"صفقة" وزير داخلية الوفاق.. لقاء سري في روما لإزاحة السراج
مصادر دبلوماسية ليبية تكشف عن مسعى أوروبي جديد لحل الأزمة الليبية، بعد تعثر مسار برلين وتوقف محادثات جنيف.
كشفت مصادر ليبية عن لقاء سري جرى في روما مؤخراً، وضم وزير الداخلية في حكومة فايز السراج، فتحي باشاغا مع أعضاء بالحكومة الإيطالية والمخابرات، وشهد مقترحاً من باشاغا بإزاحة السراج وإسناد المهمة له.
ونقلت صحف محلية ليبية عن مصادر لها القول إن الاجتماع حضره من الجانب الليبي كذلك تاج الدين الرزاقي المستشار الأمني لفايز السراج، وفيصل قرقاب رئيس مجلس الشركة القابضة للاتصالات، والمقرب من السراج والمليشيات المسلحة.
وشهد اللقاء السري طلباً بالضغط الإيطالي على قيادة الجيش الوطني لوقف العمليات في العاصمة.
وأكدت المصادر نفسها، أن فتحي باشاغا تحدث للمسؤولين الإيطاليين في هذا الاجتماع عن رغبته في عقد صفقة سياسية مع قيادة الجيش الليبي؛ تتضمن تشكيل حكومة يترأسها هو (باشاغا) كبديل لفايز السراج، بالمشاركة مع قيادة الجيش الوطني الليبي.
كما أبدى رغبته في لقاء القائد العام للقوات المسلحة العربية المشير خليفة حفتر بشكل سري غير معلن.
فيما تحدثت المصادر عن إصرار المشير خليفة حفتر على مطالبه الثابتة للحل ووقف إطلاق النار، التي تتلخص في القضاء التام على الإرهاب والتنظيمات الإرهابية وحل المليشيات المسلحة، وسحب المرتزقة الأجانب من ليبيا.
يأتي ذلك في سياق ما كشفته مصادر دبلوماسية ليبية عن مسعى أوروبي جديد لحل الأزمة، بعد تعثر مسار برلين وتوقف محادثات جنيف، وعجز المجتمع الدولي عن مواجهة الاستفزازات التركية في طرابلس، واستقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة.
وقالت المصادر، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية، إن الدول الأوروبية الكبرى الثلاث (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا) ستجتمع، الأسبوع المقبل، بالرئيس التركي رجب أردوغان، في إسطنبول، بعد اجتماع زعماء هذه الدول بالقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر.
وأعلن أردوغان، الثلاثاء، عن قمة مرتقبة، في إسطنبول، 17 مارس/آذار الجاري، تجمعه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وربما رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، موضحاً أن القمة بشأن قضية المهاجرين والملف الليبي ومناقشة الأمور المتوقفة بخصوص انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
ويأتي لقاء أردوغان المرتقب بعد لقاءات أوروبية بالقائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر، الذي اجتمع، الثلاثاء، في برلين، بالمستشارة الألمانية، بعد تلقيه دعوة رسمية منها، لإجراء محادثات حول الوضع في بلاده.
وحسب بيان للناطق باسم الحكومة الألمانية شتفن زايبرت، فإن ميركل أكدت خلال اللقاء أن "وقف إطلاق النار وإحراز تقدم في العملية السياسية ضروريان، لأنه ما من حل عسكري للصراع في ليبيا".
وأتت زيارة حفتر إلى برلين عقب انتهاء زيارة رسمية له إلى العاصمة باريس، التقى خلالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزراء الخارجية والداخلية والدفاع.
وأبلغ حفتر الرئيس ماكرون أن استمرار وقف إطلاق النار مرهون باحترام المليشيات في طرابلس له، وأوضح أنه سيوقع على اتفاق لوقف إطلاق النار، وسيلتزم به إذا احترمته الجماعات المسلحة التابعة، لما تسمى حكومة الوفاق، وتمت هذه اللقاءات مع المشير خليفة حفتر في غياب تام لفايز السراج.
