مليشيات الغرب.. عجز سلطات طرابلس يثير حنق الليبيين
بعد أن أوغلت في دماء الليبيين دفع الضغط الشعبي الحكومة المسيطرة على طرابلس أخيرا للاعتراف بمشكلة المليشيات المنتشرة في المنطقة.
فمنذ أسبوعين تشهده مدينة الزاوية غربي ليبيا انتفاضة ضد المليشيات المسلحة وصلت لحد إعلان العصيان المدني الخميس قبل الماضي من قبل المحتجين الذين طالبوا بإخراج المليشيات من المدينة.
المحتجون الذين أغلقوا مقر مديرية الأمن ومقر المجلس البلدي للمدينة وأغلقوا أيضا بوابات المدينة وطرقها الرئيسية كانوا غاضبين نتيجة زيادة تردي الوضع الأمني خلال الأشهر الأربعة الماضية، في ظل تسجيل المدينة اغتيالات يومية، بالإضافة إلى الاشتباكات المتكررة بين المليشيات.
وما فجر تلك الاحتجاجات مؤخرا هو زيادة سطوة المليشيات هناك واستهتارها بدماء أهالي المدينة للحد الذي جعل مسلحين أفارقة غير ليبيين يعذبون الشباب، وهو الأمر الذي فضح مؤخرا خلال مقطع فيديو مصور تسرب يظهر شبابا من المدينة يتعرضون للتعذيب على يد مرتزقة أفارقة داخل مقر إحدى المليشيات بالمدينة.
وبعد أن أعلن المحتجون في مدينة الزاوية الثلاثاء قبل الماضي توقف الاحتجاجات نتيجة وعود السلطات بتنفيذ مطالبهم عقب اجتماع عقد بطرابلس عادت تلك المليشيات مرة أخرى قبل يومين للعبث عبر اشتباكات مسلحة بينها أوقعت قتيلين وعددا من الجرحى، ناهيك عن حرق مستشفى حكومي متخصص في أمراض الكلى.
اعتراف رسمي
ونتيجة ذلك الضغط الشعبي قال رئيس أركان قوات حكومة الوحدة الوطنية الليبية منتهية الولاية محمد الحداد إن "التشكيلات الموازية للجيش والأمن جزء من المشكلة".
وأضاف خلال مشاركته في اجتماع الحكومة، الأربعاء، "الوضع في مدينة الزاوية طبيعي ومطمئن، ونتابع تنفيذ مطالب أهالي المدينة مع الحكومة بالتنسيق مع لجنة ممثلة عنهم وما جرى هناك نتيجة الصراعات على النفوذ ووقوع جريمة قتل وما تبعها".
وتابع الحداد أن "أهم شيء مغادرة البلاد مرحلة الحروب الداخلية، لا بد أن نهتم بالشباب المسلحين هم يحتاجون إلى مشاريع وطنية لخروجهم من التسليح إلى التعليم والتطوير والتأهيل والتشكيلات الموازية للجيش والأمن جزء من المشكلة، أولادنا المسلحون الذين فرحنا بهم وحققوا لنا الإنجاز يجب أن نهتم بهم ويجري دمجهم في نشاطات أخرى".
وقال الحداد "سنسعى جاهدين لعدم جرنا في الاقتتال، ويجب أن نكون صفا واحدا في الغرب والشرق وسبب المشكلات أن الشباب موجودون في أجهزة مكتظة وكل واحد يريد أن يسيطر على جهة معينة ونفوذ معين، وبعض الناس في الأجهزة طالما ليس لديهم ميزانية يريدون أن يتصرفوا لإيجاد ميزانية وهذه مشكلة".
وكان الحداد يشير لأنشطة المليشيات غير المشروعة لجمع أموال عبر عدة طرق منها الاتجار في البشر وتهريب المهاجرين إلى أوروبا.
وأشار إلى أن المشكلة في الزاوية حدثت في النصف الأخير من شهر أبريل/نيسان، مضيفا أنه زار الزاوية يوم 28 من الشهر ذاته، والتقى "أشخاصا أكفاء ومناضلين وأعيانا وحكماء وكان عندهم مطالب تلخصت في وجود خلل في المجلس البلدي ومديرية الأمن في المدينة".
وقال "درسنا الوضع مع وزير الداخلية وشكلنا لجنة من أبناء المدينة والوضع مطمئن، لكن لا تزال هناك شريحة تسعى إلى جرنا للحروب والاقتتال وتستفيد من هذا الأمر والمتربصون في الداخل والخارج لا يعجبهم الاستقرار ".
وضع يحتاج إلى أفعال لا أقوال
ويعد اعتراف الحكومة المنتهية الولاية بضرر المليشيات وتسببها بإحالة حياة الليبيين في غرب البلاد لجحيم "اعتراف على استحياء وناقص"، بحسب الحقوقي الليبي عبدالسلامي رافع.
وقال رافع لـ"العين الإخبارية" إن "ما قاله الحداد اليوم عن أن المليشيات المسلحة هي سبب المشكلة اعتراف يحسب له وضده في آن واحد".
وأضاف "يحسب له كونه أول مسؤول يشخص المشكلة ويتحدث عنها بشجاعة، إلا أن ذلك التصريح يحسب ضده أيضا كونه يدل على ضعف الجيش الذي يترأسه أمام سطوة المليشيات".
وتابع قائلا "المنطقة الغربية لا تحتاج لأقوال وتصريحات بل تحتاج إلى أفعال ضد المليشيات جميعا"، مشيرا إلى أن حديث الحداد اليوم "جاء على استحياء حيث لا يزال يصف المليشيات بأبنائنا كما كان يصفهم باقي المسؤولين على مدى سنوات بأنهم ثوار خوفا منهم وحفاظا على الكراسي التي تحميها لهم تلك المليشيات في مقابل منحها الشرعية لتقتل الليبيين".
حالة أمنية مزرية في الزاوية
ومنذ 4 أشهر تقريبا تشهد مدينة الزاوية حالة أمنية مزرية تتمثل في وقوع اغتيالات بشكل شبه يومي دون معرفة الفاعل.
كما أن الاشتباكات المسلحة التي تشهدها المدينة بشكل متكرر بين المليشيات هي سبب آخر لتردي الأوضاع الأمنية في المدينة.
وتشهد مدينة الزاوية بين الحين والآخر اشتباكات بين المجموعات المسلحة المنتشرة في المدينة، ومنها التي دارت في 27 فبراير/شباط الماضي بمنطقة المطرد السكنية أسفرت عن مقتل شخصين.
وفي 6 فبراير/شباط الجاري شهدت مدينة الزاوية أيضا اشتباكات مسلحة بمنطقة ضي الهلال بين مليشيات مسلحة راح ضحيتها عدد من شباب المدينة وتسببت في إلحاق خسائر في البنى التحتية وممتلكات المواطنين بحسب بيان أصدرته المنطقة العسكرية الساحل الغربي آنذاك.
ويعد ما تشهده مدينة الزاوية جزءا مما تشهده مناطق ومدن غرب ليبيا بشكل عام جراء انتشار المليشيات المسلحة التي تتناحر فيما بينها بشكل مستمر مخلفة عشرات القتلى ودمار في الممتلكات العامة والخاصة وسط عجز حكومي عن التصدي لها.
aXA6IDE4LjExOS4yNDguMjE0IA== جزيرة ام اند امز