التحليلات
قبائل ليبيا بـ2023.. آمال معقودة بطي صفحة الآلام وتحقيق حلم الانتخابات
مع طي عام 2022 صفحاته بعد أن جف الحبر الذي خط به سطورها دون أن تحمل جديدًا لليبيين الذين ما زالوا يعانون تبعات الانقسام السياسي في ليبيا، بات الكثيرون يعولون على القبائل كمحرك وداعم للاستقرار.
تلك القبائل التي كان لها دور كبير في استقرار البلد الأفريقي منذ عام 2014، في المعارك التي خاضها الجيش الليبي ضد التنظيمات الإرهابية، بات ينظر إليها الليبيون بعين الأمل، طمعًا في أن تقدم يد العون، لانتشال ليبيا من براثن الانقسام والتشظي، إلى دولة موحدة المؤسسات، يقودها رئيس وبرلمان جديدان، عبر انتخابات تطوي صفحة "الآلام"
ومع تكرار الدعوات المحلية والدولية لاستئناف الحوار الليبي والتي كان آخرها ما أطلقه القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، في كلمته خلال الاحتفاء بذكرى عيد الاستقلال الـ71، وما تبع تلك الكلمات من ردود فعل محلية ودولية تنشد الحوار، برز دور القبائل الليبية التي دعمت الاستقرار منذ عام 2014 في معركة الحرب على "الإرهاب".
دور تاريخي
وإلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي سالم سويري في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن بلاده تتميز بطبيعتها القبلية؛ والتي تلعب القبيلة فيها دورا كبيرا، مشيرًا إلى أن الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، اعتمد في حكمه على عنصر التوازن القبلي، الأمر الذي أسهم في بقاء النفود السياسي للقبائل، ووفر في الوقت نفسه الاستقرار السياسي للنظام السابق، ومكنه من البقاء في حكم ليبيا عقودا طويلة.
إلا أنه بعد سقوط نظام القذافي برز العامل القبلي بشكل جلي، باعتباره أحد العوامل الحاكمة لتطور الأحداث التي شهدتها ليبيا، بحسب المحلل الليبي، الذي قال إن العامل القبلي يقع على رأس الفاعلين في الخريطة السياسية الليبية، باعتباره من أكبر الداعمين الرئيسيين لمؤسسات الدولة الوطنية في ليبيا، خاصة مؤسستي الجيش والشرطة، والتي رفضت التدخل الأجنبي في الشؤون الليبية.
وفيما قال المحلل الليبي، إنه على القبائل الليبية استكمال دورها التاريخي الفترة المقبلة ودعم القوات المسلحة، في الاستقرار السياسي كما شاركت في الحرب على الإرهاب، توقع أن تكون تلك القبائل أول الملبين لدعوة المشير حفتر بنبذ العنف والسير في اتجاه المصالحة الوطنية، مما سيحقق استقرارا سياسيا كبيرًا.
معركة واحدة
الرأي نفسه أشار إليه المحلل والناشط الاجتماعي عبدالله بوعروشة، قائلا في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن القبائل الليبية كانت في جميع الفعاليات المعنية بأزمة البلاد، ملتحمة مع قواتها المسلحة، كونها تؤمن بأن المعركة واحدة.
وأوضح الناشط الاجتماعي، أن القبائل تشكل مركز دعم للجيش الليبي، يساهم في استعادة ليبيا واستقرارها ووحدة أراضيها والحفاظ على مقدراتها، مدفوعة بما يربطها بالجيش من علاقة وثيقة، برزت خلال عام 2014 في دعم قبائل إقليم برقة تحديدا للقوات المسلحة في معاركه ضد الإرهاب.
بين تلك القبائل كانت "السعادي والمرابطين والحضور" والتي دفعت بأبنائها للانتساب للجيش الليبي، وسيرت العديد من قوافل التموين، إلى أن تحطمت إمبراطورية الإرهاب عبر سلسلة عمليات أمنية وعسكرية واسعة، أعادت "ملامح الدولة وهيبة الوطن، كضمانٍ لحماية وحدة وسيادة ليبيا وكرامة الليبيين جميعاً، بحسب بوعروشة، الذي قال إن القبائل سعت للحفاظ على النسيج الاجتماعي وحلحلة المشاكل بقواعد العرف الاجتماعي، في مختلف مناطق ليبيا.
وأشار إلى أنه بينما يتطلع الليبيون مع بداية العام الجديد (2023) لتنفيذ خارطة طريق واضحة المعالم تمكنهم من إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، سيكون دور القبائل خلال المرحلة القادمة في هذا الاتجاه، مؤكدًا أن تلك القبائل ستعمل على دعم شريحة الشباب لخوض غمار الانتخابات التشريعية المتزامنة مع الانتخابات الرئاسية لإنتاج سلطة قوية قادرة على تحقيق السيادة وفرض سلطة القانون وتطهير البلاد من المليشيات.
عدة مهام
المحلل السياسي الليبي عبدالله محمد العقوري يقول في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن القبائل منوط بها في المرحلة المقبلة عدة مهام كبرى؛ بينها توحيد الصف الداخلي والجمعي لتشكيل رأي عام دافع لإجراء الاستحقاق الانتخابي.
وناشد المحلل الليبي، القبائل التي ينتمي بعض أبنائها لأي من الكيانات غير الشرعية أو المليشيات، الضغط والتهديد بسحب البساط الاجتماعي من تحت تلك العناصر المسلحة، وعدم الاعتراف بهم، مشيرًا إلى أنه عليها التوسط لزيادة الثقة بين الأطراف الليبية بالإفراج عن المعتقلين في سجون المليشيات أو تبادل المحتجزين بين الأطراف السياسية المختلفة.
وأكد المحلل السياسي الليبي، أنه على القبائل الضغط على أبنائها من أعضاء مجلسي النواب والدولة، وإجراء زيارات لرئيسي المجلسين للضغط لإنهاء أزمة القاعدة الدستورية، والتوسط بين المرشحين السياسيين المختلفين شرقا وغربا للتوصل إلى قرارات انسحاب البعض لتوحيد الصف وعدم تشتت الأصوات الوطنية لصالح تنظيم الإخوان ومرشحيه.
فرصة أخيرة
فـ"الليبيون ينتظرون من عواقل قبائلهم وشيوخها وأعيانها أن يقوموا بدور وطني، لإنهاء الأزمة كون الشعب وصل إلى مرحلة الغليان"، بحسب المحلل الليبي، الذي حذر من أن أي "انتفاضة مقبلة ستؤدي إلى وضع سيئ، وستعيد عقارب الساعة إلى ما قبل 2014".
وكان القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر قد دعا الأسبوع الماضي، خلال احتفال شعبي، حضره مئات من شيوخ القبائل وآلاف المحتفلين بمناسبة الذكرى الـ71 لاستقلال بلاده، إلى إعادة استئناف الحوار الليبي الليبي، معلنًا عن "فرصة أخيرة" للأطراف السياسية ترسم من خلالها خريطة طريق لإجراء الانتخابات.
aXA6IDMuMTM4LjY5LjEwMSA=
جزيرة ام اند امز