"الرئاسي" الليبي بين باشاغا والدبيبة.. حياد وغموض
مع منح مجلس النواب الليبي الثقة لفتحي باشاغا رئيسا للحكومة الجديدة، اتسم موقف المجلس الرئاسي بحياد يكتنفه الغموض.
ففي حين تشهد ليبيا حكومتين إحداهما منتهية الولاية برئاسة عبدالحميد الدبيبة المقال من البرلمان وتتخذ من العاصمة مقرا لها، والثانية برئاسة فتحي باشاغا ما تزال تبحث عن طريقة لدخول طرابلس وتؤكد أنها ستباشر العمل منها قريبا، إلا أن المجلس الرئاسي دائما ما يؤكد في بياناته وقوفه على مسافة واحدة من الجميع.
هذا الموقف من "الرئاسي" الليبي سبق وأعلن عنه رئيس المجلس محمد المنفي، خلال لقائه وفداً من أعيان قبيلة غيث اعبيدات، حين كان باشاغا لا يزال يعمل على تجهيز تشكيلته الوزارية التي نالت ثقة مجلس النواب لاحقا، حيث أكد المنفي أن الرئاسي يقف على مسافة واحدة من الجميع، ومستمر في مشروع المصالحة الوطنية التي تمهد الطريق لاستقرار ليبيا لتنعم بالتنمية والازدهار.
اعتراف ضمني
ناشطون وسياسيون ليبيون انتقدوا موقف المجلس وعدم مساهمته الفعلية في حل الإشكال السياسي، معتبرين أن هذا الحياد يأتي في وقت صعب، إلا أن المنفي لم يثبت على حياده طويلا حيث خرج بعدد من البيانات عن لقاءات مع مسؤولين من حكومة الدبيبة، كما شارك الإثنين في إحياء ذكرى اليوم العالمي للحماية المدنية بطرابلس، بحضور الدبيبة المقال من البرلمان واصفا إياه بـ"رئيس حكومة الوحدة الوطنية".
وبمرور الأيام، يزداد الحشد العسكري في العاصمة طرابلس، مع ما يشاع عن مفاوضات بين الدبيبة وباشاغا، وهو ما يثير قلق الليبيين والمجتمع الدولي الذي دعا للتهدئة وعدم التصعيد، خاصة بعد أن تعرض وزراء من حكومة باشاغا لإطلاق نار واختطاف قبل أن يتم الإفراج عنهم بوساطات.
احتواء التصعيد
وبعد مناوشات متتالية وتصعيد مستمر، التقى المنفي الثلاثاء بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، قيادات الغرب الليبي العسكرية وأعضاء لجنة 5+5 عن المنطقة الغربية، حيث ناقش معهم الأوضاع الأمنية والعسكرية في المنطقة الغربية، وسُبل تكثيف الجهود من أجل تنظيم عمل كل الوحدات والقطاعات العسكرية بطرابلس والمنطقة الغربية.
واستعرض الرئاسي الليبي جهود توحيد المؤسسة العسكرية، لتكون قوة واحدة تحافظ على أمن واستقرار البلاد ووحدتها، مؤكدا دعم أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في توحيد الجيش، ونزع السلاح خارج سلطة الدولة، وإصلاح القطاع العسكري، لما له من أثر على استقرار البلاد.
الدعم الدولي
ويتابع المجتمع الدولي مع المجلس الرئاسي الليبي مستجدات الأوضاع، ومحاولة البحث عن حل للأزمة الراهنة بين الدبيبة وباشاغا، حيث استقبل المنفي، بشكل منفصل، السفير الألماني لدى ليبيا ميخائيل أونماخت وسفير إيطاليا لدى ليبيا، جوزيبي بوتشينو غريمالدي.
وناقش المنفي مع السفيرين جهود الدفع بالعملية السياسية، للوصول للانتخابات في أقرب الآجال، ووضع قاعدة دستورية يتفق عليها الجميع، وإنجاح المصالحة الوطنية، وصولاً إلى تحقيق الاستقرار في البلاد.
كما ناقشت اللقاءات جهود الوصول إلى تسوية سياسية شاملة تعزز الأمن والسلام والاستقرار في البلاد، وتقودها إلى إجراء انتخابات شفافة ونزيهة يقبل بنتائجها الجميع، وجهود الدول الداعمة لاستقرار ليبيا.
وأكد المنفي استمرار عمل المجلس الرئاسي مع كل الأطراف للوصول إلى توافق يجمعهم، لتجنيب البلاد أي صراع جديد، وفق قوله.
وأدى فتحي باشاغا اليمين الدستورية أمام البرلمان الليبي رئيسا للحكومة الليبية بعد حصول حكومته على الثقة بعدد أصوات 97 صوتا، 89 حضوريا و8 أصوات إلكترونيا، من إجمالي 166 نائبا إجمالي عدد الأعضاء.
وتعرض عدد من الوزراء لاعتداء مسلح في مدينة مصراتة أثناء رحلتهم برا إلى مدينة طبرق حيث عقد مجلس النواب جلسته، لمنعهم من الالتحاق بالجلسة، وفقا لبيانات من مجلس النواب وباشاغا.
ويؤكد باشاغا أن حكومته ستمارس عملها وستتسلم السلطة في العاصمة طرابلس، وسيدرس كل الخيارات المتاحة التي ستمكنه من ذلك.
إلا أن الدبيبة المقال من البرلمان والمنتهية ولايته يرفض تسليم السلطة عاقدًا العزم على الاستمرار حتى إجراء انتخابات بحلول يونيو/حزيران المقبل، وسط تخوفات من أن يعيد مثل هذا الوضع البلد الأفريقي إلى الانقسام مرة أخرى.