وقالت المصادر إن هذا المسعى الجديد تتزعمه الدول الأوروبية الكبرى (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا) للعمل على تطوير الهدنة المفروضة في 12 يناير الماضي، إلى وقف دائم لإطلاق النار ومن ثم العودة إلى الحلول السياسية.
وحسب المصادر نفسها، فإن الحل السياسي يأتي في مقدمته سحب المرتزقة الأتراك والحل السريع للمليشيات المسلحة وتسليم أسلحتها طوعاً للجيش الليبي، وبعدها تشكيل حكومة وحدة وطنية، بعد إقصاء فايز السراج من المشهد الليبي، بعدما ساهم في تأزيمه بتوقيع اتفاقيات مع تركيا، ما أتاح لها الدخول المباشر والعلني على خط الأزمة الليبية.
تجاهل حكومة السراج
وحول تجاهل الدول الأوروبية لقاء فايز السراج، يقول المحلل السياسي الليبي جمال شلوف إنه لا شك أن الدعوات الرسمية من كبار قادة أوروبا (فرنسا وألمانيا) للمشير حفتر والمقابلات مع ماكرون وميركل، بحضور وزيري الخارجية والدفاع، تظهر معرفتهم وتفهمهم للدور الأبرز للقيادة العامة في السعي نحو فرض الاستقرار من خلال محاربة اﻹرهاب والسعي لتفكيك المليشيات، للوصول إلى احتكار الدولة للسلاح، لكن اللافت للنظر هو مناقشة الهدنة وسبل الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، في تجاهل حضور الطرف الآخر الممثل للوفاق.
ولفت إلى أن أوروبا صارت تؤمن أن الحرب في ليبيا بين الجيش الليبي والغزو التركي، فهي تقابل المشير في باريس وبرلين، وتعلن عن لقاء ثلاثي بأردوغان في إسطنبول، وفق المصدر نفسه.
ويضيف شلوف أن لقاء الدول الأوروبية الثلاث مع أردوغان سيتناول على رأس الموضوعات الأزمة الليبية، موضحاً في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن ذلك يأتي لقناعة قادة أوروبا أن القتال في ليبيا يتم بين طرف ليبي تمثله وتقوده القيادة العامة للجيش الوطني، وطرف آخر تقوده تركيا باعتبار أن أردوغان هو الممثل الفعلي للاحتلال التركي الذي يسيطر على قلب طرابلس.
تجاوز للصخيرات وجنيف
ويرى المحلل السياسي الليبي ناصف الفرجاني أن المسعى الأوروبي يمثل انطلاق مرحلة جديدة تتجاوز الصخيرات وبرلين وجنيف، مؤكداً، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن كل محاولات سلامة قد رحلت معه.
ونوه بأن زيارة المشير إلى فرنسا وبرلين بدعوات رسمية من البلدين وما تمخضت عنه من نتائج وما صدرت من تصريحات تعكس مواقف داعمة لدور المشير حفتر القائد العام للجيش، في حربه على الإرهاب والقضاء على المليشيات، وتأكيداً على تجاوز كل المراحل السابقة بما فيها جنيف.
ولفت إلى أن كل اللقاءات والتصريحات التى تصدر عن فرنسا وألمانيا، تتجاهل كلياً دور السراج، وتؤكد أهمية دور المشير والجيش.
وأوضح أن كل تلك المعطيات تعكس تغيراً في قناعة هذه الأطراف على مقتضيات الحل في ليبيا، وهو القضاء على المليشيات وتحرير العاصمة، وفرض الأمن، وتوفير الظروف المناسبة لحل سياسي، وبداية تأسيس الدولة على أسس دستورية، ومرحلة انتقالية ثم دائمة.
ومضى بالقول: "لعل التداعيات الأمنية الخطيرة التى حدثت في تونس والسودان، قد عززت من قناعة كثير من الأطراف للإسراع في هذا الاتجاه".
aXA6IDE4LjIxOC4yLjE5MSA= جزيرة ام اند امز