مسار سياسي وسباق على النفوذ.. ليبيا بمفترق طرق جديد
![علما ليبيا والأمم المتحدة](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/08/113-000030-libya-new-political-route-europe_700x400.jpg)
تحركات على مختلف الأصعدة في ليبيا، بحثا عن حل للأزمة المستمرة منذ 14 عاما، لكن المشاكل السابقة لا تزال تطل برأسها وتعيق المسار.
وفي الوقت الذي تستعد فيه لجنة سياسية لتفعيل المسار السياسي المتجمد في ليبيا، يتأهب مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة إحاطة جديدة خلال شهر فبراير/شباط الجاري، لمناقشة تطورات الوضع السياسي والأمني والإنساني في البلاد.
وبالتوازي مع ذلك، تشهد الساحة الليبية تحركا عسكريا غربيا مكثفا، ما بين الغرب والشرق.
تعاون أم تدخل؟
وفي الفترة الأخيرة، شهدت ليبيا زيارات متتالية لعدد من البعثات العسكرية الرسمية، حيث استقبل القائد العام للقوات المُسلحة، خليفة حفتر، وفدًا من الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة نائب قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، الفريق جون برينان.
كما استقبل حفتر وفدًا بريطانيا رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس الأركان العامة للدفاع البريطانية، الفريق أول هارفي سميث.
جاء ذلك في أعقاب لقاءات جمعت وفود عسكرية غربية، مع حكومة الوحدة الوطنية في غرب ليبيا.
الزيارات العسكرية المتتالية تزامنت مع تحركات في الشارع الليبي تُنذر بصدام وشيك بين المليشيات المسلحة من جانب والقوات الأجنبية المتواجدة في البلاد من جانب آخر، في ظل الصراع على النفوذ الدولي داخل الأراضي الليبية
وتعيش ليبيا حالة من الفوضى الأمنية مع انتشار المليشيات الخارجة عن سيطرة الدولة، ما تسبب في زيادة معدلات الجرائم، والاغتيالات، والاختطاف، إضافة إلى ظاهرة الإفلات من العقاب.
كما تنتشر في غرب ليبيا أيضا، مجموعات مسلحة غير رسمية وشركات أمنية دولية مثل شركة "أمينتوم" العسكرية الأمريكية الخاصة
واشنطن على خطى الأزمة
وفي مطلع العام الماضي، كشفت تقارير غربية وأمريكية، مساعي واشنطن لتعزيز تواجدها في ليبيا، وذلك من خلال تعزيز نفوذها العسكري في الغرب الليبي، وإرسال وفود من وزارة الدفاع "البنتاغون" إلى المنطقة.
وأوضح المحلل العسكري الليبي، محمد الترهوني أن "العديد من المصادر المحلية بجانب البرلمانية كشفت عن وجود نشاط مكثف للملحق العسكري الأمريكي، يتمثل في زياراته المكثفة لقواعد ومعسكرات لوحدات تابعة لرئاسة أركان حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس؛ الأمر الذي جاء بالتزامن مع وصول شركة (أمينتوم) العسكرية الأمريكية الخاصة الى العاصمة الليبية، واستقرارها في قاعدة معيتيقة العسكرية".
وأضاف الترهوني في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن تقرير مجلس الأمن الأخير تناول أيضًا مسألة تواجد القوات الأجنبية في البلاد"، موضحا "على غير العادة لم يقتصر التقرير على الحديث عن القوات الغربية غرب البلاد والروسية شرق البلاد، بل أكد ما تداولته وسائل الإعلام ونشطاء على مدار العام الماضي، حول وجود قوات أمريكية داخل قاعدة معيتيقة غربي ليبيا".
لكن شركة "أمينتوم"، تقول إنها قامت بتدريب جهات أمنية ليبية خارج ليبيا، بموجب العقود المبرمة مع حكومة الولايات المتحدة.
الترهوني عاد وقال إن الليبيين كانوا يتوقعون تحركات سياسية وديبلوماسية أكثر من تلك العسكرية، لدعم المسار السياسي المنبثق عن الخطة الأممية، وذلك بالتوازي مع حل مشكلة انتشار السلاح وإخراج كل القوات الأجنبية بكافة أشكالها
احتواء نفوذ؟
من جانبه، أكد دكتور يوسف الفارسي رئيس حزب ليبيا الكرامة، وأستاذ العلوم السياسية، أن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الأخرى، وعلى رأسها المملكة المتحدة، تعزز من تواجدها في ليبيا فعليا لأسباب مختلفة.
وأوضح في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن الغرب خسر كثير من قواعده في دول الجوار الليبي في تشاد، والنيجر، بعد خروج الحليف الفرنسي من قواعده العسكرية بالبلدين، في مقابل تزايد النفوذ الروسي الذي يبحث فعليا عن موطئ قدم على المتوسط، مضيفا "لذلك يسعى الغرب للتصدي لهذا التمدد".
الفارسي تابع أن الغرب يرى أن العملية السياسية محكوم عليها مسبقا بالفشل، ولذلك يعمل على تعزيز وجوده العسكري تحسبا لأي طارئ قد ينشأ عنه صدام داخلي، خاصة في ظل التحريض المتزايد من قيادات الجماعات الإسلاموية وعلى رأسها الصادق الغرياني، الذي طالب المليشيات بالفعل، بالتحرك لإيقاف العملية العسكرية.
هل تنجح محاولات التهدئة؟
ومنذ أيام، أفادت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل)، أنها شكلت لجنة استشارية لتقديم مقترحات بخصوص سُبُل حل القضايا الخلافية التي تعوق إجراء الانتخابات العامة التي طال انتظارها في البلاد.
وأكدت البعثة، ضرورة وقف النفوذ الخارجي الذي أثر بشكل سلبي على أزمة ليبيا خلال السنوات الماضية.
في هذا الإطار، قال الباحث الليبي محمد الترهوني، إن بلاده عانت ويلات المليشيات والفوضى نتيجة تداخل القوي الكبرى في الأزمة منذ بدايتها.
فيما يرى المحلل السياسي والكاتب الصحفى الليبي أيوب الأوجلي، أن الوضع الليبي معقد لتعدد الفاعلين فيه وتعارض مصالحهم داخليا وخارجيا.
ورجح الأوجلي، أن المسار السياسي الجديد سيفشل في ظل الانفلات الأمني والقوات الأجنبية وعدم حل جذور المشكلة، متوقعا أن تحدث بعض المناوشات العسكرية و الاشتباكات في إطار توسيع النفوذ والسيطرة حتى إذا تم تشكيل حكومة جديدة.
aXA6IDMuMTUuMTgxLjI1MCA= جزيرة ام اند امز