بعد غياب الوسيط الدولي.. الأزمة الليبية إلى أين؟
تقف الأزمة الليبية عند مفترق طرق يتزامن مع غياب ممثل أممي يدير الحوار بين أطراف النزاع كما جرت العادة.
الخميس، وخلال اجتماع له فشل مجلس الأمن الدولي مجددا في تعيين رئيس لبعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا وهو المنصب الشاغل منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021 إثر استقالة المبعوث السابق السلوفاكي يان كوبيتش.
ورغم أنها لم تكن المرة الأولى التي يخلو فيها المنصب، حيث سبق وأن حدثت ذلك إثر استقالتين متتاليتين لمبعوثين سابقين لليبيا هما اللبناني غسان سلامة والبلغاري نيكولاي ملادينوف، إلا أنها المرة الأولى التي يتأخر فيها تعيين بديل لتسعة أشهر.
تزامنت استقالة كوبتيتش حينها مع اقتراب ليبيا من استحقاق الانتخابات التي جرى التوافق حولها عبر ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي انعقد آنذاك في تونس وجنيف وهو ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة لتعيين ستيفاني ويليامز في منصب مستشارة خاصة له للشأن الليبي وكلفها بإكمال إدارة ذلك الملتقى للوصول إلى الانتخابات.
أما اليوم وبعد ان فشلت ليبيا في الوصول إلى تلك الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي وانطلاق حوار جديد بين أطراف النزاع الليبي قارب على نهايته تزامن ذلك مع مغادرة ويليامز لمنصبها بحلول غدا الاحد بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة أمس الجمعة.
مغادرة ويليامز وعدم تعيين مبعوث أممي أمران جعلا موقع الوسيط الأممي بين أطراف النزاع الليبي شاغرا بالتزامن مع مرور البلاد بأزمة خانقة تنتظر الحل عبر حوار بين مجلسي النواب والدولة شارف على نهايته بوضع قاعدة دستورية تقود للانتخابات ما فتح الباب أمام تساؤل.. إلى أين تتجه ليبيا في ظل ذلك؟
وللإجابة عن ذلك تحدثت "العين الإخبارية" مع فتحي المريمي مستشار رئاسة مجلس النواب الليبي الذي أكد استمرار الحوار السياسي في بلاده.
وقال المريمي إن "الحوار حتى هذه اللحظة مستمر لكنه مؤجل لأسباب معينه منها الاعتداء الذي حصل على مقر مجلس النواب في مدينة طبرق والذي حال دون عقد جلسة رسمية للمجلس حتى الآن".
وأضاف: رغم ذلك فإن "الحوار مستمر بين مجلسي النواب والدولة"، مؤكدا أنهم ينتظرون "خلال هذه الفترة من الأمين العام للأمم المتحدة أن يكلف بديل عن ستيفاني ويليامز بالمهام التي كانت موكلة إليها بعد الإعلان أمس عن مغادرتها منصبها".
وغير ذلك أوضح المستشار فتحي المريمي أن القضية الليبية متابعة من قبل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، إضافة إلى ان البعثة الأممية لديها موظفين موجودين داخل الأراضي الليبية لذلك سوف تسير الأمور وفق ما هو مرتب له مسبقا.
كل ذلك يأتي بحسب المريمي في ظل تحقيق مجلسي النواب والدولة لنتائج جيدة جدا خلال الحوار الجاري بينهما وخاصة فيما يتعلق بالمسار الدستوري المؤدي إلى الانتخابات.
وختم المريمي حديثه لـ"العين الإخبارية" قائلا: "ننتظر استمرار باقي الإجراءات وانتهاء الحوار الذي سيفضي إلى الاتفاق على قاعدة دستورية وتحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا".
أما فرج العجيلي، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات الليبية، فكان له ذات الرأي تقريبا في تأكيد استمرار الحوار الليبي رغم شغور المناصب الأممية المؤثرة قائلا إن "الأمم المتحدة وبعثتها منظومة متكاملة تعمل وفق خطط مسبقة وقوانين بالتالي ستعمل وفق ما هو مخطط له ولن يتعطل ذلك".
ورغم ما قال إلا أن فرج العجيلي أقر بأن "الشخصيات التي تدير الحوار تؤثر حتى لو كانت هناك منظومة ثابتة تعمل من خلالها"، مشيرا إلى أن "ليبيا شهدت أكثر من سبعة مبعوثين اختلف معهم الحوار بين الأطراف بحسب شخصيات وميول وحزم أولئك المبعوثين".
وتابع فرج العجيلي متحدثا لـ"العين الإخبارية" بالقول "للأسف المجتمع الدولي الذي من المفترض أن يحل الأزمة الليبية يصدر إلينا أزمته القائمة بين دولة".
العجيلي مضي في شرح ما يقصده قائلا إن "فشل مجلس الأمن والأمم المتحدة في التوصل لتسمية مبعوث أممي جديد يكون رئيسا للبعثة في ليبيا كان نتاج خلاف بين دول مجلس الامن الكبرى حيث ترى بعض الدول أن المبعوث الجديد لا بد ألا يكون من دول الناتو في حين تصر دول أخرى على ذلك".
وهذا بحسبه "يعد تصدير للأزمة الدولية الحاصلة بين روسيا والدول الداعمة لها من جهة وبين أمريكا والدول الموالية لها من جهة أخرى"، بحسب قوله.
وختم العجيلي حديثه بالقول "إن كانت الأمم المتحدة قد فشلت في حل الخلاف بين دولها حول أزمة تعيين مبعوث لها في ليبيا طوال تسعة أشهر فكيف سنعتمد عليها لحل أزمة عمرها 12 عاما"، في إشارة للتوترات التي شهدتها ليبيا منذ الإطاحة بالنظام السابق عام 2011.