دعمهم الإخوان ضد الجيش الليبي ثم حاكموهم كـ"دواعش".. فما السر؟
أثارت محاكمة عناصر تنظيم داعش في مدينة مصراتة غربي ليبيا استغراب الشارع، لا سيما أنها ضمت قياديين كان الجيش يحاربهم ومصراتة تدعمهم.
واليوم وسط حضور عدد كبير من الحقوقيين والإعلاميين وأهالي ضحايا حددت محكمة الاستئناف العليا مصراتة، يوم 25 سبتمبر/أيلول المقبل موعدًا للنطق بالحكم في قضية محاكمة عناصر تنظيم "داعش" وهم أكثر من 50 عنصرا جرى القبض عليهم في مناطق متفرقة من البلاد.
- "ملحمة" آل الحرير.. وحشية داعش بمواجهة أحرار ليبيا
- مسؤول عسكري ليبي يفند أكاذيب الإخوان: نؤمن الجنوب ومستعدون لأي تحرك
تلك المحاكمة العلنية بينت الصور الواردة منها أن من بين المتهمين في القفص الحديدي قياديين متطرفين بتنظيم "داعش" بينهم أحمد المشيطي الملقب بـ"عصيدة".
ذلك القيادي بالتنظيم الذي كان يقاتل الجيش الليبي في مدينة بنغازي شرق البلاد خلال عملية "الكرامة" العسكرية التي أطلقها قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر في مايو/أيار عام 2014 ضد التنظيمات المتطرفة في المدينة، والتي انتهت بعد 4 سنوات بتحرير المدينة منهم.
وخلال تلك العمليات وفي تلك الأعوام كان غالبية الدعم اللوجستي للتنظيمات المتطرفة التي قاتلها الجيش آنذاك يأتي من مدينة مصراته عبر جرافات أطلق عليها أهالي شرق ليبيا "جرافات الموت" نسبه للأسلحة والذخيرة التي كانت ترد عبرها للتنظيمات المتطرفة لقتل أهالي بنغازي.
وبعد أن أبرزت صور قفص الاتهام في مدينة مصراتة التي تعد الحاضنة الأولى لتنظيم الإخوان في ليبيا وجود أولئك القياديين من داعش والذين كانت مصراته وسياسييها من الإخوان يدعمونهم في الأمس القريب بحجة أنهم " ثوار"، برزت تساؤلات عن سبب وجودهم اليوم في قفص الاتهام للمحاكمة كـ"دواعش".
تلك التساؤلات أجاب عنها المحلل السياسي الليبي يوسف الفزاني الذي قال إن "مصراتة التي تعد الحاضنة الكبرى في ليبيا لتنظيم الإخوان قد استخدمت في وقت من الأوقات أولئك الإرهابيين وهي اليوم تتبرأ منهم وتقدهم للرأي العام ككبش فداء".
وأضاف الفزاني لـ"العين الإخبارية " أن "مصراتة ومن يحكمها اليوم يريدون القول إنهم ليس لهم أي علاقة بالتطرف والإرهاب ويقدمون الإرهابي عصيدة ومن على شاكلته ككبش فداء".
وتابع: "نعم رغم ترحيبنا بتقديم العناصر المتطرفة للمحاكمات إلا أننا نتمنى أيضا ألا يكون ذلك مجرد مناورة من تنظيم الإخوان بالتخلي عن أنصاره بالأمس كونهم يمثلون تركه ثقيلة لابد التخلص منها للانفتاح على السياسة أكثر".
وفي هذا الصدد قال: "لا سيما أن تلك الفترة التي كان السلاح هو الفيصل وكان الإخوان بحاجة لجناح عسكري، أما اليوم فالأمر يختلف فالكلمة للسياسة وليس السلاح".
كما أوضح الفزاني أن "مصراتة اليوم محور الحدث الليبي كونها مسقط رأس الحكومتين المتنافستين وتسعى بلا شك للعب دور محوري حاليا".
ذلك الدور بحسب المحلل السياسي الليبي "لن ينجح في ظل حملها ذات المعتقدات القديمة التي كانت سببا في جعلها حاضنة للإرهابيين الفارين من شرق ليبيا خلال المواجهات العسكرية السابقة".
واستطرد بالقول إن "معظم قياديي داعش الذين يحاكمون اليوم في مصراته كان قد قبض عليهم في ذات المدينة مصراته بعد أن هربوا إليها من مطاردة الجيش الليبي خلال السنوات الماضية".
وأكد أن "مصراته كانت فعلا تمثل الملاذ الآمن لهؤلاء الإرهابيين كونها معقل تنظيم الإخوان الذي كان يستخدم المتطرفين كجناح مسلح لتحقيق أجنداته، لكن المدينة انقلبت اليوم عليهم لأسباب مجهولة".
وأشار إلى أن "ما جرى" يدل على وجود تيار وطني داخل مصراته ربما هو من أوقع بالمتطرفين وقدمهم للعدالة".
والإرهابي أحمد حسن المشيطي الملقب بـ"عصيدة " هو من مدينة بنغازي، والتحق بعد الأحداث التي أطاحت بحكم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بميليشيا راف الله السحاتي ومنها إلى تنظيم أنصار الشريعة.
ثم انضم أواخر عام 2014 لتنظيم "داعش " وأصبح قائدًا ميدانيًا في محور القتال الصابري في مدينة بنغازي خلال الحرب التي أطلقها الجيش الليبي آنذاك ضد التنظيمات المتطرفة التي كانت تسيطر على المدينة.
وقبل سنوات انتشر مقطع فيديو يظهر الجندي في الجيش الليبي سليمان الحوتي وهو مصاب ومحاصر تحت درج بناية في منطقة الصابري ببنغازي أثناء الحرب بينما يقوم عناصر من تنظيم "داعش" بالحديث معه وهو يرد بشجاعة وبسالة قائلا: "خلوا فيها شرف بس" أي اقتلوني بشرف في حين رد عليه عناصر التنظيم برميه بالرصاص مهللين أنه انتقام لزميل لهم في التنظيم، وذلك قبل أن يتبين أن من كان يتحدث وأطلق الرصاص على الجندي هو نفسه أحمد المشيطي "عصيدة".