ليست الغاية من هذا المقال فرز الناس بين خيارين اثنين متصارعين في ليبيا والاصطفاف مع أحدهما ضد الآخر ولكن ثمة جملة أسباب يمكن من خلالها لمراقب مجريات ما يحدث في الداخل الليبي
ليست الغاية من هذا المقال فرز الناس بين خيارين اثنين متصارعين في ليبيا والاصطفاف مع أحدهما ضد الآخر ولكن ثمة جملة أسباب يمكن من خلالها لمراقب مجريات ما يحدث في الداخل الليبي دعم الطرف الذي يجد فيه الشرعية الشعبية التي من خلالها يمكن الحفاظ على ليبيا الدولة التي لم تهدأ إطلاقا منذ سقوط نظام الرئيس "معمر القذافي" عام 2011.
الجيش الليبي بقيادة الجنرال "خليفة حفتر" وحكومة الوفاق برئاسة "فايز السراج" هما الطرفان اللذان يتسيدان المشهد الآن كل واحد منهما يتكئ على جملة عوامل يرى فيها من وجهة نظره أسبابا كافية لشرعيته.
فحكومة السراج تستمد شرعيتها من الدعم الدولي لها والاعتراف الذي حصلت عليه إبان الاتفاق السياسي الليبي الموقّع في "الصخيرات" المغربية في 17 ديسمبر/كانون الأول عام 2015 تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة بقيادة الألماني"مارتن كوبلر" الذي جاء خلفا للإسباني "برناردينو ليون".
جملة الأسباب هذه كفيلة باختيار الطرف الذي لا بد من دعمه ومساندته لا من أجل الاقتتال الداخلي فيما بين الليبيين أنفسهم بل من أجل طرد المتطرفين الذين هزموا في سوريا والعراق ومصر وباتوا يطمحون لأن تكون ليبيا الأرض البديلة من أجل إعادة لملمة صفوفهم
لا يمكن نفي التمثيل الذي كان سيحظى به "السراج" وحكومته في الداخل الليبي لو أنّ المشهد الأول الذي تأسس عليه المجلس الرئاسي بقي على حاله من دون تغيير؛ بمعنى أنه لم يبق إلا "السراج" وأسماء أخرى، بينما استقال منه أربعة أعضاء بارزين هم (فتحي المجبري وعلي القطراني وموسى الكوني وعمر الأسود) ما يعني أنّ المجلس ما عاد على هيئته التي تخوله الاستمرار بالحكم وفق اتفاق "الصخيرات" وعليه لا يمكن إبرام الاتفاقيات الثنائية مع الدول الأخرى على أساس أن هذا المجلس يمثل "ليبيا" بكاملها حتى وإن كان يتمتع بالاعتراف الدولي الذي لا يهمه الداخل الليبي بقدر انشغاله بكيفية السيطرة على النفط الليبي والحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر الشواطئ الليبية وعلى وجه التحديد إيطاليا وفرنسا الدولتان النافذتان في الأزمة الليبية.
أما الجيش الليبي ومنذ تنصيب الجنرال "خليفة حفتر" قائداً له في مارس/آذار 2015 من قبل مجلس النواب الجديد الذي حل محل المؤتمر الوطني العام يعُد نفسه المؤسسة الأكثر شرعية وهذا ما ساعده على طرد الفصائل الإسلامية المسلحة من معظم أنحاء "بنغازي".
ما هي مبررات الوقوف مع الجيش الليبي؟
في واقع الأمر ثمة ثلاثة أسباب كافية لأن تتخذ الحكومات العربية موقفاً داعماً للقوات المسلحة الليبية وهي:
أولاً: العنوان الرئيس الذي يقاتل تحت رايته الجيش الليبي هو محاربة التنظيمات المتطرفة والقضاء عليها وهذا ما دفع ثمنه دماء من جنوده حين كانت جماعة "أنصار الشريعة" المرتبطة بتنظيم القاعدة وغيرها من المجموعات المحلية قد أعلنت السيطرة على مدينة بنغازي - ثاني أكبر المدن الليبية - في فبراير/شباط 2014 يضاف إلى ذلك دحره الجماعات المقربة من تنظيم "الإخوان المسلمين" شرق بنغازي في العام ذاته.
ثانياً: تعد الشرعية في الداخل الليبي أقوى بكثير من شرعية الخارج وإن كان الثمن مواجهة الدول الأوروبية ذات الثقل السياسي والعسكري الداعم لحكومة "السراج" وتتمثل هذه الشرعية بالاعتماد على تفويض البرلمان الليبي برئاسة المستشار "عقيلة صالح" للجيش الليبي تحت قيادة "حفتر" بحفظ أمن البلاد وإدارتها، وكذلك من دعم الحكومة المؤقتة برئاسة "عبد الله الثني" الذي تعهد بتذليل جميع الصعاب أمام الجيش للسيطرة على العاصمة طرابلس.
ثالثاً: باتت الحكومات العربية أمام اختبار حقيقي تجاه النفوذ التركي الذي لا يُخفي الرئيس "رجب طيب أردوغان" التبشير به ليل نهار في سوريا وقطر والعراق كذلك ليصرح بأن بلاده ماضية بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا لمساندة "السراج" ظاهراً ولكن على أرض الواقع الخطوة تأتي لتثبيت "أردوغان" قدمه في تلك البلاد العربية التي نفضت عنها غبار الاحتلال العثماني منذ عقود.
جملة الأسباب هذه كفيلة باختيار الطرف الذي لا بد من دعمه ومساندته لا من أجل الاقتتال الداخلي فيما بين الليبيين أنفسهم بل من أجل طرد المتطرفين الذين هزموا في سوريا والعراق ومصر وباتوا يطمحون لأن تكون ليبيا الأرض البديلة من أجل إعادة لملمة صفوفهم ونشر الذعر بين الآمنين في مختلف أرجاء المعمورة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة