كان انجذاب البروتستانت الإنجيليين البيض لدونالد ترامب من أكثر السمات اللافتة في الصعود السياسي للرئيس الأمريكي السابق الساعي بقوة للعودة للبيت الأبيض.
ورفع ترامب من شأن المعتقدات والشخصيات التي كانت تعتبر ذات يوم هامشية أو مجنونة وأصبح الآن عالم "ماغا" أو (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى) مليئًا باللغة والصور المسيحية وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "الإيكونوميست" البريطانية.
والشهر الماضي، تحدث المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس جيه دي فانس، في تجمع من أجل الصلاة لحث الناخبين على التصويت وهو الحدث الذي استضافه لانس والناو الذي اكتسبت تصريحاته شعبية كبيرة في عالم "ماغا".
ولا يقود والناو كنيسة رغم أنه كثيرا ما يزعج رجال الدين التقليديين بسبب استخدامه لعلم الأعداد لتفسير الكتاب المقدس.
ووالناو هو رجل أعمال ومضيف بودكاست صاخب مليء بنظريات المؤامرة، يقدم من خلاله ما يقول إنها "رؤى نبوية" قبل أن يوجه المستمعين إلى متجره على الإنترنت لشراء دبابيس الياقة المرصعة بأحجار الراين المكتوب عليها "أنا أحب ترامب".
إلى جانب والناو، شارك ترامب في عدة مقابلات أجراها معه القس جين بيلي مقدم برنامج "FlashPoint"، الذي كان شعاره "حيث تتماشى السياسة والنبوة".
وخلال المقابلات تحدث ترامب لأنصاره عن الانتخابات باعتبارها معركة ليست بين اليسار واليمين، بل بين الخير والشر.
وبعد المحاولة الأولى لاغتيال ترامب في يوليو/تموز الماضي، قال الإنجيليون إنه نجا بفضل التدخل الإلهي واستشهد العديد منهم بآية تقول: "البسوا سلاح الله الكامل، حتى تتمكنوا من الوقوف ضد مخططات الشيطان".
والحديث عن الشيطان أمر شائع بين المسيحيين من طائفة "الخمسينية" الإنجيلية الذين يقدرون التجارب الخارقة للطبيعة مثل النبوءة ويصرون على الإحياء الروحي قبل المجيء الثاني للمسيح ويعتقد الكثير منهم أن الشر المتجسد موجود وينظرون إلى أنفسهم كلاعبين في معركة كونية ضارية من أجل الخلاص.
ويقول المؤرخ ليا باين، إن "الخمسينيين" هم نوع من الناس الذين قد يصلون من أجل مكان لوقوف السيارات ويرون الحصول عليه بمثابة فوز روحي وتمتد هذه النظرة إلى سياساتهم.
وتشير استطلاعات الرأي التي أجراها عالم السياسة بول دجوب، إلى أن 18٪ من الأمريكيين يتفقون بشدة على أن أنبياء العصر الحديث يواصلون الكشف عن خطط الله للبشرية.
ويعتقد ثلاثة أخماس المؤمنين بالنبوة، أن "الانتخابات المقبلة قد تكون الفرصة الأخيرة لتخليص أمريكا من النفوذ الشيطاني ويقول 50% منهم إن الحرب الأهلية قد تكون ضرورية لإعادة البلاد "إلى المسار الصحيح" بحسب "الإيكونوميست".
في عام 2015، رفضت النخب الإنجيلية المرشح الجمهوري آنذاك دونالد ترامب لكن باولا وايت كين، وهي قسيسة تلفزيونية نارية ذات شعر أشقر، ساعدت في جلب القساوسة إلى جانبها لدعمه.
وتمتد علاقة ترامب ووايت كين لسنوات بعيدة حين رأها على شاشة التلفزيون وأثنى على عملها وفي وقت لاحق اشترت شقة في برج ترامب.
ومثلما كان ترامب دخيلا على عالم السياسة، تعرضت واين كين للسخرية لفترة طويلة وذات مرة وصفها راسل مور، عالم اللاهوت المعمداني الذي يحرر مجلة "كريستيانيتي توداي" التي تعد ركيزة أساسية للإنجيلية النخبوية، بأنها "دجالة".
وحتى لو لم يتمكن من تسمية آية الكتاب المقدس المفضلة لديه فإن ترامب يتقن لغة الاستشهاد والنضال والإحياء التي حركت اليمين المسيحي منذ منتصف القرن العشرين، عندما حظرت المحكمة العليا بعض الأنشطة الطائفية في المؤسسات العامة.
وزعمت إليزابيث كاستيلي، أستاذة الدين، أن "عقدة الاضطهاد المسيحي" هذه تربط بين تقليد "المراثي" وسياسات الهوية لاستحضار "رؤية طوباوية للخطر الوشيك والإصابة الأخلاقية، والنضال الجماعي والمثابرة، والتمسك بوعد الفداء" وهي أمور تشبه ترامب.
وفي يوليو/تموز الماضي، قال ترامب لـ"مسيحييه الجميلين" إنه في غضون 4 سنوات "سنصلح الأمر جيدا، ولن تضطروا إلى التصويت".