كورونا ينهك "القارة العجوز".. كيف اختلفت إدارة الأزمة في أوروبا؟
الحكومة الفرنسية شددت اللهجة وعززت الاحتواء في محاولة لوقف انتشار الفيروس، ولكن ماذا عن جيرانها؟
اختلفت الطرق التي تعاملت بها دول الاتحاد الأوروبي المختلفة مع أزمة تفشي فيروس كورونا الجديد "كوفيد - 19".
الحكومة الفرنسية شددت اللهجة وعززت الاحتواء في محاولة لوقف انتشار الفيروس، ولكن ماذا عن جيرانها؟
نشرت صحيفة "فرانس2" مقارنة بين كيفية التعاطي في فرنسا و هولندا و بلجيكا وبريطانيا لأزمة وباء فيروس الكورونا.
فرنسا
من بين البلدان الأربعة، كانت فرنسا هي الأكثر و الأسرع تأثراً، وبالتالي هي الدولة التي اتخذت أسرع الإجراءات الصارمة.
ومنذ نهاية شهر فبراير/شباط الماضي، حظرت المحافظات الفرنسية بشكل تدريجي التجمعات لاأكثر من 5000 شخص "في بيئات محصورة"، ثم تلك التي تضم أكثر من 1000 شخص وأخيرًا تلك التي تضم أكثر من 100 شخص، حتى الحظر على جميع التجمعات في إطار الاحتواء، وقبل ذلك، كانت المدارس قد أغلقت بالفعل في 16 مارس/أذار.
وبالتالي ، تم حجر الفرنسيين في منازلهم منذ 17 مارس/أذار (ولمدة تقديرية لا تقل عن 6 أسابيع).
وتعين على الفرنسيين حماية أنفسهم من الاستجواب من خلال تبرير أي تحركات يقومون بها (التسوق ، الصحة ، رعاية الطفل أو ممارسة الرياضة البدنية).
وفرضت الشرطة والدرك أولاً 135 يورو، ثم 375 يورو اعتبارا من 18 مارس كغرامات على من يخالف قوانين الحظر.
وفي نورد با دو كاليه، تم احتجاز العديد من الأشخاص من قبل الشرطة، كما هو الحال في برواي لا بويسيير، بعد مخالفتهم لتعليمات الحجر المنزلي.
ونفذت العديد من المدن حظر التجول للحد من التنقل في المساء كما في أراس ، كريل ، كومبيين ، واسكهال أو أولنوي-أيمريز.
بلجيكا
وفي بلجيكا، التي تضررت من الوباء بعد فرنسا، بأيام قليلة، كان الارتباك هو السائد في التعاطي مع الأزمة في أيامها الأولى ما أفضى للتأخير بسبب عدم وجود حكومة رسمية تقود البلاد منذ ديسمبر/كانون الأول 2018.
وعندما تم الكشف عن الحالات الأولى، كانت التدابير أكثر مرونة ومختلفة تمامًا عن تلك المتخذة في فرنسا.
ففي مدينة حدودية مع فرنسا، تم الكشف عن 8 حالات في أوائل مارس/أذار، بما في ذلك مدرس، غير أن المدرسة لم تغلق ولم يقضي الطلاب عطلة الأسبوعين.
ولم يكن حتى 11 مارس/أذار حالة من الاستنفار بعد أول 3 وفيات في بلجيكا.
وفي اليوم التالي، وضعت مدينة كنوك هايست (33000 نسمة) نفسها في الحجر الصحي.
وفي 13 مارس/أذار، أعلنت الحكومة البلجيكية عن سلسلة من الإجراءات الجذرية: ليتم إغلاق المدارس (حتى 3 أبريل/نيسان)، وكذلك المقاهي والمطاعم والنوادي الليلية.
وألغيت التجمعات "بغض النظر عن الحجم والطبيعة".
وحظرت بلجيكا السفر إلى الخارج إن "لم يكن ضروريًا"، ومنذ الثلاثاء 24 مارس/أذار، يستعد مطار شارلروا أيضًا لإغلاق أبوابه لمدة أسبوعين.
المملكة المتحدة
على نقيض فرنسا وبلجيكا، كان رد فعل المملكة المتحدة متأخرًا جدًا تجاه "كوفيد-19" منذ أن أعلنت عن استراتيجيتها الأولى "الحصانة الجماعية".
وهو مفهوم علمي ذكره المستشار العلمي الحكومي باتريك فاليانس.
