جريمة "بني وليد".. إخوان ليبيا في انتظار مقصلة العدالة الدولية
رغم مرور 10 سنوات على ارتكاب مليشيات تنظيم الإخوان في ليبيا مجزرة في مدينة بني وليد، إلا أن أسر الضحايا ما زالوا يطالبون بحقهم.
فقد قرر أسر الضحايا رفع طلبهم بإجراء تحقيق عادل إلى العدالة الدولية بعد فشل العدالة المحلية في إنصافهم، مستغلين زيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، التي بدأت يوم السبت الماضي.
وبحسب بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه فقد طالبت مؤسسات المجتمع المدني في مدينة بني وليد غربي ليبيا بإنصاف المظلومين عبر فتح تحقيق دولي مع من أصدر ونفذ "القرار رقم 7" الشهير.
ويشير البيان إلى قرار صدر عن المؤتمر الوطني الليبي السابق في 25 سبتمبر/أيلول 2012 اجتاحت بموجبه مليشيات إرهابية مدينة بني وليد بحجة البحث عن مطلوبين ممن ناصروا العقيد معمر القذافي أثناء الحرب الأهلية ضد نظامه عام 2011 ".
وأصدر هذا القرار الظالم المؤتمر الوطني (البرلمان السابق) بضغط من كتلة العدالة والبناء الجناح السياسي لتنظيم الإخوان، بينما نفذ القرار خليط من المليشيات الإرهابية والمتطرفة بقيادة صلاح بادي المطلوب دوليا.
وإلى جانب تنظيم الإخوان المسلمين ورموزها فقد دعم مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني القرار بالتحريض عليه، واستخدم الدين لدعم تلك العملية العسكرية الوحشية التي استمرت لـ(20) يوما وخلفت مئات القتلى والجرحى من المدنيين، بعد أن استخدمت المليشيات الإرهابية مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة في قصف المدينة.
وطالبت مؤسسات المجتمع المدني في مدينة بني وليد الليبية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بالتحقيق في تلك الجريمة رغم مرور 10 سنوات على وقوعها.
وأبدت تلك المنظمات دهشتها من عدم زيارة المدعي العام الدولي للمدينة وعدم تحدثه في الإحاطة التي قدمها لمجلس الأمن يوم الأربعاء الماضي عن تلك الجريمة رغم أنها إحدى أهم الضربات التي هزت وحدة النسيج الاجتماعي الليبي.
وطالبت المنظمات، بالتحقيق مع رئيس المؤتمر الوطني العام السابق محمد المقريف (قيادي بجبهة إنقاذ ليبيا الإسلامية) وأعضاء المؤتمر الذين صادقوا على القرار ومن دعمهم من خارج المؤتمر، بالإضافة إلى التحقيق مع قادة المليشيات التي نفذت القرار الغاشم.
وأعربت المنظمات عن قلقها تجاه استمرار حالة الإفلات من العقاب لمن تورطوا في تلك الجريمة بحق المدنيين في بني وليد، مؤكدين أن ما حدث هو "جريمة حرب واضحة المعالم والمعطيات".
وقبل سنوات، رصدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا عددا من الضحايا المدنيين الذين قضوا جراء القرار رقم (7) قائلة إنهم 78 قتيلا بينهم 7 أطفال و4 نساء، فيما أصيب 324 شخصا مدنيا في الحادث.
وسجلت اللجنة 16 حالة إخفاء قسري و36 حادثة قتل لأشخاص تحت التعذيب في السجون بينما جرت سرقة وتدمير وحرق 3960 من الأملاك الخاصة والعامة.
من جانبه، قال الحقوقي الليبي فرج الورفلي لـ"العين الإخبارية" إن القرار رقم "7" الصادر عن المؤتمر الوطني العام السابق يمثل تعدي السلطة التشريعية على اختصاصات السلطة القضائية والتنفيذية، كما أنه انتهاك لمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في الإعلان الدستوري الليبي.
الورفلي اعتبر أيضا أن ذلك القرار يعد جريمة ضد الإنسانية وفق أحكام قانون العقوبات والقوانين المكملة له، موضحا أنه من حق المتضررين من ذلك القرار اللجوء إلى القضاء الدولي بعد أن فشل القضاء المحلي الليبي في إنصافهم.
وأكد أنه في ليبيا لم يفتح هذا الملف إطلاقا سوى عبر مجلس النواب (البرلمان الحالي) الذي أصدر القرار رقم (15) لسنة 2017 والذي أنصف فيه ضحايا عملية اجتياح مدينة بني وليد واعتبرهم قانونا "شهداء واجب".
وقال "كحقوقي حاولت في وقت سابق تتبع القرار رقم (7) الصادر من المؤتمر المنتهية ولايته والذي ينص على القبض على مطلوبين من مدينة بن وليد، فكانت النتيجة أنه لم توجد مذكرة قبض، ولا عدد واضح للمطلوبين".
وأضاف أن مكتب النائب العام الليبي لم يصدر في ذلك الوقت أي أمر بهذا الخصوص ولا علاقة له به، كما أن وزارتي الدفاع والداخلية في ذلك الوقت أكدتا عدم صلتهما بالقرار الذي نفذته مليشيات مسلحة تطلق على نفسها اسم "درع ليبيا ".
وقال إن "غموض القرار ذاك يؤكد أن جهة معينة تقف وراءه، وكانت تهدف لتحقيق هدف لا يعلمه أحد سواها".
وأكد أيضا أن التيار الإسلامي في المؤتمر الوطني وخاصة رموز تنظيم الإخوان كان وراء ذلك القرار الذي عارضته كتلة التيار المدني المتمثل في النواب التابعين لتحالف القوى الوطنية.
وقال الورفلي: "رغم أن كتلة تحالف القوى الوطنية كانت أكثر عددا من كتلة العدالة والبناء الإسلامية، إلا أن القرار مرر وصدر لكونه لم يخضع للتصويت داخل قبة المؤتمر الوطني، إضافة لأنه مدعوم من الصادق الغرياني قبل عزله".