عجز أممي واضح.
ويسعى الجانب الفرنسي إلى فرض رؤيته بإجراء الانتخابات في البلاد نهاية العام الجاري، بينما يفضل الجانب الإيطالي الاستفتاء على الدستور أولا.
وقال مصدر ليبي: إن القوى الغربية، وتحديدا فرنسا وإيطاليا، تتصارع بشكل غير مباشر للسيطرة على مركز صناعة القرار في ليبيا، مشيرا إلى رغبة كل من إيطاليا وفرنسا في إرساء نفوذهما داخل العاصمة طرابلس التي توجد بها مؤسسات الدولة.
واستبعد المصدر، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، نجاح المبادرة الفرنسية في حل الأزمة، مؤكدا أن التطورات الأخيرة في طرابلس تصعب الدخول في أي عملية ديمقراطية خلال الأشهر القليلة الماضية.
وانزعجت إيطاليا من التحرك الفرنسي بشكل فردي في ليبيا عبر طرح مبادرة في باريس لحل الأزمة، ما دفع روما إلى محاولة إفشال الجهود الفرنسية التي تجاوزت النفوذ الإيطالي في الغرب الليبي، وهو ما دفع الحكومة الإيطالية للمضي قدما في تنظيم مؤتمر حول الأزمة الليبية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
يتفق رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج، مع الطرح الإيطالي حول صعوبة إجراء الانتخابات في البلاد خلال العام الجاري، مؤكدا أن الأوضاع في ليبيا غير مستقرة بما يسمح بإجراء انتخابات، مما يلقي شكوكا حول مسعى تقوده فرنسا لإجراء انتخابات في ديسمبر/ كانون الأول لإنهاء الفوضى وتوحيد البلاد.
واستضافت فرنسا مؤتمرا حول الأزمة الليبية في مايو/أيار الماضي برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اتفقت خلاله الأطراف الليبية الأربعة على العمل مع خطة الأمم المتحدة لاجراء الانتخابات 10 ديسمبر المقبل.
وتأتي تصريحات فايز السراج بالتزامن مع اتصالات تقوم بها إيطاليا فى المنطقة الشرقية مع القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، لدعوته للمشاركة في اجتماع روما، والاستماع إلى رؤيته حيث يقود مؤسسة وطنية حقيقية قادرة على العمل مع الشركاء الدوليين في مكافحة الإرهاب بليبيا.
وعلى الرغم من تأييد السراج الضمني لإجراء الانتخابات في ليبيا نهاية العام الجاري، إلا أنه فضل الطرح الإيطالي الذي يدعو للاستفتاء على الدستور الليبي أولا، وهو ما يضع علامات استفهام حول طبيعة الصراع الذي يجري في الخفاء بين باريس وروما حول صانع القرار في طرابلس.
التحركات التي تقوم بها إيطاليا خلال الأشهر القليلة الماضية، دفعت الجانب الفرنسي لتنظيم لقاءات مع عدد من البرلمانيين والسياسيين الليبيين، وفي مقدمتهم رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، لحثه على ضرورة الدفع نحو إجراء الانتخابات خلال العام الجاري.
فيما يرى مراقبون أن الاشتباكات المسلحة التي تشهدها طرابلس منذ 26 أغسطس/ آب الماضي، تقف خلفها أطراف أوروبية لفرض رؤيتها للحل في البلاد، خاصة مع احتدام الصراع بين الجانبين الفرنسي والإيطالي حول عقد النفط والغاز في البلاد، ورغبة روما في الحفاظ على مصالحها في مناطق الغرب الليبي بالتعاون مع الولايات المتحدة.
ويؤثر الانقسام الذي يعصف بالمعسكر الأوروبي على مجريات الأحداث في ليبيا، فقد أعلنت ممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجريني، رفضها لإجراء الانتخابات العامة في ليبيا نهاية العام الجاري دون الاتفاق على إطار قانوني ودستوري واضح، ودون تهدئة الوضع الأمني.
وأيقنت الدول الغربية ضرورة تجنيب مؤسسات النفط الليبية الصراعات المسلحة التي تجري في البلاد، ما دفعها لمطالبة مجلس الأمن الدولي بإدراج اسم إبراهيم الجضران على قائمة العقوبات الدولية وحظر السفر، وهو ما أقرته لجنة العقوبات في مجلس الأمن، أمس الثلاثاء، بإدراجه على قائمة الأفراد والكيانات الخاضعين للعقوبات الدولية.
وإبراهيم الجضران هو قائد مليشيا مسلحة كانت تتولى حراسة منطقة الهلال النفطي في وسط ليبيا، ودعمته قطر وتركيا بالمال والسلاح خلال السنوات القليلة الماضية لنهب ثروات ليبيا النفطية، فضلا عن هجماته المتكررة التي استهدفت الحقول النفطية.
وتشمل العقوبات تجميد الأصول وحظر السفر المنصوص عليهما في الفقرتين 15 و17 من قرار مجلس الأمن 1970 (2011)، والفقرة 19 القرار 1973 (2011)، المعتمد بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وفي إطار التحركات التي تجري لتجنيب مؤسسات النفط الليبية الصراع بين المليشيات ومحاولة وقف إطلاق النار في طرابلس، يسعى المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة إلى وضع ترتيبات أمنية جديدة للعاصمة طرابلس، وهو ما يؤكد فشل الترتيبات التي وضعتها إيطاليا بالتعاون مع السراج لتأمين العاصمة.
يأتي ذلك فيما تتجه مليشيات مسلحة تسيطر على مناطق في شرق طرابلس، إلى التصعيد مع قوات اللواء السابع ترهونة، الذي يوجد في تلك المنطقة، وتسببت الاشتباكات التي جرت في ساعة متأخرة من مساء أمس الثلاثاء، في سقوط قذائف هاون داخل قاعدة معيتيقة، ما دفع السلطات الليبية لتحويل مسار الرحلات إلى مطار مصراتة الدولي.
وحذر المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، الأطراف التي تخرق وقف إطلاق النار في العاصمة طرابلس وتلويحه بتحركات حازمة ضد أي طرف يخرق الاتفاق الذي وقع في مدينة الزاية، الأحد الماضي.