وتعتبر "الحصانة الجماعية"، إحدى أشكال الحماية غير المباشرة من مرض معد، ويحدث عندما تكتسب نسبة كبيرة من المجتمع مناعة لعدوى معينة، إما بسبب الإصابة بها سابقا أو التلقيح، مما يوفر حماية للأفراد الذين ليس لديهم مناعة للمرض.
وهو نهج محفوف بالمخاطر، لأنه لكي ينجح يجب أن يكون 60٪ من السكان مصابين.
وقال رئيس الوزراء بوريس جونسون في 12 مارس/أذار في مؤتمر صحفي: "يجب أن أكون صادقا مع الجمهور البريطاني: ستفقد العديد من الأسر أحبائها قبل الأوان".
وواجهت الحكومة انتقادات بسبب افتقارها إلى التدابير، ما دفعها للرد في 15 مارس/أذار أن "الحصانة الجماعية ليست هدفنا ولا سياستنا".
وفي 17 مارس/أذار، بينما كانت فرنسا تفرض الحجر المنزلي، أوصي جونسون البريطانيين بتجنب أي اتصال وانتقال غير ضروريين، وأكد أنه "ليس من الضروري" إغلاق المدارس ، وحظر التجمعات أو إغلاق الأماكن العامة.
لكنه عاد في 20 مارس/أذار وأغلق المدارس، واتخذت الحكومتين المحليتين الويلزية والاسكتلندية زمام المبادرة.
في 20 مارس/آذار ، تم اتخاذ الخطوة التالية بإغلاق الحانات والمطاعم ودور السينما والمسارح والصالات الرياضية، وتعهدت الحكومة بتغطية 80٪ من الرواتب.
ووفقًا لـ صحيفة ليبيراسيون ، تم اتخاذ الإجراء بعد تهديد من إيمانويل ماكرون بإغلاق الحدود بين البلدين.
وطلبت الحكومة البريطانية يوم الأحد الماضي من البريطانيين الأكثر ضعفا - 1.5 مليون شخص - البقاء في منازلهم لمدة 3 أشهر.
والإثنين، تم فرض الحجر المنزلي لمدة 3 أسابيع، في حين أن هناك 300 ضحية في البلاد، كما تم فرض قيود سفر هي نفسها كما في فرنسا وبلجيكا، وحظر التجمع لأكثر من شخصين.
هولندا
وإن انتهى الأمر ببريطانيا إلى مراجعة استراتيجيتها في مواجهة تطور الوباء، فالأمر كان مختلفا تماما في هولندا التي تبنت استراتيجية "الحصانة الجماعية" منذ البداية.
وحذر رئيس الوزراء مارك روتي في 16 مارس/آذار من أن "الحقيقة هي أنه في المستقبل القريب سيصاب عدد كبير من السكان".
وأضاف: "هذا ما يخبرنا به الخبراء. إنهم يقولون أيضا، بينما ننتظر لقاح أو دواء، نستطيع إبطاء انتشار الفيروس وفي نفس الوقت تشكيل مناعة جماعية بطريقة منظمة".
وفي الليلة التي أعلن فيها ماكرون الحجر المنزلي بفرنسا، استبعد رئيس الحكومة الهولندية الليبرالية المحافظة هذا الخيار، بحجة أنه "في هذا السيناريو ، يجب أن نغلق بلدنا لمدة عام أو أكثر، مع كل العواقب، ويمكن أن يظهر الفيروس مرة أخرى على الفور إذا تم سحب التدابير".
ومع ذلك، أمر رئيس الحكومة الهولندية في 15 مارس/أذار بإغلاق المدارس والحانات والمطاعم والمقاهي حتى 6 أبريل/نيسان المقبل.
في 18 مارس/أذار، ألقى وزير الرعاية الطبية خطابًا خافتًا في البرلمان خلال نقاش مخصص لـكوفيد-19، مشيرا على تويتر إلى معاناته من "الإرهاق" بسبب "الأسابيع المكثفة"، واستقال بعد ذلك بيومين.
وعلى الرغم من محاولات الحكومة الهولندية للحفاظ على اقتصاد البلاد، إلا أنها تأثرت إذ ألقى منتجو الزهور الملايين من زهور التوليب أو الورود أو الأقحوان، 70٪ إلى 80٪ من الإنتاج الإجمالي من الزهور المخصصة للدول الأوروبية الأخرى والتي لم يتم بيعها.
والثلاثاء، أقرت الحكومة حظر تجمعات أكثر من 100 شخص مع عقوبة الغرامة المالية، حتى 1 يونيو/حزيران القادم.