زيارتان خلال شهر.. سر تردد الوفود العسكرية الأمريكية على شرق ليبيا
ثقة بالجيش وقيادته أم محاولة للتواصل مع الأطراف الفاعلة مع الأرض؟ سؤال أثير داخل الأوساط الليبية، في محاولة لمعرفة سر زيارتين أمريكيتين في أقل من شهر إلى مدينة بنغازي، شرقي البلد الأفريقي.
الزيارتان اللتان جاءتا مع استمرار أزمة المصرف المركزي التي أثّرت على صادرات النفط، وهددت بزيادة الانقسام بين شرقي البلاد وغربها، كان آخرها اليوم الإثنين، باستقبال القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، في الجمرة بمدينة بنغازي، وفدا أمريكيا برئاسة مساعدة وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية سيليست والاندر، ونائب قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا (الأفريكوم) الفريق جون برينان، والقائم بأعمال السفارة الأمريكية في ليبيا جيريمي برنت.
وخلال الزيارة الثانية من نوعها خلال أقل من شهر، بحث الطرفان آفاق التعاون والتنسيق المشترك لدعم جهود الجيش الليبي، للقضاء على الإرهاب والتطرف ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
وعبّرت رئيسة الوفد الأمريكي عن تقدير الولايات المتحدة للجهود التي تبذلها القوات المسلحة الليبية لتعزيز وحدة واستقرار ليبيا، ومناقشة آخر تطورات الأزمة الليبية، والتأكيد على أهمية إحراز تقدّم في العملية السياسية؛ بهدف تهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات في البلاد، وفق ما نشرته القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية عبر صفحتها على «فيسبو».
فماذا تعني الزيارتان؟
اعتبر المحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن تكرار زيارة الوفد الأمريكي للقائد العام للجيش الليبي مرتين خلال شهر واحد، يعد «تأكيدا أمريكيا على دور القيادة العامة للقوات المسلحة، في ملفات الاستقرار في ليبيا ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وفي حل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، التي باتت القيادة العامة جزءا مهما من مفاتيح حلها».
وأوضح المحلل السياسي، أن تكرار الزيارات يعبر -كذلك- «عن ثقة قوات القيادة الأمريكية في القيادة العامة للجيش، وعن مدى التقارب الذي حصل مؤخرا»، معتبرًا -كذلك- اعترافا صريحا بأن الجيش الليبي تمكّن خلال السنوات الماضية من محاربة الإرهاب والقضاء على قادة منتمين لداعش والقاعدة، وغيرهما من الجماعات الإرهابية.
مفتاح حل الأزمات
وغير بعيد عن الرأي السابق، يقول المحلل العسكري والسياسي الليبي، محمد صالح فرج، إن العالم الخارجي «أصبح متأكدا بدرجة تصل إلى اليقين التام، مع تفاقم الأزمة في ليبيا، بأن الحل الوحيد هو التواصل مع الأطراف الفاعلة على الأرض، سياسيا وعسكريا، خاصة تلك التي تتسم بالنظامية واحترام القانون، والمتمثلة في القيادة العامة للقوات المسلحة».
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن «دول العالم كله، وليس الولايات المتحدة فقط، ترسل وفودها إلى الرجمة حيث مقر القيادة العامة للقوات المسلحة؛ لأنها تعلم أهمية ما تقوم به، وجديتها في العمل الفعلي لحل الأزمات السياسية والعسكرية والأمنية والاستراتيجية».
وعن لقاءات الوفود الأجنبية مع أطراف ليبية أخرى، يقول فرج: «هي تجلس كذلك مع العديد من الأطراف على طاولات الحوار، لكنها تعلم أن جميعها لم ولن تجدي نفعا لحل الأزمة الليبية، خاصة أن غالبيتها تُسيطر عليها المليشيات المسلحة، أو تستغل هذه المليشيات لتحقيق مصالحها السياسية الذاتية الضيقة»، على حد قوله.
ومنذ أغسطس/آب الماضي، تعيش ليبيا على وقع أزمة المصرف المركزي، بعد أن أقال المجلس الرئاسي مدعوما من الحكومة المنتهية ولايتها، بقيادة عبدالحميد الدبيبة، في غرب البلاد، محافظ المصرف، الصديق عمر الكبير، دون الرجوع لمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة اللذين اعتبرا هذا القرار تعدّيا على اختصاصهما بتحديد من يتولى منصب المحافظ.
وأوقفت الحكومة المكلفة من البرلمان التي يرأسها أسامة حماد، ومقرها في الشرق، العمل في حقول النفط وموانئ تصديره؛ للضغط على المجلس الرئاسي للعدول عن قراره، فيما تجرى حاليا مشاورات بين ممثلين للطرفين، برعاية الأمم المتحدة، للخروج من هذه الأزمة.
واستدل المحلل العسكري على اختلاف القوات المسلحة عن الأطراف الأخرى، في أنها:
- أدت دورا مهما في منع الجرائم المنظمة في مناطقها، بما في ذلك الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر
- ضبطت الخط الحدودي في الجنوب بالكامل والحدود مع دول الجوار، والذي كان أحد أهم خطوط سير الهجرة والإرهاب إلى أوروبا.
وكان الجيش الليبي نجح في تطهير شرق البلاد ومناطق واسعة في الجنوب من المليشيات الإرهابية والعصابات التي انتشرت في البلاد بعد عام 2011، عبر إطلاقه معارك «عملية الكرامة» التي بدأت عام 2014 واستمرّت لسنوات؛ ما هيّأ هذه المناطق لتعود إليها مشروعات التنمية والحياة الطبيعية.
aXA6IDEzLjU4LjI4LjE5NiA= جزيرة ام اند امز