ماكرون في كاليدونيا الجديدة.. هل ينجح في «إخضاع» الأرخبيل؟
رحلة 20 ساعة بالطائرة، قطع بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نحو 17 ألف كم من العاصمة باريس، إلى كاليدونيا الجديدة، المستعمرة التي تسيطر عليها فرنسا منذ القرن التاسع عشر، محاولا استخدام ورقة الحضور لإخضاع الأرخبيل.
وكاليدونيا الجديدة، هي أرخبيل مكون من عدة جزر، تقع بجوار أستراليا ونيوزيلندا، وتتمسك فرنسا بها، كونها غنية بالنيكل، وثالث أكبر منتج في العالم للمعدن الحيوي في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.
- كاليدونيا الجديدة.. «حرث» فرنسي فوق «ماء الاحتجاجات»
- ماكرون أمام اختبار صعب.. لماذا يندلع العنف في كاليدونيا الجديدة؟
وتعود أهميتها أيضا إلى كونها تقع في منطقة استراتيجية بالمحيط الهادئ، حيث يتزايد صراع النفوذ بين الولايات المتحدة والصين، وهي محور خطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزيادة نفوذ باريس في المحيط الهادئ.
«حزمة حلول»
حاملا مجموعة من الحلول، وصل ماكرون، الخميس، إلى كاليدونيا الجديدة بهدف إعادة الحوار وتسريع عودة النظام في الأرخبيل الفرنسي في جنوب المحيط الهادئ بعد أسبوع من أعمال العنف.
وهبطت طائرة ماكرون حوالي الساعة 21,20 بتوقيت غرينتش الأربعاء (08,20 بالتوقيت المحلي الخميس) في مطار نوميا.
وسيجري الرئيس الفرنسي لقاء لمدة ساعتين على الأقل مع مسؤولين منتخبين وفاعلين اقتصاديين في الأرخبيل اعتبارا من الساعة 23,00 الأربعاء (10,00) بالتوقيت المحلي.
كما أعلن عن تشكيل بعثة مكونة من ثلاثة مسؤولين كبار، سيبقون في كاليدونيا الجديدة "طالما كان ذلك ضروريا، لإجراء حوار سياسي محلي للتوصل إلى اتفاق سياسي شامل.
أهداف الزيارة ودلالتها:
ووفق ما أعلن رئيس الوزراء غابريال أتال أمام مجلس الشيوخ الأربعاء فإن الزيارة تهدف إلى:
- إعادة الحوار بين مختلف الأطراف في كاليدونيا الجديدة.
- تسريع عودة النظام والاستقرار إلى الأرخبيل.
- دفع مسار التسوية السياسية نحو حلّ نهائي.
- إظهار التزام فرنسا العميق بحلّ الأزمة بشكل سلمي ودائم.
- إعطاء دفعة قوية لجهود الحوار والتفاوض بين مختلف الأطراف.
- إرسال رسالة اطمئنان إلى سكان كاليدونيا الجديدة بأنّ فرنسا تقف إلى جانبهم في هذه الأوقات العصيبة.
وقال المفوض السامي للجمهورية في الأرخبيل لوي لو فرانك لوكالة فرانس برس إنه بعد تسعة أيام من العنف "كان الليل هادئا".
وأضاف أن "ردود فعل الطبقة السياسية" على وصول الرئيس "إيجابية إلى حد ما في كلا المعسكرين. ولم تحدث أضرار إضافية ولكن هناك الكثير من الأشياء التي تم تدميرها".
الوضع الحالي والتحديات:
- هدوء نسبي بعد أكثر من أسبوع من العنف.
- ردود فعل إيجابية من الطبقة السياسية على زيارة الرئيس.
- لم تقع المزيد من الأضرار، لكن تمّ تدمير الكثير خلال أعمال العنف.
- لا تزال الأوضاع هشة ومليئة بالتوترات.
- هناك مخاوف من تجدد أعمال العنف.
- ستحتاج الجهود المبذولة لإعادة النظام إلى مزيد من الوقت والجهد.
ومنذ بداية أعمال العنف، قُتل ستة أشخاص، من بينهم اثنان من رجال الدرك، وأصيب نحو 86 شرطيا ودركيا، بحسب وزير السلطات المحلية دومينيك فور.
وأعلن فور أمام النواب، الأربعاء, توقيف 320 شخصا منذ بداية الأزمة، مضيفا أنه تم فرض الإقامة الجبرية على عشرات النشطاء "العنيفين".
الإجراءات المتخذة:
- تشكيل بعثة حكومية رفيعة المستوى لمتابعة الأوضاع.
- إطلاق حوار سياسي شامل بين مختلف الأطراف.
- تعهد الرئيس ماكرون بدعم "مسار تقرير المصير" لكاليدونيا الجديدة.
تأثير الزيارة
• ساهمت في تهدئة الأوضاع ومنع تفاقم الأزمة.
• خلقت مناخا مواتيا للحوار والتفاوض
• أظهرت التزام الحكومة الفرنسية بحلّ الأزمة بشكل عادل وديمقراطي.
خلفيات الأزمة
وتكمن الأزمة في صراع طويل الأمد حول الاستقلال وتقرير المصير، فهناك من يؤمنون بضرورة الاستقلال عن فرنسا، وقد كانت هناك محاولات عدة لتحقيق هذا الغرض وصولا إلى تنظيم استفتاء شعبي
وبالفعل تم تنظيم استفتاء شعبي عام 2021، وجاء التصويت الرافض للاستقلال عن فرنسا بأغلبية كاسحة وصلت إلى نحو 97% من أصوات مواطني كاليدونيا الجديدة، التي يبلغ عدد سكانها 270 ألف نسمة.
ويشكل السكان الأصليون نحو 41%، و37% تقريبا من أصل أوروبي، معظمهم من الفرنسيين، إلى جانب عرقيات أخرى، وفق تقرير لإذاعة مونت كارلو الفرنسية.
وشهدت العاصمة نوميا، مظاهرات كبيرة تحولت إلى أعمال شغب شابها نهب للمتاجر وإغلاق للطرق وإحراق للسيارات وتوقف مطار العاصمة، رفضا لتعديل دستوري يناقشه النواب الفرنسيون يعارضه دعاة الاستقلال في كاليدونيا الجديدة.
ويقول هؤلاء إن التعديل المقترح يسمح لعدد أكبر من الفرنسيين، من خارج الأرخبيل، بالتصويت في انتخابات كاليدونيا الجديدة، على نحو يثير مخاوف من إضعاف أصوات السكان الأصليين.
وتريد فرنسا، من وراء التعديل، منح حقوق التصويت في كاليدونيا الجديدة للمهاجرين الذين عاشوا فيها لمدة 10 سنوات، أي أن من عاشوا فيها بداية من 2014 يحق لهم التصويت.
وساعد اتفاق نوميا لعام 1998 على إنهاء عقد من الصراع أودى بحياة 80 شخصا من خلال تحديد مسار للحكم الذاتي التدريجي، وقصر التصويت بالانتخابات على سكان الكاناك الأصليين والمهاجرين الذين يعيشون في كاليدونيا الجديدة منذ عام 1998 فقط.