مبادرة "لغتي" بالشارقة تدعو الأسر لتوفير بيئة لغوية مناسبة للأطفال
المبادرة تؤكد أن تأثر الطفل لغويا بالعاملات الأجنبيات لا يطال معجمه اللغوي ونطقه للحروف فحسب بل سيؤثر على كيفية تعاطيه مع اللغة مستقبلا
أكدت بدرية آل علي، مديرة مبادرة "لغتي" التعليمية، الرامية إلى تشجيع الأطفال على استخدام اللغة العربية بوسائل ذكية، أن تأثر الطفل لغويا بالعاملات الأجنبيات لا يطال معجمه اللغوي وطريقة نطقه للحروف فحسب بل سيؤثر على كيفية تعاطي الطفل مع اللغة مستقبلا وكيفية تعبيره عن ذاته وتواصله مع الآخر باستخدام هذه الأداة.
- "لغتي".. اللغة العربية في ثوب جديد لأطفال وطلاب الشارقة
- مبادرة "لغتي" تثري مهرجان "مواهب وإبداعات" في الشارقة
جاء ذلك تعقيبا على دراسة ميدانية حديثة أجرتها إدارة المعرفة في دائرة الخدمات الاجتماعية بإمارة الشارقة، وكشفت الأثر السلبي لقضاء الأطفال غالبية أوقاتهم مع العاملات الأجنبيات على قدرات الطفل اللغوية.
وشددت بدرية آل علي، على ضرورة الوقوف أمام هذه الظاهرة التي ستؤدي إلى تشويه اللغتين الأم والأخرى التي تنطق بها العاملة.
وأظهرت الدراسة أن حوالي 50 في المائة من الأسر التي شملها الاستبيان وعددها 600 أسرة، أكدت تأثر قدرات أطفالهم اللغوية سلبا بسبب قضائهم أوقاتا طويلة برفقة العاملة الأجنبية٬ لأن سنوات الطفولة الأولى وصولا إلى عمر ثلاث سنوات ونصف هي السنوات التي يبدأ فيها الطفل التعرف على نفسه والعالم وتعلم المهارات الجديدة.. ويحتاج الطفل خلال هذه السنوات وبعدها إلى عناية وتواصل نوعي وفعال مع الأبوين بما يتناسب مع مراحل نموهم العمرية٬ بحسب صندوق الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" في توصياته لتنشئة الأطفال في شكل صحي.
واقترحت آل علي، على أولياء الأمور جملة من الحلول التي يمكن أن تنمي لغة أطفالهم وتحافظ على سلامتها وترفع من قدرات الطفل اللغوية، مثل قضاء المزيد من الوقت مع الأطفال واستغلاله بالحوار معهم حتى لو كانوا في سن لا يسمح لهم بالرد أو فهم الكلمات إلى جانب قراءة القصص واستعمال التطبيقات الرقمية التعليمية بالعربية.
وأكدت أنه من الضروري أن يكون الحوار مع الأطفال تفاعليا أي ألا يكتفي الأبوان بالاستماع إلى الطفل بل أن يحفزاه على طرح التساؤلات وتشجيعه للرد عليها كي ينمي مهاراته اللغوية، حيث أظهرت دراسة من كلية ماساتشوستس للتكنولوجيا أن إمكانات الطفل اللغوية لا تعتمد فقط على عدد المفردات التي يسمعها من بيئته بل تعتمد بشكل كبير على الحوار المتبادل، والذي يعبر فيه الطفل عن نفسه وعن أحاسيسه واهتماماته.
وشددت على أهمية تعويض الأطفال عاطفيا عن الوقت الذي يمضيه أولياء الأمور خارج البيت، حيث توضح دراسات عدة أن الأطفال الذين يقضون أوقاتا طويلة بعيدين عن الوالدين هم الأكثر تأخرا في تطورهم اللغوي، وأن التشجيع والدعم العاطفي يمنح الأطفال الثقة في اختبار كل جديد بالنسبة لهم بما في ذلك نطق الأحرف والكلمات في سنواتهم المبكرة.
ونوهت آل علي، إلى حقيقة أن الأطفال يحبون التكنولوجيا والألواح الذكية، حيث بإمكان الأهل اختيار الألعاب والبرامج والفيديوهات المصممة باللغة العربية الفصحى لأطفالهم، والتي من شأنها أن ترفع المخزون اللغوي لدى الأطفال وتحببهم بلغتهم وتساعدهم على النطق السليم، وتنمي قدراتهم ومهاراتهم في الكتابة والاستماع والتحدث.
وأشارت إلى توصيات "يونيسيف" المعنية بشؤون الطفل وتنميته في تقريرها حول "تنمية الطفولة المبكرة" بأهمية تحفيز الطفل على تعلم النطق منذ لحظة ولادته.. فمنذ الأشهر القليلة الأولى يبدأ الطفل بالإصغاء إلى ما يقال حوله ويبدأ بالتعبير عن رد عندما يتم التوجه إليه بالحديث.. وفي الشهر السابع يبدأ بتمييز الأصوات وفهم اسمه وبعض الكلمات ذات المعنى٬ كما أنه يبدأ مع إتمامه عامه الأول بلفظ بعض الكلمات وفهم معناها ثم يبدأ بمرحلة التعلم السريع للغة مع دخوله العام الثاني.
يذكر أن الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، كان أطلق مبادرة دعم التعليم باللغة العربية بوسائل ذكية في مدارس الشارقة عام 2013، ضمن مبادراته الرامية إلى تطوير قطاع التعليم في الإمارة والمحافظة على اللغة العربية وتحبيبها إلى الأطفال بطريقة عصرية علمية مبسطة.
وفي يناير 2016 اعتمد حاكم الشارقة الهوية الجديدة لمبادرة تعلم اللغة العربية في مدارس الشارقة تحت مسمى "لغتي"، وتمثل هذه المبادرة استجابة تربوية وعلمية لمتطلبات التطور في أساليب التعلم الذكي، التي تؤسس لمجتمع المعرفة وتسهم في الارتقاء بمخرجات التعليم.
وتقضي مبادرة "لغتي" بتزويد جميع طلاب مدارس الشارقة الحكومية في رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية بأجهزة لوحية مع محتوى فريد من نوعه يدعم اللغة العربية إضافة إلى خزائن لحفظ وشحن الأجهزة، ليصل العدد الإجمالي إلى حوالي 25 ألف طالب وطالبة و1000 من الهيئة التدريسية في 80 مدرسة موزعة في جميع مدن إمارة الشارقة.