اليسير أكد أن تنظيم الإخوان الإرهابي بات المتحكم في أغلبية المليشيات خاصة الموجودة في مصراتة والزاوية وصبراتة وأجدابيا وبنغازي.
اتهم رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي (المنتهية ولايته) عبدالمنعم اليسير تنظيم الإخوان الإرهابي بتنفيذ خطة محكمة لإفساد البلاد وشبابها وتحويلهم إلى مرتزقة وقتلة مأجورين.
وفي تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، قال اليسير إن تنظيم الإخوان تحكم في أغلبية المليشيات خاصة الموجودة في مصراتة والزاوية وصبراتة وايضا الميليشيات التي كانت موجودة في أجدابيا وبنغازي قبل تطهيرها من قبل الجيش الليبي في إطار عملية الكرامة التي انطلقت عام 2014 ، حيث استعملتها في إرهاب أعضاء المؤتمر الوطني والحكومات بعد شهر فقط من انتخابه في يوليو/تموز 2012 .
يذكر ان المؤتمر الوطني العام هو أول جسد نيابي انتخب في 7 يوليو 2012 تولى السلطة من المجلس الوطني الانتقالي في أغسطس/آب 2012 وبحلول أكتوبر من العام نفسه كانت جماعة الإخوان الإرهابية وعدد من العناصر المتطرفة قد سيطرت عليه تمامًا من خلال كتلة أطلق عليها ( الوفاء لدم الشهداء ) الذي كان يرأسها عبد الوهاب القايد المطلوب دوليًا.
واضطر أغلب أعضاء المجلس المناهضين للإخوان إلى الفرار خارج طرابلس، وبعضهم خارج ليبيا خشية استهدافهم من جانب المليشيات الإخوانية، وبينهم اليسير المقيم في الولايات المتحدة حاليًا.
تعويض الإرهابيين بالملايين
وعن أسلوب "الإخوان" في التعامل مع أعضاء المؤتمر والحكومة غير الموالين له، أكد أن التنظيم الإرهابي اتبع سياسة الترهيب مع معارضيه داخل المؤتمر الوطني العام الذي انتهت ولايته في 2014 ، إضافة إلى تضليل الرأي العام عبر قنواته الإعلامية، مثل قناة النبأ، بهدف تمرير قانون العزل السياسي واستصدار قرارات لنهب المال العام، وتعويض الإرهابيين بملايين الدولارات عن سنوات سجنهم.
وأكد اليسير أن التنظيم الإرهابي قام بعمليات "أخونة" لمفاصل الدولة الليبية ، بينها بتعيين أعضائهم والموالين لهم في مناصب مهمة، وإقالة كل من وزيري الدفاع والداخلية في حكومة طرابلس.
وقدم رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني الليبي نموذجاً لعملية التضليل الإخواني، بالإشارة إلى تكليف يوسف المنقوش (المصراتي الأصل) بقيادة الأركان في 2012 والذي لعب دوراً مهماً وخطيراً في تضليل الشعب الليبي بأنه يقود جيشاً نظامياً ويعيد هيكلته، رغم أنه عرقل كل محاولات إعادة بناء القوات المسلحة.
وتولى "المنقوش" مهمة تقديم الأموال والغطاء السياسي لمليشيات مصراتة، وصرف مليارات الدولارات للمليشيات من أموال الليبيين، ما جعل أغلبية الشباب يتجهون إلى امتهان العمل داخل المليشيات، ما وفر بيئة مناسبة وغطاءً لانتشار تنظيمي داعش والقاعدة في البلاد، بحسب اليسير.
وتتزايد الأزمة مع تحميل الميزانية العامة أعباء ترتبط بالإخوان، إذ صرف رئيس مصرف ليبيا المركزي 960 مليون دينار، في 2012 بناءً على قرار مباشر من نوري بو سهمين رئيس المؤتمر الوطني بدون التصويت عليها.
وكشف اليسير أن كل هذه الأموال ساهمت في تمويل تنظيمات إرهابية في بنغازي ودرنة وأجدابيا وسرت ومصراته والزاوية وصبراتة، بما فيها أنصار الشريعة وغيرها، إضافة إلى طرابلس (مقر المؤتمر الوطني) التي وقعت أسيرة للمليشيات.
دعم ثقافة السلاح
ويرى رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي أن تنظيم الإخوان الإرهابي سيطر منذ البداية على المجلس الانتقالي الليبي الذي تشكل في 27 فبراير 2011 وتم حله بعد انتخاب المؤتمر الوطني في اغسطس 2012 ، واختار التنظيم عبدالرحيم الكيب كأول رئيس لحكومة منبثقة عن هذا المجلس لانتمائه له، وللأسف لم يكن معروفاً لأغلبية الليبيين.
