منذ 24 مايو/أيار 2021 أصبحت مالي في دائرة الضوء الدولية بسبب الانقلاب الذي قاده قاسمي غويتا، والذي شكّل تغييراً كبيراً في سياسة البلاد.
ومن بين التدابير المتّخذة آنذاك كان رحيل القوات الفرنسية، ثم بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة المهام لتحقيق الاستقرار في مالي المعروفة اختصاراً باسم (مينوسما).
وقد واجهت البعثة الأممية تحدّيات كبيرة منذ انتشارها في عام 2013، حيث فقدت أرواح أكثر من 300 عنصر من جنود حفظ السلام، مما يجعلها المهمة الأكثر دموية في تاريخ الأمم المتحدة.
وفي 30 يونيو/حزيران الماضي أنهت البعثة الأممية لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) ولايتها وأعلنت انسحابها الذي بدأ في 1 يوليو/تموز الماضي، ومن المتوقع أن ينتهي في 31 ديسمبر/كانون الثاني المقبل.
وخلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي شهدت بعثة "مينومسا" انخفاضاً كبيراً في تعدادها، حيث غادر 5802 جندي مالي اعتباراً من 25 أكتوبر/تشرين الأول. وفي السابق كان عدد جنود البعثة الأممية أكثر من 15 ألف عنصر.
كان انسحاب بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) من شمال البلاد معقّداً، حيث حاولت الجماعات الإرهابية مثل تنظيم "القاعدة" ومتمردي شمال مالي السيطرة على القواعد المتبقية، بينما سعت الحكومة إلى خروج منظم للقوات.
وفي ميناكا، أغلقت البعثة معسكرها في 25 أغسطس/آب الماضي، وفي 27 سبتمبر/أيلول غادر آخر رجال الدرك البوركينابيين منطقة تمبكتو، في بير وديري ونيافونكي وجودام.
وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) الانسحاب الكامل لقواتها من كيدال، ونُقِل الجنود من تلك المنطقة إلى غاو بعد يومين.
من هذه النقطة نشأت التوترات داخل البعثة الأممية في مالي، حيث حاولت الحكومة فرض كيفية تنفيذ عمليات الانسحاب، على الرغم من إعلانها أنه لم تعد هناك حاجة لدور البعثة الأممية لتحقيق الاستقرار في مالي.
وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، أفادت بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي أن الظروف التي غادرت فيها معسكري تيساليت وأغيلهوك في منطقة كيدال عرضت حياة أعضائها للخطر، بما في ذلك إطلاق النار عليهم في إحدى طائراتها يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول في تيساليت.
وأخيراً، اضطروا إلى التخلي عن أغيلهوك في 21 أكتوبر/تشرين الأول دون تسليمها إلى القوات المسلحة المالية، وتيساليت في 23 أكتوبر/تشرين الأول، ووصلوا إلى غاو في 29 أكتوبر/تشرين الأول بعد عبورهم 550 كيلومتراً من الأراضي التي ينشط فيها الإرهابيون.
وأعربت السلطات المالية عن غضبها من خلال حظر الرحلات الجوية لنقل جزء من قوات حفظ السلام الموجودة في أغيلهوك بالطائرة إلى كيدال لإعادتهم لاحقاً إلى تشاد، بالإضافة إلى منع القوافل اللوجستية التابعة للبعثة المكونة من 200 شاحنة من مغادرة غاو لاستعادة فرق الأمم المتحدة في أغيلهوك وتيساليت وكيدال، مما قوّض العملية.
واضطرت فرقة أغيلهوك إلى الانضمام برّاً إلى القافلة القادمة من شمال مالي من تيساليت، حيث واجهت ظروفاً محفوفة بالمخاطر، بما في ذلك تعرضها لهجوم من قبل إرهابيي "القاعدة" في مناسبتين.
وفي 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تمكنت آخر قافلة من قوات حفظ السلام التوغولية التي غادرت دوينتزا في اليوم السابق من الوصول إلى سيفاري.
استمرت الهجمات، وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول، تعرّضت قافلة البعثة الأممية من الوحدة النيجيرية التي كانت متجهة من أنسونغو إلى لابيزانغا في منطقة غاو إلى الهجوم على بعد 50 كيلومتراً جنوب أنسونغو، وأخيراً تم تسليم معسكر كيدال في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إيذانا بانتهاء وجودها في تلك المنطقة شمالي مالي.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الجاري استمرت الهجمات ضد قوافل البعثة الأممية، وفي الفاتح من نفس الشهر تم استهدافها مجدداً بهجوم بعبوة ناسفة، وهو الهجوم الثالث من نوعه منذ مغادرة القافلة من كيدال في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولا يزال الوضع محفوفاً بالمخاطر وخطيراً بالنسبة لقوات حفظ السلام العاملة في المنطقة.
كان ينبغي على مالي أن تدرك أنه مع انسحاب القوات الأجنبية سيبقى في المتوسط فرد واحد من قوات الأمن لتغطية 35 كيلومتراً مربعاً من الأراضي، وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة أعمال العنف والمزيد من الهجمات للاستيلاء على معسكرات البعثة الأممية "مينوسما".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة