بعد الكراغلة.. فوضى أردوغان تستهدف قبائل الجنوب الليبي
صفعة مدوية تلقاها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أشهر، من قبائل الكراغلة أو ما يعرف بـ"أتراك ليبيا"، حين أعلنوا دعمهم للجيش.
لكن أردوغان المسكون بهاجس الفوضى والخراب، يواصل محاولات اختراق النسيج المجتمعي في ليبيا، متجها هذه المرة إلى الجنوب، ليعزف من جديد على الوتر القبلي أملا في دعم يمنحه "شرعية" تأجيج الحرب.
قبائل الجنوب
مصادر أمنية كشفت عن لقاء جمع أفرادا من قبائل الطوارق والتبو والأمازيغ الليبية بعناصر استخباراتية تركية في أنقرة.
اجتماع جاء تحت غطاء هيئة الإغاثة الإنسانية والحريات (I-H-H)، إحدى الأذرع الناعمة للاستخبارات التركية، في خطوة تختزل محاولة جديدة من أنقرة ومن ورائها قطر، لإيجاد موضع قدم لهما في الجنوب الليبي، من خلال بث روح الفرقة بين أبناء الشعب الليبي بإزكاء النزعات العرقية، استهدافا لتفكيك النسيج المجتمعي.
ووفق المصادر نفسها، ضم الوفد الليبي كلا من مولاي قديدي، رئيس "المجلس الأعلى لقبائل الطوارق"، وإبراهيم وردكو يصكو رئيس "مجلس شيوخ وأعيان التبو"، ومحمد بن طالب رئيس "المجلس الأعلى للأمازيغ".
وخلال الزيارة التي استمرت يومين، التقى الوفد الليبي نائب وزير الخارجية التركي ياووز سليم قيران، بالعاصمة أنقرة.
وقال قيران، في تغريدة له عبر موقع تويتر، إنه استقبل ممثلي قبائل الطوارق والتبو والأمازيغ، التي تشكل جزءا مهما من الشعب الليبي.
وأضاف أنه أجرى مشاورات معهم، مشددا على أن "تركيا ستواصل أداء المهمة التاريخية التي تقع على عاتقها من أجل إحلال الأمن والسلام في ليبيا".
كما التقى الوفد الليبي، خلال الزيارة، مع مسؤولين من وكالة الأناضول التركية، بينهم متين أوغلو ومحمد أوزتورك وفاروق طوقات وسعيد دمير، والذين أكدوا تواجد مراسليهم داخل المجتمع الليبي.
ومن المعروف أن الأناضول هي الوكالة الرسمية للحكومة التركية، والذراع الإعلامية لحزب العدالة والتنمية الإخواني برئاسة رجب أردوغان.
وأغلقت مصر مكتب الوكالة التركية منذ 2013، نظرا لترويجها أخبارا خاطئة تستهدف الترويج لتنظيم الإخوان الارهابي، بهدف ضرب استقرار البلاد.
وتأتي الزيارة قبل أيام من اجتماع الفرقاء الليبيين في تونس، وتحديدا الاثنين المقبل، في إطار الملتقى السياسي الشامل لوضع خارطة لمستقبل ليبيا.
كما تأتي زيارة الوفد الليبي لأنقرة في إطار المحاولات التركية والقطرية إيجاد موطئ قدم لهما في الجنوب الليبي، عبر ضرب الإجماع الوطني بإزكاء النعرات القبلية والعرقية وتمويلها، تمهيدا للسيطرة على ثرواتها ببث الفوضى.
درس الكراغلة
في يونيو/حزيران الماضي، حاول أردوغان اللعب على وتر قبيلة الكراغلة المنتشرة بمدن الساحل الليبي، وذلك في إطار تبرير تدخله العسكري بالبلاد، وإقامة قواعد عسكرية غربها كنقطة انطلاق لتحقيق أطماعه في شمال أفريقيا.
وفي يناير كانون ثان الماضي، أصدر الكراغلة بيانا نفوا فيه صحة حديث أردوغان عن وجود مليون ليبي من أصول تركية في ليبيا، وهو ما شكل خسارة سياسية لتركيا بالبلد الأفرقي.
وفي أكثر من مناسبة، تحدث أردوغان عن حق تركي في ليبيا، وهو ما أثار انتقادات واسعة، حيث اعتبره محللون مبررا غير شرعي للتدخل في الأزمة الليبية، وتجاهلا مقصودا لقرون طويلة من الزمن وتجارب خاضتها الأجيال المتعاقبة من الأتراك في ليبيا جعلت منهم عربًا.
ومن الكراغلة إلى الطوارق والتبو والأمازيغ، تمتد أذرع أردوغان، عبر منظمات حكومية وأخرى مستقلة ومؤسسات إعلامية، تحت غطاء المساعدات الإنسانية والتغطية الصحفية، لبعثرة الحسابات الليبية، وإطالة أمد الأزمة.
وتتواجد وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" وهيئة الإغاثة، ووكالة الأناضول، الى جانب مكتب قناة الجزيرة القطرية، في غرب ليبيا وجنوبها، لمناصرة تنظيم الإخوان الإرهابي وحكومة فايز السراج، وإزكاء الفتنة بين أبناء الشعب الليبي، بما يهدد الإجماع الوطني ووحدة الأراضي الليبية.
وتشهد ليبيا منذ 2011، محاولات قطرية وتركية للتأجيج الفوضى عن طريق إزكاء الصراعات العرقية والقبلية، خاصة بين قبائل الجنوب، واستثمار مشاعد االتهميش الذي تعاني منه بعض مدن الجنوب.
ويعمل الثنائي على تمويل ميليشيات مسلحة ليبية بقيادة الإرهابي إبراهيم الجضران، وبعض العناصر الإخوانية، وعصابات تشادية بقيادة تيمان أرديمي المقيم في قطر.