ليبيا تتجاوز «القوة القاهرة» بانتخابات البلدية.. لماذا تتعثر بـ«البرلمانية»؟
بإعلان المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عن مواعيد تنظيم انتخابات المجالس البلدية منتهية الولاية، طرحت تساؤلات بشأن الاستحقاقين البرلماني والرئاسي اللذين أرجأتهما «القوة القاهرة».
استحقاقان كانت الطرق المؤدية إليهما مُتخمة بالعقبات، مما تسبب في انقسام السلطة التنفيذية، والمؤسسات السيادية، ودفع بالبلد الأفريقي إلى نفق «مظلم»، يحاول جاهدًا الخروج منه، بمساعي التوافق على القوانين الانتخابية التي سنها برلمانه بالتوافق مع الغرفة التشريعية الثانية (الأعلى للدولة).
وكانت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، أعلنت يوم الأحد، بدء تنفيذ انتخابات المجالس البلدية (المجموعة الأولى) البالغ عددها (60) مجلسًا بلديًا موزّعة على مختلف مناطق البلاد، من ضمن (106) مجالس بلدية مستهدفة بالانتخابات لهذا العام.
العملية الانتخابية ستنطلق بتنفيذ المرحلة الأولى (مرحلة تسجيل الناخبين) التي ستدوم لفترة 15 يومًا، اعتباراً من تاريخ اليوم وإلى غاية 23 يونيو/حزيران الجاري 2024، بحسب بيان لـ«المفوضية» اطلعت «العين الإخبارية» على نسخة منه، أشار إلى أن البدء في تنفيذ انتخابات المجالس البلدية (المجموعة الثانية) ستنطلق مباشرةً عقب الإعلان عن النتائج النهائية لانتخابات (المجموعة الأولى) والمتوقع الإعلان عنها في النصف الثاني من شهر أغسطس/آب 2024.
تساؤلات
ذلك الإعلان عن الانتخابات طرح تساؤلا مفاده: لماذا تعجز ليبيا عن تنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية ما دامت قادرة على إجراء انتخابات المجالس البلدية؟
تساؤل طرحته «العين الإخبارية» على مراقبين ومحللين في الشأن الليبي، والذين فرقوا بين الانتخابات البلدية التي قالوا إنها «لا تؤثر بالشكل الكبير على الوضع السياسي في ليبيا»، بالبرلمانية والرئاسية اللتين بات المضي قدمًا فيهما «رهن صراع إرادات خارجية وداخلية».
وقال المحلل السياسي الليبي عصام التاجوري، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن قرار الذهاب إلى الانتخابات البرلمانية «رهين صراع إرادات خارجية، لديها اعتقاد بأن حلفاءها المحليين غير مهيئين بعد للمضي قدما في تلك الخطوة، إضافة إلى ربط ذلك الاستحقاق بالانتخابات الرئاسية وفقا للقوانين الانتخابية».
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن «هذه الأخيرة (الرئاسية) الأكثر تعقيدا، طالما أنه لم يتقرر بعد شكل نظام الحكم في ليبيا، بسبب عدم وجود دستور دائم يحدد اختصاصات كل مكون من مكونات السلطة على حدة، ويبين حجم العلاقة بين السلطات وصلاحيات كل منها».
نواة التغيير
الأمر نفسه أشار إليه المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، الذي قال في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن السبب واضح، فـ«الانتخابات البلدية لا تؤثر بالشكل الكبير على الوضع السياسي في البلاد، بعكس الرئاسية والبرلمانية التي تعد نواة التغيير الشامل».
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن «تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سببه الرئيس هو عدم الاتفاق على القوانين الانتخابية وليس لأسباب أمنية أو أي أسباب أخرى»، رغم بيان مفوضية الانتخابات الذي أرجع عدم تنظيم الانتخابات بـ«القوة القاهرة»، التي فسرت فيما بعد على أنها أسباب أمنية.
نقطة أخرى أشار إليها المحلل السياسي في الشأن الليبي محمد فتحي الشريف، قائلا في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن الانتخابات البلدية مختلفة كليا عن البرلمانية والرئاسية، فالأولى تتمركز في مناطق بعينها على اختلاف الاستحقاق الآخر، مشيرًا إلى أنه في ظل الانقسام السياسي الحالي يكون الوضع صعبًا لإجراء الانتخابات البرلمانية.
ورغم ذلك، فإن الانتخابات البلدية قد تكون مقدمة لإجراء الاستحقاق البرلماني والرئاسي، بحسب الشريف الذي قال إن تلك الانتخابات مؤشر على أن الليبيين إذا توافقوا، فإنهم مؤهلون للمضي قدما نحو تنظيم الاستحقاق المؤجل.
لكن أو ليست الانتخابات البلدية أكثر تأثيرا على الوضع في ليبيا؟
أعرب التاجوري عن اعتقاده بعكس ذلك؛ معللا وجهة نظره بقوله إن قانون الحكم المحلي المنظم لعملها لا يمنحها صلاحيات كافية لإدارات شؤونها في ظل النظام المركزي الذي تسير به الشؤون الإدارية والمالية على مستوى البلاد.
وأشار إلى أن الإقرار دائما ما يعود إلى الوزير التابع له القطاع الخدمي داخل البلدية، مؤكدًا أن «عميد البلدية لا يملك إلا قدرًا قد لا يُذكر من الصلاحيات».
بدوره، قال الأوجلي، إنه من الناحية الخدمية فإن الانتخابات البلدية مؤثرة بشكل ما على الليبيين، إلا أن الصلاحيات الممنوحة للبلديات هي محدودة، خاصة فيما يتعلق بالمواضيع ذات التأثير المباشر على المواطنين.
فهل هناك انفراجة مرتقبة في أزمة الانتخابات وخاصة بعد لقاء مصراتة؟
«لا أعتقد ذلك»، فالاجتماع الذي عقده برلمانيون من "النواب" ونظراؤهم من "الأعلى للدولة" في مدينة مصراتة، قبل أيام، لم يتمخض عنه مخرجات جديدة، يقول الأوجلي، الذي أشار إلى أن الاجتماع اختتم على مجرد التأكيد على تنفيذ القوانين الانتخابية.
وتوقع المحلل الليبي الأوجلي، ألا تفضي أي اجتماعات إلى تمهيد الطريق نحو الانتخابات؛ ما دامت الأطراف المعرقلة لم تكن حاضرة.
بدوره، قال الدكتور عبد المنعم اليسير، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي بالمؤتمر الوطني، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن الانتخابات البرلمانية والرئاسية ليست في صالح متصدري المشهد الآن، مشيرًا إلى أنهم لن «يتوصلوا إلى اتفاق لإجراء ذلك الاستحقاق، كونه سيزيحهم من المشهد الحالي».
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjUg جزيرة ام اند امز