وبحسب اليسير فإن حكومة الكيب تولت مهمة شرعنة المليشيات بصرف مكافآت مالية ضخمة لأمراء الحرب على قتالهم، خاصة بعد شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2011، ما دفع الشباب الليبي إلى امتهان القتل كوسيلة للارتزاق والتربح.
ولعل أبرز قرار مهد لتخريب ليبيا، كان قيام حكومة الكيب بزيادة بند المرتبات من 9 مليارات دينار في عام 2011 إلى 18 مليارًا في 2012 كما رفض عروض المجتمع الدولي وقتها لفك (التشكيلات المسلحة) ودمجها في مؤسسة الدولة وجمع السلاح، وفقًا لليسير.
وأمام ذلك ارتفع عدد المسلحين من 10 آلاف، قبل أغسطس/آب 2011، إلى 250 ألفًا في يوليو/تموز 2012، طبقا لكشوف المرتبات حتى بعد تصفية الرواتب الوهمية والأسماء المكررة يظل الرقم مفزعا؛ حيث لن يقل عن 50 ألفاً يعتنقون ثقافة السلاح، ما يعني إعاقة محاولات إعادة هيكلة القوات المسلحة، على حد قول اليسير.
المراوغة ووقف هيكلة الجيش
وللسيطرة على التراب الليبي، من قبل تنظيم الإخوان وأبرز أذرعه (الجماعة الليبية المقاتلة)، أكد عبدالمنعم اليسير أنه اخترق نظام معمر القذافي، منذ 2005 وعندما بدأت أحداث فبراير/شباط 2011، لعبوا أدوارًا متوازية، تارة بالتظاهر في الشوارع وأخرى بالتعاون مع حكومة القذافي لاحتواء الأزمة.
ومنذ الأيام الأولى لأحداث فبراير/شباط 2011 في ليبيا، عمد الإخوان على زيادة مستوى العنف منذ الأيام الأولى لها، وخاصة في مدن مصراتة والزاوية وبنغازي وأجدابيا التي دخلت وقتها مواجهات مسلحة مع القوات الحكومية التابعة للنظام السابق ، أما في درنة فمنذ اللحظات الاولى للتحرك ضد القذافي سيطر التنظيم الإرهابي بالكامل على المدينة، تزامناً مع تقديم أوراق اعتماده للأوروبيين والأمريكيين.
ولمنع قيام نواة لجيش ليبي قوي، وفر التنظيم الإرهابي الغطاء السياسي داخل المجلس الانتقالي لاغتيال اللواء عبدالفتاح يونس في 28 يوليو 2011 ،ليتسنى له السيطرة الكاملة وتوزيع السلاح على مجموعاته الإرهابية، وفقاً لليسير.
وبعد اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس وبالتحديد 1 أغسطس/آب 2011 وصل إلى بنغازي عبدالحكيم بلحاج وعبدالوهاب القايد ليتوليا عملية السيطرة على مخازن السلاح وتوزيعه على الجماعات الإرهابية أولاً وما تبقى منه إلى باقي المجموعات الموالية للإخوان.
وبعد الإطاحة بنظام القذافي، في شهر أغسطس/آب 2011، مكَّن تنظيم الإخوان الإرهابي ذراعه المسلح (الجماعة الليبية المقاتلة) من معسكرات القوات المسلحة في طرابلس، ونصبوا عبدالحكيم بلحاج الأمير السابق للجماعة رئيسا لما أطلق عليه (المجلس العسكري بطرابلس) في يوليو/تموز 2011 ، وبجانبه خالد الشريف أحد قيادات الجماعة ليتولى تجنيد الشباب من جميع المدن، فيما أسموه بالحرس الوطني.
الغطاء السياسي للإرهاب
ولم يكن كل ذلك يتحقق بدون غطاء سياسي، إذ يوضح عبدالمنعم اليسير أنه في يوليو/تموز 2011 أجهزت الجماعات الإرهابية تماما على فكرة قيام الشرطة والقوات المسلحة والكفاءات الأمنية الماهرة، واجتمع عدد من الإخوان وشخصيات أخرى مناهضة للنظام للترتيب لما يسمى باللجنة الأمنية العليا التي سيطرت على مراكز الشرطة ومعسكرات القوات المسلحة.
وبعد السيطرة المسلحة تمكن تنظيم الإخوان الإرهابي من خلق الغطاء السياسي بتشكيل حكومة برئاسة عبدالرحيم الكيب نوفمبر/تشرين الثاني 2011 ، ضمت وقتها مصطفى بوشاقور ونعيم الغرياني، وهما من المجموعة المنتمية للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، التي ادعت في ثمانينيات القرن الماضي انشقاقها عن "الإخوان" لتضليل الأجهزة الأمنية وقتها، وأقنعوا الأغلبية بذلك.