«أبوحذيفة».. تفاصيل اللحظات الأخيرة لـ«رأس ثعبان الإرهاب» في مالي
هل جازف جيش مالي بدخول منطقة خاضعة لداعش لقتل أحد أبرز قيادي التنظيم؟ وكيف تم التعرف عليه وما مصير المكافأة الأمريكية مقابل رأسه؟
أسئلة كثيرة فجرها إعلان جيش مالي، قبل أسبوع، مقتل قيادي بارز في داعش يدعى أبوحذيفة ويعرف أيضا بـ"هيغو"، في عملية نوعية قال إنه نفذها شمالا.
فهل كانت العملية عسكرية بحتة أم أن الرصاصة الأخيرة سبقتها حلقات عديدة قامت بتجهيزها أطراف أخرى موالية للجيش؟
وكيف تم التأكد من هوية أبوحذيفة في وقت غالبا ما يصعب فيه التعرف إلى إرهابيين عادة ما تغيب هوياتهم الحقيقية وسط زحمة الألقاب التمويهية؟
المكان والهوية
جيش مالي نفسه، سواء في بيانه الصحفي أو في المعلومات التي نقلها للتلفزيون الرسمي، لم يقدم أي تفاصيل عن العملية، مكتفيا بالقول إنها "واسعة النطاق".
وأضاف أن "تحديد الهوية والقرائن التي تم جمعها تؤكد وفاة أبوحذيفة، دون أن يوضح ما إذا كانت هويته مرئية بشكل صارم، أو أنه تم التعرف عليه ببساطة، أو إذا وجدت وثائق هوية أو أي شيء آخر معه أو في مخبئه.
وفي ظل غياب توضيحات من جانب الجيش، أكدت مصادر أمنية في مالي، في تصريحات نقلها إعلام محلي، أن العملية جرت في منطقة تاسوبارات، جنوب شرق إنديليمان، بالقرب من الحدود مع النيجر.
وأشارت المصادر إلى أن أبوحذيفة كان يختبى في ذلك المكان مع حوالي 10 رجال، وكان من الصعب أن يتم اكتشاف مخبئه من قبل الجيش.
ويبدو أن القيادي الإرهابي كان مطمئنا لوجوده في مكان عتي على قوات الجيش، ولذلك كان يتحرك ليلا ويلوذ بمخبئه نهارا.
لكن مقاتلي حركة تحرير أزواد لعبوا دورا حاسما في العملية، فبحكم درايتهم الدقيقة بالمنطقة وسكانها، تمكنوا من اكتشاف مخبأ الإرهابي وتيسير مهمة الجيش في اصطياده.
كيف ذلك؟
وحركة تحرير أزواد جماعة مسلحة من منطقة ميناكا (شمال)، تتألف بشكل رئيسي من الطوارق، وتقاتل إلى جانب الجيش المالي، أي أنها موالية لباماكو.
جدير بالذكر أنه عندما شن تنظيم داعش الإرهابي بمنطقة الساحل، في مارس/آذار 2022، هجومه الواسع على منطقة ميناكا، كانت الحركة المسلحة تقاتل وحدها في محاولة لحماية وإنقاذ السكان.
واليوم، تخضع منطقة ميناكا بأكملها تقريبا، إضافة إلى جزء من منطقة غاو، لسيطرة إرهابيي داعش.
وحسب إحصاء للمجتمعات المحلية، تسبب هجوم داعش في مقتل أكثر من ألف شخص، ولم تتمكن حركة تحرير أزواد من صد تقدم التنظيم بالمنطقة.
ولذلك، اختارت الحركة المسلحة التحالف مع الجيش عبر التنسيق معه خصوصا في تقديم المعلومات، وهذا ما مكن الجنود من الدخول إلى منطقة ميناكا الخاضعة للإرهابيين.
وهكذا، وبفضل معلومات دقيقة حصلت عليها الحركة، تمكنت من العثور على أبوحذيفة، أو هيغو، الرمز الذي تطلقه عليه القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا.
وفي الواقع، فإن مقاتلي حركة تحرير أزواد هم من تعرف على الإرهابي وهم أيضا من قتله، لكن بما أنهم فعلوا ذلك تحت راية الجيش، فإن الإنجاز يحسب آليا للأخير.
والدليل على ذلك هو أن موسى أغ الشراتوماني، الأمين العام لحركة تحرير أزواد، كان أول من أعلن مقتل هيغو، في منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ولم يغفل أغ الشراتوماني التأكيد بوضوح على أن الجيش من قاد العملية، قبل أن يقوم الأخير، في اليوم التالي، بالإعلان عن النجاح العسكري.
لماذا تطلب أمريكا رأسه؟
5 مليون دولار، أي ما يعادل نحو 3.4 مليار فرنك أفريقي، رصدتها واشنطن ثمنا لرأس أبوحذيفة بعد هجوم استهدف بلدة نيجرية في أكتوبر/تشرين أول 2017 وأوقع 4 قتلى من الجنود الأمريكيين.
وشارك أبوحذيفة شخصيا في ذلك الكمين، وهذا ما برز في صورة نادرة متداولة للإرهابي يظهر فيها حاملا سلاحا مسروقا من الجنود الأمريكيين في بلدة تونغو بالنيجر، حيث نصبت عناصر من داعش كمينا لقوات أمريكية ونيجرية.
ولذلك، عرضت الولايات المتحدة تلك المكافأة لأي شخص يمكنه تقديم معلومات يمكن أن تساعد في العثور عليه، بالإضافة إلى 6 إرهابيين آخرين متورطين في الهجوم.
وبالفعل، قُتل العديد من هؤلاء المطلوبين، وبمقتل أبوحذيفة، لم يتبق سوى إرهابي واحد لم تطله أيادي جيش مالي والمجموعات المسلحة الموالية له.
aXA6IDMuMTM5LjIzNS4xNzcg جزيرة ام اند امز