«نهر الليطاني».. خط مواجهة جديد في صراع حزب الله وإسرائيل
تصاعد التوترات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل في الشمال اللبناني، أدى إلى عودة نهر الليطاني إلى الواجهة مجددا.
وفي تصعيد عسكري جديد كثفت إسرائيل، على مدار الأيام الأخيرة، قصفها الجوي في جنوب لبنان، مستهدفة مناطق قريبة من نهر الليطاني، الذي يشكل خطا فاصلا عن النطاق البري المحتمل لعمليات الجيش الإسرائيلي.
وكثيرا ما اعتبرت تل أبيب بقاء عناصر حزب الله في جنوب لبنان رغم قرار أممي سابق أنهى آخر جولات الصراع بين إسرائيل وحزب الله، وألزم عناصر الحزب بالتراجع إلى ما وراء نهر الليطاني، أبرز تهديد تواجهه، قبل أن يباغتها هجوم حماس، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الذي ألحق بها أفدح خسارة منذ حرب عام 1973.
ما أهمية نهر الليطاني؟
ويعد نهر الليطاني أطول الأنهار اللبنانية وأهمها استراتيجياً، حيث اعتبرته لجنة اقتصادية تابعة للأمم المتحدة في العام 1949 «مفتاح مستقبل لبنان».
ويستفيد سكان لبنان من مشاريع نهر الليطاني للري؛ وهو ينبع من غرب بعلبك في سهل البقاع، ويصب في البحر المتوسط شمال مدينة صور، ويبلغ طوله 170 كلم، وهو ينبع ويجري ويصب في لبنان، وتبلغ قدرته المائية تقريباً 770 مليون م3 سنوياً.
وأقيمت على نهر الليطاني، مشاريع ودراسات للاستفادة منه في إنتاج الطاقة الكهرومائية، وتأمين مياه الري والشرب للبقاع والجنوب والساحل بهدف تنمية القطاع الزراعي والكهربائي وللحد من النزوح والهجرة.
والامتداد الجنوبي لنهر الليطاني يمتد بالتوازي مع الحدود الإسرائيلية اللبنانية، ويقع على بعد حوالي 30 كيلومتراً شمال الحدود، في حين يمنع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 "حزب الله" من الاحتفاظ بوجود عسكري جنوب نهر الليطاني، في مقابل سحب إسرائيل قواتها من جنوب لبنان.
ما القرار 1701؟
في 11 أغسطس/آب 2006، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 1701 الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان، ليضع حدا لحرب استمرت قرابة شهر بين إسرائيل وحزب الله.
وطالب القرار إسرائيل بالوقف الفوري لكل عملياتها العسكرية الهجومية، وسحب كل قواتها من جنوب لبنان، كما طالب القرار حزب الله بالوقف الفوري لكل هجماته.
ودعا القرار الحكومة اللبنانية لنشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة"يونيفيل"، بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق، وانسحاب جميع القوات من المنطقة منزوعة السلاح التي أقيمت بين الخط الأزرق ونهر الليطاني اللبناني.
كما طالب القرار كل من إسرائيل ولبنان بدعم وقف دائم لإطلاق النار وحلّ بعيد المدى، فيما يتبادل الجانبان الاتهامات بشأن خرق القرار.
"يونيفيل" والخط الأزرق
من أجل تنفيذ ولايتها التي حددها مجلس الأمن الدولي في القرار 1701 عام 2006، تنفذ اليونيفيل مجموعة من العمليات في جميع أنحاء منطقة عملياتها بين نهر الليطاني شمالاً والخط الأزرق (خط انسحاب الجيش الإسرائيلي) جنوباً، وتشمل هذه العمليات دوريات ليلية ونهارية، وضع نقاط مراقبة، رصد الخط الأزرق والقيام بإزالة الذخائر غير المنفجرة والقنابل العنقودية.
وخط الانسحاب -ويسمى أيضاً بالخط الأزرق- تم تحديده في عام 2000 من قبل الأمم المتحدة، بالتعاون مع المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين، بغرض تأكيد انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية بما يتفق مع قرار مجلس الأمن 425 عام 1978، مع الأخذ في الاعتبار أن الخط الأزرق ليس حدوداً بين لبنان وإسرائيل.
وضمن هذا الإطار، تعمل اليونيفيل كقوة دعم للقوات المسلحة اللبنانية التي تتحمل المسؤولية الرئيسية عن ضمان الأمن في المنطقة.
وفي أعقاب حرب عام 2006 قررت حكومة لبنان نشر 15 ألف جندي من القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب، بما في ذلك في منطقة عمليات اليونيفيل.
وفي الوقت نفسه، أجاز مجلس الأمن زيادة عدد قوة اليونيفيل إلى حد أقصى قدره 15 ألف جندي.
وبالإضافة إلى مسؤولية رصد وقف الأعمال العدائية، شملت ولاية اليونيفيل، من بين أمور أخرى، مرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية أثناء انتشارها في جميع أرجاء جنوب لبنان، وهذا الانتشار التاريخي للقوات المسلحة اللبنانية، التي تعمل في جنوب لبنان للمرة الأولى منذ 3 عقود، سرعان ما تم تحقيقه بدعم من اليونيفيل.
ضحايا التصعيد
واليوم الإثنين، أعلنت السلطات اللبنانية ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على البلدات والقرى الجنوبية، إلى مقتل 100 شخص وأكثر من 400 جريح، مشيرة إلى أنه من بين الضحايا أطفال ونساء ومسعفون.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن رئيس الأركان هرتسي هاليفي صادق على شن هجمات ضد "حزب الله"، لافتا إلى أنه هاجم حتى الآن أكثر من 300 هدف في لبنان.
وكان حزب الله قد شن أمس الأحد هجومه الأعمق داخل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث أطلقت الجماعة اللبنانية 150 صاروخا وقذيفة وطائرة مسيرة وصل بعضها إلى ضواحي مدينة حيفا وبينما كانت الخسائر متواضعة، واضطر آلاف المدنيين إلى البحث عن ملجأ.
ووفقا لبيانه، فقد كشف حزب الله عن استخدام صواريخ قصيرة المدى من طراز "فادي 1 و2"، وذلك للمرة الأولى، كما أعلن استهداف قاعدة رامات ديفيد الجوية الإسرائيلية، على بعد 15 ميلا جنوب شرق حيفا.