عداء وتخوين.. قيادي إخواني يهاجم مفتي ليبيا المعزول
من جديد تصاعد الخلاف بين القيادي بتنظيم الإخوان في ليبيا محمد صوان وغريمه المفتي المعزول الصادق الغرياني.
ومنذ فترة يتبادل الغرياني وصوان التهم العلنية، ففي حين يرى المفتي أن صوان وأنصاره خائنون يتهم الأخير ذلك المفتي باستخدام الدين في السياسة.
وعرف عن الصادق الغرياني الذي عزلة مجلس النواب في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 2014 إثارته للجدل عبر تدخله في الشأن السياسي ودعمه للتيارات المتطرفة في ليبيا وتنظيم الإخوان، كما أنه صاحب أغرب الفتاوى وأخطرها وهو الملقب بـ"مفتي الفتنة" نسبة إلى فتاواه التي كانت سببا في انقسام البلاد وزيادة أزمتها.
وكان عداء صوان للمفتي المعزول سببا في الإطاحة به من رئاسة حزب "العدالة والبناء" الذراع السياسية لتنظيم الإخوان بليبيا في يونيو/حزيران العام الماضي حيث تراجعت شعبية صوان داخل الحزب الذي تزعمه لتسع سنوات كاملة، وأطيح به لصالح القيادي الإخواني البارز عماد البناني الذي تولى رئاسة الحزب.
ذلك الأمر دعا صوان لترك الحزب برمته وتشكيل حزب آخر تحت مسمى "الحزب الديمقراطي"، مواصلا صراعه مع المفتي منطلقا من صفته الجديدة رئيسا لذلك الحزب الجديد.
واليوم السبت، وبعد سلسلة جديدة من وصلات الهجوم المتبادل بين المفتي المعزول الصادق الغرياني والإخواني البارز محمد صوان، هاجم الأخير الصادق الغرياني مرة أخرى.
هجوم صوان جاء في مقال مطول اطلعت عليه "العين الإخبارية" جاء تحت اسم "السياسة بين الواقع والفتوى.. وقفة لا بدّ منها" خصصه صوان لتفصيل خطورة فتاوى الغرياني على البلاد.
وقال صوان في مقاله: "بعيداً عن المراء والجدل والخوض في أمور ما كان ينبغي أن تطرح في هذا الظرف الحساس الذي تمر به بلادنا غير أنها في تقديري أصبحت جزءا من الأزمة إضافة إلى التحولات الصادمة لهذا التيار في خارطة العلاقات بين دول المنطقة والمتدخّلة في الشأن الليبي في غياب أو صمت شبه كامل لأهل الاختصاص".
ويشير محمد صوان في مقاله إلى أن فتاوى المفتي المعزول الصادق الغرياني أصبحت تؤثر في علاقة ليبيا مع بعض دول المنطقة التي لم يسمها في ظل صمت أهل الاختصاص الليبيين.
وتمني صوان أن يسهم مقاله "في إثراء النقاش ويخفف من الغلو في إطلاق فتاوى التحريم، وما يترتب عنها والاتهامات بالخيانة والعمالة واحتكار الوطنية" في إشارة لفتاوى المفتي المعزول الغرياني.
وبعدما برر صوان ما صرح به الأسبوع الماضي من طرح سياسي لم يعجب المفتي سرد القضايا السياسية التي تمر بها ليبيا قائلا إن "الحكم فيها يجب أن يخضع للاجتهاد وليس للتحريم والتخوين وتوزيع الوطنية".
وأضاف في هذا الصدد: "يجب وضع هذا الجانب في الاعتبار عند تناول موضوعات فإن إقحام جهة واحدة تفتي في العبادات والعادات وتُقدّر هي وحدها مصالح السلم والحرب والصلح والهدنة وتصدر فتاوى في كل شيء يجعلنا أمام دعوة إلى الدولة الثيوقراطية (الدينية) بالمعنى التقليدي حتى وإن لم يقصد".
وأكد أن "احتكار الاجتهاد السياسي وحصره في دار الإفتاء يعني أننا نحتاج إلى أن نعرض كل قضية مهما كانت اجتهادية وصغيرة حتى ولو كانت زيارة مسؤول لدولة على الفتوى ونقفل كل مؤسساتنا أو نطلب منها ختم دار الإفتاء في أي مسألة؟".
وتابع: "ذلك للأسف ما يترتب عن إقحام الفتوى في هذه التفاصيل".
فتاوى الفتنة والإرهاب
وسرد صوان أمثلة لاختلافه مع المفتي المعزول قائلا: "اتفاق الصخيرات (جري بين أطراف النزاع الليبي في المغرب عام ٢٠١٦) وما نتج عنه يصرّ المفتي على وضعه في خانة الحرام والإثم الكبير والتشهير والتحريض على كل من شارك فيه في مناسبات متكررة".
وقال صوان عن ذلك "نحن لا نحجر عليه أن يقول رأيه فليعتبره خطأ سياسياً كبيرا أو ما يشاء فهذا حقه، أما أن يلبسَ رأيَه في هذه المسألة بالفتوى فهذا هو اعتراضنا".
ومضى صوان بالقول: "قس على ذلك التعامل مع الأمم المتحدة وبعض الدول ومسؤوليها من حقه أن يقول إنه غير مُجدٍ أو خطأ أو ما شابه، ولكن أن يصف من تعامل معها بأنهم عملاء مثل ما قال صراحة في لقائه فهو ما لا يُقبَل".
وبيّن صوان التناقض في فتاوى المفتي المعزول، موضحا بالقول إن "الحكومة التي يباركها المفتي اليوم هي صنيعة الأمم المتحدة (يقصد حكومة الدبيبة) فكيف يستقيم بأن التعامل مع الأمم المتحدة عمالة ثم نقبل بما نتج عنه".
وأعطى القيادي الإخواني صوان مثالا آخر عن الفتاوى الجدلية للصادق الغرياني قائلا إن الأخير يعتبر "زيارة سياسي إلى دولة ما خيانة وزيارة آخر إلى نفس الدولة مداراة".
وتابع: "وتكون الفتوى والدعوة بقطع العلاقات الاقتصادية مع دولة ما أو بعض الدول دون معرفة هل توجد اتفاقيات مشتركة وملزمة لليبيا مع هذه الدول أم لا ودون اعتبار لتغير الظروف السياسية التي قد تجعل عدو وخصم اليوم صديق الغد".
ومضى بالقول: "هذا ما حدث فعلا فبعض الدول التي كانت الفتوى تحرم التعامل معها تحولت إلى صديقة وسفارتها فتحت وزياراتها متكررة، وهذا أمر مقبول في السياسة وله ظروفه، ولذلك ما كان ينبغي إلباسه بالفتوى، وكان يكفي أن يعتبره خطأ سياسياً أو غير مجدٍ أو نحوه".
وأكد صوان أن فتوى الغرياني: "للأسف تصدر دون اعتبار لحالة فوضى السلاح التي قد تدفع أحد الغلاة أو المتهورين لقتل الأطراف السياسية، باعتبار أن لديه فتوى بأنهم عملاء وخونة فتشارك الدار في دماء المسلمين دون قصد منها".
وختم صوان مقاله قائلا إنه "حتى لا يفهم الكلام على غير ما قُصد منه ينبغي التنبيه إلى أنه لا أحد يدعو إلى فصل الحياة عن الدين".