مليشيات طرابلس تتفكك.. مرتزقة أردوغان أخطر من كورونا
لم تكتف مرتزقة أردوغان بالاستحواذ على القرار العسكري، وإنما باتت تقمع بنفسها الأصوات المنددة بالعدوان التركي على ليبيا
مشاهدات يومية للنفوذ المتزايد لمرتزقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الميدان، صدمت قيادات الصف الأول للمليشيات الإخوانية بالعاصمة الليبية طرابلس، وجعلت الكثير منها يعلن الانشقاق
بات الليبيون غرباء في بلادهم، وأصبح المرتزقة ينصبون الحواجز ويفتشونهم ويعتقلونهم، وأضحت مليشيات ما يسمى بحكومة الوفاق غير الشرعية في طرابلس تتلقى الأوامر العسكرية مباشرة من هؤلاء المرتزقة، وفي أحسن الأحوال من العساكر الأتراك.
ولم تكتف مرتزقة أردوغان بالاستحواذ على القرار العسكري، وإنما باتت تقمع بنفسها الأصوات المنددة بالعدوان التركي على ليبيا، فتعتقل الشباب وتزج بهم في سجون مجهولة لا يعرفها الليبيون أنفسهم.
الجيش الليبي.. الملاذ
لأول مرة منذ2011، تاريخ سقوط النظام الليبي بزعامة معمر القذافي، تستأنف اتصالات بين ضباط من المنطقة الغربية مع ضباط في الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، ما يشي بأن أوراق فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لما يسمى بحكومة الوفاق غير الشرعية في طرابلس، تبعثرت واختلطت الرؤى، باتساع دائرة الرافضين للوجود التركي بليبيا.
ووفق مصادر مطلعة، فإن انشقاقات حصلت مؤخرا في صفوف مليشيات طرابلس، وانضمت إلى الجيش الوطني، بعد إدراكهم أن الأمور تسير إلى الأسوأ منذ التدخل التركي بالبلاد، خصوصا منذ حادثة القبض على ضباط في دورية شرطة طرابلس قبل أسبوعين، واحتجازهم والتحقيق معهم على أيدي سوريين بطرق مهينة.
إهانات يتلقاها الضباط الليبيون في بلادهم أجبرتهم على رفع شكاوى إلى المجلس الرئاسي، غير أن الصمت المريب للسراج وحاشيته، ضاعف من الاستياء، ويبدو أن الأمور تتجه نحو منعطف كارثي بالنسبة للمليشيات الإخوانية، في ظل أنباء تتحدث عن حدوث مناوشات، قبل يومين، بين ضباط ليبيين ومرتزقة تابعين لأردوغان كادت أن تتحول إلى قتال بالأسلحة.
ووفق المصادر نفسها، فإن المسلحين الأجانب يتصرفون باستعلاء، ويتعمدون إهانة مليشيات طرابلس، والاستيلاء على القرار العسكري، مستندين إلى تعليمات الرئيس التركي، وإلى شعور داخلي بالتفوق، خصوصا أنهم يتقاضون مرتبات تبلغ نحو 3 أضعاف راتب ضابط بالجيش أو الشرطة في ليبيا.
ومما فاقم سوء الوضع، دخول قبائل ليبية على الخط، معلنة رفضها للوجود التركي في طرابلس، ما شجع الكثير من الضباط على الفرار والانضمام إلى الجيش الوطني، بعدما تأكدوا من أن أنقرة لا تريد سوى الخراب والفوضى وتحقيق مآربها الخاصة على حساب الليبيين.
الوجود التركي أخطر من كورونا
رغم الخوف من انتشار فيروس كورونا الذي يجبر الليبيين على ملازمة بيوتهم، إلا أن قناعة شبه مؤكدة باتت لدى سوادهم الأعظم بأن الوباء سيكون أقل فتكا بهم من التدخل التركي.
القناعة نفسها تحملها قيادات عسكرية كثيرة في صفوف المليشيات، ممن يقول بعضها إن الفيروس القاتل منتشر بكثافة، فيما يتكتم السراج حول الموضوع، ويحرص عبر مستشاريه ورجاله المقربين على عدم تسريب أي خبر حول الموضوع إلى الرأي العام.
لكن الفيروس الأخطر برأيهم يظل التدخل التركي، واستمرار تدفق الأسلحة التركية على ليبيا بمرأى من المجتمع الدولي، رغم وجود حظر دولي على توريد الأسلحة إلى هذا البلد منذ 2011، في سبب ينضاف إلى قائمة طويلة من عوامل استياء قيادات عسكرية من السراج وقرارها الانسحاب.
بعض التقارير الإعلامية تساءلت: لماذا لا يتكتل الضباط المستاؤون ويعلنون التمرد على السراج، لكن الإجابة سرعان ما جاءت من شهادات مسربة تشير إلى أن الإمكانيات الضعيفة والحصار الذي تعيشه الأجهزة الأمنية في طرابلس تجعلها عاجزة عن اتخاذ موقف صارم من ممارسات السراج.
ففي 2018، حاول المدّعي العام العسكري السابق المستشار مسعود رحومة، فتح ملفّ يخص ارتباط شخصيات محسوبة على المجلس الرئاسي بالإرهاب، إلا أن محاولته تلك كلفته اختطافه من قبل مليشيات، في رسالة تهديد واضحة لكل من تسول له نفسه التفكير في مجرد التطرق للموضوع.
نهاية شبيهة بما تعرض له ضابط ليبي قبل نحو نصف عام، قالت تقارير إعلامية محلية إنه حاول تشكيل جبهة متمردة ضد السراج، إلا أنه اختفى بشكل مفاجئ ولم تعرف عنه أي معلومات منذ ذلك الوقت، فيما تقول مصادر مقربة من عائلته إنه لقي حتفه في حادث سيارة في منطقة عين زوارة جنوبي طرابلس.
وبين ضعف الإمكانيات، والوقوع تحت قبضة السراج وعملائه المزروعين بين مليشياته، يتواصل الاحتلال التركي للبلاد بشكل سافر، سواء عبر المرتزقة أو الأسلحة والغارات الجوية، وسط استياء شعبي متصاعد، ودعوات بلغت حد مناشدة الجيش الوطني التدخل العاجل وحسم معركة طرابلس، إنقاذا للسيادة الليبية.